أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
في عهد الحكومة الحالية، عادت قضايا زواج السلطة والمال إلى واجهة النقاش السياسي في المغرب، على خلفية ما أصبح يُعرف بــ"صفقة القرن"، والتي تتعلق بمشروع تحلية المياه العملاق الذي استفادت منه شركات رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أحد أبرز رجال الأعمال وأغناهم في البلاد. هذه الصفقة التي قُدرت قيمتها بالملايير، أثارت موجة من التساؤلات حول الشفافية والمحاسبة، وأعادت النقاش حول الهيمنة الاقتصادية والاجتماعية التي يمارسها رجال الأعمال على مفاصل الدولة.
تفاصيل الصفقة المثيرة للجدل
تعود القضية إلى مشروع تحلية مياه البحر، الذي يُعدّ من أبرز المشاريع الإستراتيجية في المغرب لمواجهة أزمة المياه المتزايدة.
المشروع الذي استحوذت عليه مجموعة "أكوا" التي يمتلكها أخنوش، خلق جدلاً واسعاً بسبب حجم الأموال المخصصة له، والتي تجاوزت عدة مليارات من الدراهم.
الانتقادات طالت طبيعة الصفقة وكيفية إسنادها للشركة، حيث يرى بعض المراقبين أن ذلك يعكس تداخلاً بين المصالح الاقتصادية لرئيس الحكومة وموقعه السياسي، وهو ما يثير شبهة تضارب المصالح.
زواج السلطة والمال
قضية تحلية المياه ليست الوحيدة التي جعلت المغاربة يتساءلون عن مدى استقلالية المؤسسات المنتخبة في البلاد، فتعيين ملياردير على رأس الحكومة عزز المخاوف بشأن تأثير رأس المال على القرار السياسي.
وفي ظل هذه المعطيات، يتساءل العديد من المغاربة عن قدرة البرلمان والمجالس المنتخبة على أداء دورها الرقابي، في ظل وجود شبكة من العلاقات الاقتصادية والسياسية التي تعزز نفوذ رجال الأعمال.
انعكاسات اجتماعية واقتصادية
تأتي هذه القضية في وقت يواجه فيه المغرب تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، من بينها ارتفاع معدلات البطالة، وتزايد الفوارق الاجتماعية، وضعف الخدمات العامة في قطاعات التعليم والصحة.
فالتحكم الكبير لرجال الأعمال في الاقتصاد الوطني، مع تزايد نفوذهم في صناعة القرار السياسي، يعمق من أزمة الثقة بين المواطنين والمؤسسات، ويطرح تساؤلات عدة حول مستقبل الديمقراطية في المغرب.
مطالب بإعادة النظر
في ضوء هذه التطورات، ارتفعت أصوات المجتمع المدني ووسائل الإعلام للمطالبة بما يلي:
- تعزيز الشفافية: الكشف عن تفاصيل الصفقة وظروف إسنادها، وضمان الشفافية في المشاريع الكبرى.
- تعزيز الرقابة البرلمانية: تمكين البرلمان من ممارسة دوره الرقابي دون قيود سياسية أو اقتصادية.
- فصل السلطة عن المال: إقرار قوانين تضمن عدم تداخل المصالح بين السياسيين ورجال الأعمال.
- محاسبة المسؤولين: التحقيق في أي شبهة فساد أو تضارب مصالح، وضمان عدم الإفلات من العقاب.
صفقة تحلية المياه، التي استفادت منها شركة عزيز أخنوش ليست مجرد قضية مالية أو اقتصادية، بل هي اختبار حقيقي للمغرب في تحقيق الشفافية وتعزيز دولة القانون. ومع تزايد الضغوط الشعبية والمطالب بمحاسبة المسؤولين، يبقى السؤال قائماً: هل ستتمكن الدولة من الفصل بين المصالح الاقتصادية والسياسية لتعيد الثقة إلى مؤسساتها؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك