أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين
حققت التسوية الضريبية، التي أقدمت عليها المملكة المغربية، خلال نهاية سنة 2024 وبداية 2025، رقما فاق كل التوقعات، وحققت 12700 مليار سنتيم، حيث استفادت منها خزينة الدولة بحوالي 6 مليارات درهم.
تصريحات ضريبية فاقت التوقعات
شهدت التسوية الضريبية الأخيرة بالمغرب رقماً قياسياً من حيث التصريحات، حيث بلغ إجمالي التصريحات 127 مليار درهم (ما يعادل 12,700 مليار سنتيم). هذا الرقم الصادم يعكس استجابة قوية من الفاعلين الاقتصاديين والمواطنين لمبادرة التسوية، التي تعد إحدى أهم المحطات في السياسة المالية للدولة.
المبادرة استهدفت توفير آلية لتحفيز الشركات والأفراد على التصريح بممتلكاتهم وأصولهم الخاضعة للضريبة، من دون تعرضهم لعقوبات أو غرامات ماضية، في خطوة ترمي لتعزيز الثقة بين الإدارة الضريبية والفاعلين الاقتصاديين.
6 مليارات درهم: المكاسب الفعلية للخزينة
رغم ضخامة التصريحات، فإن المبلغ الذي دخل خزينة الدولة من خلال الضريبة الناتجة عن هذه التسوية بلغ حوالي 6 مليارات درهم فقط. هذا الفارق الكبير بين إجمالي التصريحات والإيرادات الفعلية يثير تساؤلات حول معدل الضريبة المطبق ومدى فعالية التحصيل.
وزارة الاقتصاد والمالية أوضحت أن هذا الرقم يتماشى مع التوقعات الأولية، حيث أن التسوية اعتمدت معدلات ضريبية تفضيلية لتشجيع الانخراط الطوعي للمصرحين، خاصة فيما يتعلق بالممتلكات والأموال المودعة في الخارج.
قراءة سياسية للرقم الصادم
تحقيق هذا الرقم الضخم يبرز نجاح الحكومة في تنفيذ واحدة من أكثر السياسات حساسية في المجال الضريبي. ومع ذلك، يظل هناك جدل سياسي واسع حول مدى استفادة الطبقة المتوسطة والفقيرة من هذه الإيرادات الضريبية.
أصوات المعارضة تنتقد محدودية الإيرادات مقارنة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الدولة. ويرى محللون أن هذه السياسة قد تكون خدمت المصالح الكبرى أكثر من تحسين العدالة الجبائية.
هل تكون البداية لإصلاح جبائي شامل؟
على ضوء هذه الأرقام، بدأت أصوات تتعالى مطالبة بمراجعة شاملة للنظام الجبائي المغربي. خبراء في الاقتصاد يعتقدون أن التسوية الضريبية، رغم أهميتها، ليست سوى خطوة أولى نحو بناء نظام أكثر شمولية وعدالة، يعزز موارد الدولة ويحد من التهرب الضريبي بشكل جذري.
التسوية الضريبية بين النجاح والانتقادات
في النهاية، يمكن اعتبار هذه التسوية نقطة تحول في السياسة الضريبية المغربية. لكن نجاحها الحقيقي لن يكون محصوراً في الأرقام الحالية، بل في قدرتها على دفع الفاعلين الاقتصاديين إلى الالتزام الطوعي والمستدام بتأدية واجباتهم الضريبية.
الأنظار الآن تتجه نحو الحكومة، التي ستجد نفسها مطالبة بتحقيق توازن بين تعزيز الموارد وتخفيف العبء الجبائي على المواطنين، في سياق اقتصادي واجتماعي متقلب.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك