انسحاب جزئي لـ"UMT" من اجتماع تقديم قانون الإضراب..تصعيد جديد أم رسالة مشفرة للحكومة؟

انسحاب جزئي لـ"UMT" من اجتماع تقديم قانون الإضراب..تصعيد جديد أم رسالة مشفرة للحكومة؟
ديكريبتاج / الأحد 12 يناير 2025 15:56:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس

في خطوة مفاجئة تحمل رسائل سياسية واجتماعية متعددة، أقدمت نقابة الاتحاد المغربي للشغل، يوم الجمعة الماضي، على انسحاب جزئي من اجتماع مجلس المستشارين المخصص لتقديم مشروع القانون التنظيمي للإضراب. هذه الخطوة تأتي في سياق متوتر يشهده المشهد النقابي بالمغرب، حيث يتزايد الجدل حول مضمون المشروع الذي تعتبره النقابات تضييقاً على الحق في الإضراب، مقابل تأكيد الحكومة على ضرورة تنظيم هذه الممارسة بما يضمن استقرار الشغل والسلم الاجتماعي.

خلفيات الانسحاب: تصعيد أم تفاوض؟

بحسب مصادر مقربة من النقابة، فإن القرار بالانسحاب الجزئي جاء كرد فعل احتجاجي على ما وصفته بـ"الاستفراد الحكومي" بإعداد مشروع القانون دون فتح حوار جاد مع الشركاء الاجتماعيين. وأوضحت النقابة أن الحكومة "تجاهلت المطالب العادلة للطبقة العاملة"، معتبرة أن المشروع في صيغته الحالية يحمل بنوداً "تقييدية" تحد من حق العمال في الإضراب، وهو حق مكفول دستورياً.

وأكد أحد أعضاء النقابة، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الاتحاد المغربي للشغل كان يعتزم المشاركة الكاملة في الاجتماع، إلا أن استمرار تجاهل الحكومة لملاحظات النقابات وعدم تجاوبها مع مطالب التعديل دفع قيادة الاتحاد إلى اتخاذ موقف احتجاجي قوي يتمثل في الانسحاب الجزئي.

قراءة في مشروع القانون التنظيمي للإضراب

يرى متابعون أن مشروع القانون الجديد يحتوي على نقاط خلافية كبرى بين الحكومة والنقابات. من أبرز هذه النقاط:

إجراءات الإشعار المسبق: يفرض المشروع على النقابات تقديم إشعار بالإضراب قبل 10 أيام من تنفيذه، وهو ما تعتبره النقابات تضييقاً زمنياً يضعف تأثير الإضرابات.

التدخل القضائي: يمنح المشروع صلاحيات واسعة للقضاء للتدخل لوقف الإضرابات التي تُعتبر "غير مشروعة"، ما يثير مخاوف من تحجيم العمل النقابي.

التوافق داخل النقابة: ينص المشروع على ضرورة موافقة ثلثي أعضاء النقابة على قرار الإضراب، وهو ما قد يعوق سرعة اتخاذ القرارات في القضايا العاجلة.

من جهتها، ترى الحكومة أن القانون يهدف إلى وضع حد للفوضى التي تعرفها بعض الإضرابات العشوائية، مؤكدةً أن القانون لن يضر بمصالح العمال، بل سيعمل على حماية حقوقهم وتنظيمها بشكل يضمن استمرارية الإنتاج وحماية الاقتصاد الوطني.

ردود فعل سياسية ونقابية

الانسحاب الجزئي أثار موجة من التفاعل السياسي والنقابي. فقد اعتبره مراقبون رسالة احتجاجية قوية من الاتحاد المغربي للشغل موجهة إلى الحكومة، تعكس حجم التوتر بين الطرفين. من جهتها، علقت أطراف نقابية أخرى على الخطوة، داعيةً إلى ضرورة وحدة الصف النقابي لمواجهة "السياسات الحكومية التي تستهدف الحقوق المكتسبة للعمال".

أما على الصعيد السياسي، فقد حذر بعض البرلمانيين من تداعيات الاستمرار في تجاهل مطالب النقابات، مشيرين إلى أن التوتر الاجتماعي قد يتفاقم إذا لم يتم تدارك الوضع بحوار بناء يفضي إلى توافقات عادلة.

السيناريوهات المقبلة

في ظل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى الخطوات المقبلة التي قد تتخذها النقابة والحكومة على حد سواء. وبينما تُطرح مبادرات للحوار وإيجاد صيغة توافقية لمشروع القانون، يبدو أن الاتحاد المغربي للشغل لا يزال مصمماً على موقفه الرافض لصيغة المشروع الحالية.

ويرى محللون أن الحكومة قد تجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات في بعض بنود المشروع، خاصة إذا تزايد الضغط النقابي وتوسع نطاق الاحتجاجات. وفي المقابل، قد تراهن الحكومة على الأغلبية البرلمانية لتمرير المشروع بصيغته الحالية، وهو ما قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في الساحة النقابية.

يبقى السؤال الأبرز: هل يمكن للحكومة والنقابات التوصل إلى توافق يوازن بين الحاجة إلى تنظيم الإضراب وضمان حقوق العمال؟ أم أن المشهد مرشح لمزيد من التصعيد قد يدفع البلاد إلى موجة جديدة من الاحتقان الاجتماعي؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة، لكن الأكيد أن ما حدث في مجلس المستشارين ليس سوى فصل جديد من قصة طويلة بين النقابات والحكومة في المغرب.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك