أنتلجنسيا المغرب:ب.ع الاله
تشهد الأغلبية الحكومية في المغرب أزمات سياسية غير مسبوقة، مع احتدام الصراعات بين أقطاب التحالف الثلاثي، وخصوصًا بين حزب التجمع الوطني للأحرار، قائد الحكومة، وحزب الأصالة والمعاصرة، حليفه الأساسي. هذه الخلافات، التي أضحت علنية في الأشهر الأخيرة، أثارت جدلًا واسعًا حول قدرة هذا التحالف على الصمود حتى انتخابات 2026، وسط تزايد الانتقادات الشعبية لسياسات الحكومة التي يُتهم أعضاؤها بخدمة مصالحهم الخاصة على حساب المواطنين.
من أبرز النقاط التي تشعل الغضب الشعبي هي التعيينات في المناصب العليا، التي يبدو أنها أصبحت حكرًا على المقربين من الأحزاب السياسية المكونة للأغلبية. بدلًا من احترام الكفاءة وتكافؤ الفرص، باتت هذه المناصب تُمنح كـ"جوائز ولاء حزبي"، مما يثير الشكوك حول نزاهة العملية السياسية برمتها.
وفي نفس السياق، تظل معاشات الوزراء محور استياء شعبي كبير. فكيف يمكن لوزير أن يقضي بضعة أشهر في منصبه ليضمن معاشًا سمينًا مدى الحياة، في وقت يكافح فيه المواطن العادي لتأمين قوت يومه؟ هذه الامتيازات تُعمّق الفجوة بين الشعب والنخبة السياسية، وتزيد من تآكل الثقة في الحكومة.
أزمة الثقة ودعوات للمحاسبة
في ظل هذا الوضع، تتصاعد الدعوات إلى محاسبة شاملة لأعضاء الحكومة، تشمل جردًا دقيقًا لممتلكاتهم قبل وبعد تولي المناصب الوزارية. الهدف هو الكشف عن أي مظاهر "غنى سياسي" استفادت منه هذه النخبة، وإثبات ما إذا كانت الحكومة قد التزمت بخدمة مصلحة المواطن أم أنها كرّست جهودها لتحقيق مكاسب شخصية.
الأزمة الحالية داخل الأغلبية الحكومية ليست مجرد أزمة عابرة، بل تعكس خللًا جوهريًا في آليات العمل السياسي داخل التحالف. ومع اقتراب انتخابات 2026، يزداد التساؤل حول قدرة هذا التحالف على تجاوز خلافاته وضمان استمراريته، خاصة في ظل تنامي الغضب الشعبي واستعداد الأحزاب المعارضة لاستغلال هذه الهشاشة.
الأغلبية الحكومية تجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق حاسم. إما أن تراجع سياساتها، وتعيد بناء جسور الثقة مع المواطن عبر إصلاحات حقيقية وقرارات شجاعة، أو أن تتحمل نتائج سياساتها في صناديق الاقتراع، حيث ستكون الكلمة الأخيرة للشعب الذي لم يعد يقبل بسياسات الامتيازات والولاءات الحزبية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك