أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
وسط تصاعد أزمة البطالة في المغرب ووصولها إلى مستويات قياسية، تجاوزت نسبة 21% بين الشباب، يجد هؤلاء أنفسهم محاصرين بين الوعود الحكومية المتكررة والإجراءات التي لا تلامس واقعهم.
في هذا السياق، أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بقيادة الوزير محمد المهدي بنسعيد، عن إطلاق "جواز الشباب"، الذي يُروج له كوسيلة لتحسين حياة الشباب عبر تمكينهم من خدمات رياضية وثقافية وصحية بأسعار تفضيلية، بالإضافة إلى تسهيلات مصرفية.
البطالة:الجرح المفتوح
لا يمكن إنكار أن البطالة تمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الشباب المغربي. ورغم الخطابات الرسمية التي تؤكد التزام الحكومة بمعالجة هذه الأزمة، فإن الأرقام تكشف عن واقع مختلف. فالبطالة بين الشباب الحاصلين على شهادات عليا تفوق 40%، وهي نسبة تعكس إخفاق السياسات الحكومية في خلق فرص عمل كافية. هذا الوضع يدفع الكثير من الشباب نحو الإحباط أو التفكير في الهجرة كحل أخير.جواز الشباب:حلم أم وهم؟
أثار إعلان الوزير بنسعيد عن تعميم "جواز الشباب" نقاشًا واسعًا حول فعالية هذه المبادرة. الجواز الذي يُفترض أن يمنح حامليه تسهيلات في الولوج إلى الأنشطة الرياضية والثقافية والصحية والخدمات البنكية، قوبل بانتقادات واسعة من خبراء ومتابعين، اعتبروه خطوة تجميلية تهدف إلى صرف الأنظار عن المشكلات الحقيقية.يُتساءل عن جدوى تقديم تسهيلات رياضية وثقافية في ظل غياب برامج شاملة لدعم الشباب اقتصاديًا وتأمين مستقبلهم المهني. كيف يمكن لشاب عاطل عن العمل، يفتقر إلى دخل ثابت، أن يستفيد من عروض ترفيهية بينما يعاني من ضغوط معيشية متزايدة؟
حكومة أخنوش في دائرة الانتقاد
حكومة أخنوش في دائرة الانتقاد
تتحمل حكومة عزيز أخنوش جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن تفاقم أزمة البطالة. فمنذ توليها السلطة، وعدت بإطلاق برامج ضخمة لإحداث فرص شغل، لكنها أخفقت في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض. وعلى الرغم من تخصيص ميزانيات ضخمة لمبادرات مثل "فرصة" و"أوراش"، فإن هذه البرامج لم تنجح في تحسين الوضع.
بدلًا من التركيز على إحداث تغييرات جذرية في السياسات الاقتصادية، يبدو أن الحكومة تكتفي بتقديم حلول تجميلية أو إجراءات مؤقتة لا تعالج أصل المشكلة. "جواز الشباب" قد يكون مثالًا صارخًا لهذا النهج، حيث يركز على تحسين صورة الحكومة أكثر من تحسين حياة المواطنين.
الشباب بين الإحباط والغضب
في ظل هذه الظروف، يشعر العديد من الشباب المغربي بالتهميش والإقصاء. الاحتجاجات التي تشهدها مختلف المدن، سواء بسبب البطالة أو غلاء المعيشة، تعكس حجم الغضب والإحباط المتزايدين في صفوف الشباب. هؤلاء يطالبون بسياسات تركز على خلق فرص عمل حقيقية، دعم المقاولات الناشئة، وتعزيز الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.المطلوب:خطة شاملة
لحل أزمة البطالة، تحتاج الحكومة إلى اعتماد نهج شامل يركز على:- تعزيز الاستثمار في القطاعات المنتجة مثل الفلاحة، الصناعة، والتكنولوجيا.
- إصلاح النظام التعليمي ليتماشى مع متطلبات سوق العمل.
- إطلاق برامج دعم ريادة الأعمال وتوفير تمويلات ميسرة للمشاريع الشبابية.
- محاربة الريع والفساد الذي يعيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
هل سيُغير "جواز الشباب" الواقع؟
رغم أهمية أي مبادرة تهدف إلى تحسين وضع الشباب، يبقى السؤال الكبير: هل يمكن لمبادرة مثل "جواز الشباب" أن تُحدث تغييرًا ملموسًا في حياة الشباب؟ الواقع يشير إلى أن الحلول الجزئية لن تكون كافية في مواجهة أزمة بحجم البطالة المتفاقمة.إذا أرادت حكومة أخنوش أن تكسب ثقة الشباب المغربي، فعليها التحرك بخطوات جدية وجريئة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة بدل الاكتفاء بحلول سطحية قد تزيد من شعور الشباب بالتهميش والغضب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك