السياسيون المغاربة وتجاهل الأمازيغية..خيانة دستورية أم استهتار بالهوية؟

السياسيون المغاربة وتجاهل الأمازيغية..خيانة دستورية أم استهتار بالهوية؟
ديكريبتاج / الإثنين 20 يناير 2025 10:30:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

في ظل التعدد اللغوي والثقافي الذي يميز المغرب، تظل اللغة الأمازيغية واحدة من أبرز المكونات الهوياتية التي تواجه تحديات كبيرة في تحقيق مكانتها كركيزة أساسية في المشهد السياسي والإداري بالمملكة.

 ورغم الاعتراف الدستوري بها كلغة رسمية إلى جانب العربية منذ عام 2011، إلا أن حضورها الفعلي في الخطاب السياسي والتدبير اليومي للشأن العام ما زال خجولًا، ما يطرح تساؤلات حول جدية الفاعلين السياسيين في ترجمة النصوص الدستورية إلى واقع ملموس.

التجربة الكندية: درس في التعددية اللغوية

يشكل النموذج الكندي مصدر إلهام للدول متعددة الثقافات، حيث تمكنت كندا من صياغة سياسات لغوية متقدمة تضمن استخدام الإنجليزية والفرنسية كلغتين رسميتين في كافة مستويات الدولة. ورغم الاختلافات بين السياقين المغربي والكندي، إلا أن المغرب يمكنه الاستفادة من هذه التجربة لتعزيز حضور الأمازيغية، خاصة في مجالات التعليم والإدارة والخطاب السياسي.

في كندا، لا يُعتبر استخدام اللغة الفرنسية خيارًا بل التزامًا قانونيًا يعكس احترام الدولة لتنوعها الثقافي واللغوي.

 في المقابل، لا تزال الأمازيغية في المغرب محصورة في نطاق رمزي رغم الجهود التي تبذلها المعاهد المتخصصة والهيئات الرسمية لتعزيز مكانتها.

رغم أن عددًا من السياسيين المغاربة يفتخرون بأصولهم الأمازيغية ويستخدمون اللغة في خطاباتهم، إلا أن هذا الجهد يظل فرديًا وموسميًا. 

الخطاب الرسمي غالبًا ما يقتصر على اللغة العربية، مع غياب شبه تام للأمازيغية، حتى في المناطق التي تشكل فيها هذه اللغة هوية ثقافية أساسية للسكان. هذا الواقع يثير أسئلة حول جدية الأحزاب السياسية في إدماج الأمازيغية ضمن استراتيجياتها، وعن مدى قدرتها على جعل اللغة جزءًا لا يتجزأ من المشروع الديمقراطي.

يواجه تفعيل الأمازيغية عراقيل عديدة، أبرزها نقص الكفاءات البشرية المؤهلة لاستخدامها في الإدارة والقضاء والتعليم. 

كما أن غياب إرادة سياسية حقيقية يدفع العديد إلى اعتبار الأمازيغية مجرد شعار يُرفع لتحقيق مكاسب سياسية ظرفية.

 إضافة إلى ذلك، فإن العوائق الثقافية والاجتماعية تظل من بين الأسباب التي تؤثر على انتشار اللغة في مختلف أرجاء المغرب.

يبقى المواطن المغربي، الناطق بالأمازيغية، أكبر المتضررين من هذا التهميش اللغوي.

 ففي مناطق مثل الأطلس وسوس والريف، يواجه السكان صعوبات يومية في التعامل مع الإدارة بسبب عدم التحدث باللغة الرسمية للدولة، ما يجعلهم يشعرون بالإقصاء من العملية التنموية.

لتجاوز هذه التحديات، يجب على المغرب تبني سياسات واضحة وجريئة، مستلهمة من التجربة الكندية، لتعزيز مكانة الأمازيغية. ومن بين هذه المقترحات:

1. إلزامية استخدام الأمازيغية في خطابات المسؤولين والوثائق الرسمية.

2. إدماج الأمازيغية في التعليم بشكل يضمن استمراريتها عبر الأجيال.

3. تكوين الموارد البشرية المؤهلة لاستخدام الأمازيغية في الإدارة والمحاكم.

4. تشجيع الأحزاب السياسية على دمج الأمازيغية ضمن برامجها وخطاباتها.

الأمازيغية ليست مجرد لغة، بل هي هوية وحضارة تعكس غنى المغرب الثقافي والتاريخي. 

تعزيز حضورها في الخطاب السياسي والإداري ليس خيارًا بل ضرورة لضمان عدالة لغوية وثقافية، وتفادي التهميش الذي قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الاجتماعية.

 يبقى السؤال: هل يملك السياسيون المغاربة الجرأة لتبني سياسات حقيقية تجعل من الأمازيغية لغة حاضرة في قلب القرار السياسي، أم ستبقى مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك