الغلاء يضرب المغاربة..والأغلبية الحكومية غارقة في الصراعات الانتخابية

الغلاء يضرب المغاربة..والأغلبية الحكومية غارقة في الصراعات الانتخابية
ديكريبتاج / الأحد 02 فبراير 2025 13:56:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

بينما يعاني المواطن المغربي من وطأة الغلاء وتردي القدرة الشرائية، تتحول الأغلبية الحكومية إلى ساحة صراع انتخابي مبكر، حيث تنشغل الأحزاب المكونة للحكومة بإعادة ترتيب صفوفها استعدادًا للاستحقاقات التشريعية المقبلة. هذا المشهد يطرح تساؤلات كبيرة حول مدى قدرة هذه الأحزاب على تحمّل مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار.

منذ أن تولى عزيز أخنوش رئاسة الحكومة، شهد المغرب تدهورًا اقتصاديًا غير مسبوق، تمثل في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الأساسية، خاصة الغذائية منها، رغم أن المغرب يُعتبر بلدًا فلاحيًا بامتياز. ومع ذلك، بدل أن تعترف الحكومة بفشل سياساتها، خاصة تلك المتعلقة بـ"مخطط المغرب الأخضر" الذي كان أخنوش نفسه أحد مهندسيه خلال فترة توليه وزارة الفلاحة، تواصل تبني استراتيجية الهروب إلى الأمام. 

الحكومة تروج لسردية النجاح الزائف، محاولة إلقاء اللوم على العوامل الخارجية، مثل تداعيات الأزمات العالمية، بينما يزداد المواطن المغربي فقرًا وعجزًا عن تلبية احتياجاته الأساسية. واقع الأسواق يكذب الخطاب الرسمي، حيث تُظهر الأرقام أن الفئات الهشة والمتوسطة هي الأكثر تضررًا من سياسات الدعم التي تفضل مصالح لوبيات الاقتصاد على حساب المواطن البسيط.

في مشهد يفتقر إلى المسؤولية السياسية، تبدو أحزاب الأغلبية الحكومية أكثر انشغالًا بالتحضير للانتخابات المقبلة من معالجة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغاربة. بدأت بعض هذه الأحزاب في تلميع صورتها إعلاميًا، محاولة تقديم نفسها كقادرة على "إصلاح" الأوضاع، متناسية أنها كانت شريكًا أساسيًا في صناعة الأزمة.

المفارقة تكمن في أن الأحزاب نفسها التي دافعت عن سياسات أخنوش وصوتت لصالحها داخل البرلمان، تسعى اليوم إلى إعادة تموضع نفسها كبديل "إصلاحي"، وكأنها لم تكن جزءًا من الفشل الحكومي الذي يعاني منه المغاربة اليوم.

في الوقت الذي تُظهر فيه الأغلبية الحكومية عجزًا واضحًا عن إدارة الأزمة، تبقى المعارضة السياسية بعيدة عن تقديم بدائل حقيقية. الأحزاب التي يفترض أن تكون صوتًا للشعب داخل البرلمان، اكتفت بردود فعل هامشية، لا ترقى إلى مستوى الضغط الحقيقي على الحكومة لتغيير سياساتها الفاشلة.

بعض الأحزاب المعارضة تحولت إلى مجرد ديكور سياسي، لا يتحرك إلا مع اقتراب المواعيد الانتخابية، حيث تسعى إلى استغلال الأزمة لإحراج الحكومة، دون تقديم حلول عملية قادرة على إقناع الناخب المغربي. هذا الصمت المريب يطرح تساؤلات حول مدى استقلالية هذه الأحزاب وقدرتها على تمثيل مطالب الشعب.

مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، يبدو المشهد السياسي أكثر تعقيدًا وضبابية. الفاعلون السياسيون يحاولون إعادة تدوير نفس الأساليب التي أثبتت فشلها في السابق، من وعود انتخابية براقة إلى خطابات إصلاحية غير واقعية. 

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل سيقع الناخب المغربي مرة أخرى في فخ الوعود الكاذبة؟ أم أن الوعي الشعبي قد تطور لدرجة تجعله قادرًا على محاسبة من أوصل البلاد إلى هذا الوضع المأساوي؟

الأكيد أن المواطن المغربي لم يعد يتحمل المزيد من التجارب الفاشلة، وأن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها اليوم ستكون محددًا رئيسيًا في أي معادلة سياسية قادمة. الحكومة والأحزاب السياسية، سواء في الأغلبية أو المعارضة، مدعوة إلى إعادة النظر في سياساتها ووضع مصلحة المواطن فوق أي اعتبارات أخرى. 

فإما أن تتعلم الطبقة السياسية من أخطاء الماضي، وإما أن تدفع الثمن في صناديق الاقتراع.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك