سياسات شعبوية بمذاق كوميدي..المواطن يدفع الثمن والحكومة تحصد التصفيق!

سياسات شعبوية بمذاق كوميدي..المواطن يدفع الثمن والحكومة تحصد التصفيق!
ديكريبتاج / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1 يبدو أن المواطن والحكومة بالمغرب، يعيشان في عالمين مختلفين تماماً. المواطن في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر، أو لنقلها بصراحة: المواطن يعيش في فيلم درامي طويل عنوانه "الغلاء سحقني، والأسعار تدهسني"، بينما الحكومة تتنقل بين قاعات الفخمة لتصوير حلقات جديدة من مسلسلها الكوميدي "إنجازات بلا نهاية". مسلسل لا ينتهي من الأكاذيب، تتغير فيه الديكورات، وتتناوب فيه الوجوه، لكن القصة تظل هي نفسها: حكومة تغني، ومواطن يبكي. نظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي تُشعرك أنك في بلد منكوب. الناس في حالة صراخ جماعي من شدة الغلاء، أصوات تتحدث عن أسعار المواد الغذائية التي تضاعفت، عن المحروقات التي باتت لهيباً يحرق جيوب البسطاء، وعن سلع أساسية تحولت إلى أحلام بعيدة المنال. المواطن البسيط يحسب خطواته نحو السوق كما لو أنه في مهمة انتحارية، لا يدري هل سيعود سالماً بجيوبه أم سيتركها على عتبة "مول الحانوت" الذي بدوره بات يُشيّع موت تجارته التي أغلقتها الأزمة. وفي هذه اللحظة التي ينفجر فيها الشارع الافتراضي بآهات المواطنين، إذا بك تُفتح شاشة التلفاز المغربي، فتُفاجأ بعالم مغاير تماماً. حكومة تخرج علينا بابتسامات عريضة وهي تحتفي بإنجازاتها "العظيمة"، مؤتمرات وندوات متتالية، بيانات تتحدث عن مؤشرات "النمو المستدام" و"الانتعاش الاقتصادي". تلك الابتسامات اللامعة وكأنها مُعدة لإعلانات معجون الأسنان، تتحدث عن إنجازات لا وجود لها سوى في أذهان مُخرجي هذا المسلسل الرديء. هل نحن في نفس البلد؟ كيف يُعقل أن كل هذا "التقدم" الذي تتحدث عنه الحكومة لا يراه سوى المسؤولون وزبائنهم من رجال الأعمال المحظوظين؟ هل هذا النجاح لا يظهر إلا على شاشات التلفاز بينما يختفي في الأسواق، في الأحياء الشعبية، وفي جيوب المواطنين الخاوية؟ الجواب واضح: السيناريو مختلف لأن المُشاهد مختلف. الحكومة تُخاطب جمهوراً خارج البلاد، تُريد أن توهم المستثمرين والممولين الدوليين بأن المغرب بخير، بأن الأموال التي تُضخ فيه تُثمر إنجازات عملاقة، وأن كل درهم يُستثمر هنا يعود بأرباح مضاعفة. لذلك، يتم إنتاج هذا المسلسل الباذخ في ديكور مُصطنع، بأرقام مزخرفة، وتُرفع شعارات "تحقيق التنمية" و"محاربة الفساد" و"دعم الطبقات الهشة"، ولكن في الحقيقة، كل ما نجحت الحكومة في تحقيقه هو إنتاج نوع جديد من "الفقر الهش" الذي لا يكاد المواطن يصمد أمامه. الأغرب في هذه القصة أن الحكومة لا تكتفي بدور "البطل الوهمي" في المسلسل، بل تريد من المواطن أن يُصدق، وأن يصفق، وأن يُنكر بطنه الخاوي وجيبه المثقوب ويقول: نعم، نحن في زمن الإنجازات! لكن ما نراه على مواقع التواصل هو أن هذا المواطن لم يعد يُصدق، بل بات يسخر من هذه "الإنجازات" مثلما يسخر الجمهور من مشاهد درامية غير متقنة. فإذا كانت الحكومة قد تخرج في مؤتمر صحفي وتقول إن أسعار المحروقات انخفضت، فإن المواطن في المقابل يُخرج فاتورة البنزين ويُعلّق عليها قائلاً: "ربما انخفضت في بلد آخر، لكن ليس هنا!" وإذا تحدثت الحكومة عن تحسين القدرة الشرائية، يتبادر إلى الأذهان سؤال واحد: قدرة من؟ لأن كل ما زادت فيه القدرة هو قدرة المواطن على التحمل والصبر أمام هذا السيل الجارف من الأكاذيب! وبينما تنفق الحكومة الملايين في مؤتمرات وندوات لا تنتهي، تغيب حلول واقعية من شأنها أن تُخفف من الأعباء عن المواطن. لقد نجحت الحكومة بالفعل في أمر واحد: تحويل المواطن إلى بطل حقيقي في ملحمة الصمود، وكأنها تقول له: "استمر في صبرك، فأنتم شعب الأبطال، ونحن أبطال المسلسلات." لكن لنكن واقعيين، هل سينتهي هذا المسلسل؟ هل سنرى في يومٍ ما مشهداً حقيقياً يُظهر الحكومة تنزل من أبراجها العاجية لترى بعينيها ما يجري في الأسواق، أن تعيش يومين فقط كما يعيش المواطن؟! أم أن كل هذا مجرد فقرة ساخرة في سيناريو ساخر، نهايته المفتوحة تُبشرنا بمواسم جديدة من الكوميديا السياسية؟ إلى حينها، ستستمر الحكومة في الغناء على شاشاتها، وسنظل نحن في مقاعدنا نرى هذا الفصل الطويل من المسرحية، نتجرع مرارة الواقع في صمت... وننتظر.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك