المغرب..دبلوماسية مرنة مؤثرة وفعالة مقابل عزلة جزائرية متزايدة

المغرب..دبلوماسية مرنة مؤثرة وفعالة مقابل عزلة جزائرية متزايدة
ديكريبتاج / الجمعة 27 دجنبر 2024 15:10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ياسر اروين

في المشهد الجيوسياسي الحالي، الذي يتسم بتزايد التوترات وتحديات أمنية كبرى، تبرز الدبلوماسية المغربية بقدرتها الفريدة على التنقل بين مختلف دوائر النفوذ، مع الحفاظ على مكانة الوسيط المحترم.

هذا الأداء الاستثنائي، الذي يتناقض بشكل كبير مع العزلة المتزايدة لجارتها الجزائرية، يتجلى بشكل خاص من خلال عدة نجاحات دبلوماسية حديثة تستحق تحليلاً معمقًا.

بوزنيقة: رمز الوساطة المغربية

نهج متميز مستوحى من رؤية الملك محمد السادس

أصبحت مدينة بوزنيقة رمزًا للوساطة المغربية، حيث تستمر في استضافة النقاشات الليبية-الليبية في إطار مميز يعكس النهج الخاص بالمملكة. هذا النهج، المستوحى مباشرة من رؤية الملك محمد السادس، يعتمد على مبدأ أساسي: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. هذا المبدأ، بعيدًا عن كونه مجرد موقف دبلوماسي، يتجسد في منهجية ملموسة تجعل المغرب وسيطًا محايدًا، يهيئ الظروف المناسبة للحوار دون فرض رؤيته أو حلوله.

اتفاق الصخيرات: مرجعية دائمة

إرث اتفاق الصخيرات، الموقع عام 2015، لا يزال يشكل الإطار الأساسي للمفاوضات الليبية. ورغم الصعوبات التي واجهت تطبيقه، يبقى هذا الاتفاق مرجعًا أساسيًا للمجتمع الدولي. النقاشات الأخيرة في بوزنيقة، التي أحرزت تقدمًا مهمًا حول توزيع المناصب السيادية، تأتي في هذا السياق.

الدور الأمني للمغرب: نجاحات متتالية

تحرير رهائن: نموذج للكفاءة المغربية

تميزت الدبلوماسية المغربية أيضًا بقدرتها على تفعيل قنوات موازية فعالة، كما يظهر في تحرير أربعة ضباط فرنسيين من جهاز الاستخبارات الخارجي الفرنسي (DGSE) الذين كانوا محتجزين في بوركينا فاسو. هذه العملية، التي نُفذت بسرية تامة، أبرزت خبرة المديرية العامة للدراسات والتوثيق (DGED) المغربية.

أمثلة بارزة:

  1. تحرير المواطن الروماني يوليويان غيرغوت: في أغسطس 2023، الذي اختطف في بوركينا فاسو عام 2015. أثنت السلطات الرومانية علنًا على الدور المغربي الحاسم في هذه العملية.

  2. تحرير الألماني يورغ لانغ: في ديسمبر 2022، بعد احتجازه أكثر من أربع سنوات في النيجر.

  3. تحرير سائحين مغربيين في مايو 2023: على الحدود بين بوركينا فاسو والنيجر، مما يبرز سرعة استجابة المغرب.

عناصر النجاح المغربي

  • معرفة عميقة بالشبكات القبلية والديناميات المحلية في منطقة الساحل.

  • علاقات متميزة مع أجهزة الأمن في دول المنطقة.

  • قنوات اتصال سرية وفعالة.

  • نهج عملي يركز على الفعالية بدلًا من الدعاية.

  • خبرة معترف بها في التفاوض في سياقات الأزمات.

الاعتراف الدولي بالدبلوماسية المغربية

نجاحات داخل المنظمات الدولية

  1. رئاسة مجلس حقوق الإنسان: تعكس هذه المكانة المرموقة مصداقية المغرب في مجال حقوق الإنسان.

  2. نائب رئيس الإنتربول لإفريقيا: تعزز هذه المسؤولية موقع المغرب كلاعب رئيسي في الأمن الإقليمي.

تنظيم فعاليات دولية

من المقرر أن تستضيف مراكش الدورة 93 للجمعية العامة للإنتربول في عام 2025، مما يعكس الاعتراف الدولي بدور المغرب.

الدور الإنساني

رئاسة المجلس الإداري لبرنامج الأغذية العالمي توفر للمغرب منصة إضافية لتعزيز رؤيته للتعاون جنوب-جنوب.

مقارنة مع الوضع الجزائري

الفجوة المتزايدة

يتناقض الديناميكيات المغربية بشكل واضح مع العزلة الدبلوماسية المتزايدة للجزائر، التي تتسم بدبلوماسية جامدة تعتمد على مواقف أيديولوجية قديمة. بينما يتبنى المغرب نهجًا عمليًا يركز على النتائج، تبدو الجزائر محصورة في رؤية تصادمية تعوق قدرتها على التحرك دبلوماسيًا.

عوامل النجاح المغربي

  1. الجمع بين النفوذ الاقتصادي والثقافي والأمني: لبناء شراكات مستدامة.

  2. شبكة دبلوماسية احترافية وخدمات استخبارات فعالة.

  3. التزام شخصي للملك محمد السادس: الذي يوجه السياسة الخارجية للمملكة.

تطلعات المستقبل

تضع النجاحات الدبلوماسية المغرب في موقع مناسب للتنافس على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي عند توسيعه المقبل. المصداقية التي اكتسبها المغرب بفضل وساطاته الناجحة ومساهماته في عمليات حفظ السلام تجعل منه مرشحًا جادًا لتحمل هذه المسؤولية الكبرى.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك