انتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1:إدارة النشر عبد الرحمان اليوسفي، مهندس جكومة التناوب التوافقي أو الديمقراطي كما يحلو للبعض تسميته، عارض نظام الحسن الثاني بشراسة، وترأس الأممية الاشتراكية وحكم مرات عديدة بالإعدام، قبل أن يعود الرجل ويقسم برفقة عدوه أو خصمه اللذوذ الملك الراحل، على وفاء بينهما وعهد دُفن سره مع الرجلين... سهل مأمورية انتقال العرش من الراحل الحسن الثاني، إلى العاهل المغربي الحالي الملك محمد السادس، ودافع بكل ما أوتي من قوة على استقرار البلد تحت ظل عرش العلويين... ضحى بحزبه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، من أجل مصلحة المملكة وعارض أصدقاءه ورفاقه نصرة للبلد وأمنه، ليؤسس بذلك لمرحلة جديدة تبتعد ما أمكن عن الحزبية الضيقة وتنتصر للوطن... البراغماتي النبيل كما يصفه أصدقاءه، خصومه، بل حتى أعداءه...وحظي باحترام جميع الأطياف السياسية ولا يزال حتى بعد مماته... في فبراير 1998 استقبل الملك الحسن الثاني بالقصر الملكي في الرباط القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عبد الرحمن اليوسفي وعينه وزيرا أول (رئيس الحكومة)، وخاطبه قائلا "إنني أقدر فيك كفاءتك وإخلاصك، وأعرف جيدا منذ الاستقلال أنك لا تركض وراء المناصب بل تنفر منها باستمرار، ولكننا مقبلون جميعا على مرحلة تتطلب بذل الكثير من الجهد والعطاء من أجل الدفع ببلدنا إلى الأمام". ومنذ تلك اللحظة انتقل اليوسفي وحزبه من المعارضة إلى الحكومة، وانتهت عقود من الصراع بين هذا الحزب اليساري والنظام المغربي، وبدأت معها ما تسمى في المغرب تجربة التناوب التوافقي أو الانتقال السياسي. وبعد اعتزاله السياسة قبل ستة عشر عاما ركن اليوسفي إلى الصمت وابتعد عن الإعلام، إلى أن ترجل عن صهوة الحياة أمس الجمعة عن عمر يناهز 96 سنة. الملك محمد السادس أثناء زيارته اليوسفي في المستشفى بعد أزمة صحية سنة 2016 (مواقع تواصل) وحالت ظروف الحجر الصحي بسبب انتشار وباء كورونا دون أن يودع المغاربة واحدا من أهم رجال السياسة في البلاد وقائد التناوب التوافقي ورجل الدولة كما تصفه الصحافة المغربية، وعوضوا عن ذلك بتدوينات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي تنعى الراحل وتذكر بمواقفه، وذلك في جنازة جماعية افتراضية شاركت فيها مختلف الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية والنقابات. وفي جنازة حضرتها ثلة قليلة من المقربين وسط إجراءات أمنية مشددة دفن عبد الرحمن اليوسفي في مقبرة الشهداء بالدار البيضاء قرب قبر الراحل عبد الله إبراهيم أحد رموز الحركة الوطنية وثالث رئيس وزراء في المغرب بعد الاستقلال. ووصف الملك محمد السادس الراحل اليوسفي في رسالة تعزية لأرملته بأنه "بصم بشخصيته وبأسلوبه المتميز والقائم على المسؤولية والالتزام الواضح بالمبادئ والإخلاص والوفاء مرحلة مهمة من تاريخ بلده الحديث". ما بين ميلاده في 8 مارس 1924 بمدينة طنجة ووفاته يوم 29 ماي 2020 في مدينة الدار البيضاء، عاش اليوسفي حياة حافلة وهو يتنفس برئة واحدة بعدما جرى استئصال الأخرى في عمليتين جراحيتين في خمسينيات القرن الماضي. قضى حياته مقاوما ضد الاستعمار ومعتقلا في سجونه، ومعارضا في صفوف حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومطاردا ومنفيا في فرنسا، ومساندا لحركات التحرر، ثم قائدا لحكومة التناوب التوافقي في 1998.
وبعد اختيار الملك عام 2002 تعيين وزير الداخلية التكنوقراطي إدريس جطو رئيسا للحكومة رغم تصدر حزب الاتحاد الاشتراكي الانتخابات التشريعية، اعتبر اليوسفي هذا التعيين "خروجا عن المنهجية الديمقراطية"، وقرر الاعتزال وإنهاء مساره السياسي.

لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك