أنتلجنسيا المغرب:حمان ميقاتي
في مشهد غير مسبوق، تفجرت قضية تهرب
ضريبي خطير في أحد أكبر أسواق الخضر بالمغرب، بعدما خرج شاب وسط حشد كبير من
الباعة يصرخ بأسماء مسؤولين كبار ومدراء ومعاونين مكشوفي الوجه، متهمًا إياهم
بالتلاعب في مستحقات الدولة.
صرخته لم تكن عابرة، بل جاءت محملة بأرقام
صادمة، حيث أكد أنه يدفع يوميًا ثلاثة ملايين سنتيم ضرائب بمفرده، مشيرًا إلى أن
ما يُعرف بـ "وال التعشار" يتم التلاعب فيه بطرق ملتوية تضيع أموالًا
ضخمة على خزينة الدولة، في ظل غياب الرقابة الصارمة على هذه العمليات المشبوهة.
المشهد أثار ضجة كبرى في السوق، وسط
ذهول المتواجدين الذين وجدوا أنفسهم أمام رجل قرر كسر جدار الصمت، مطالبًا الشرطة
بالتدخل فورًا لاحتجازه مع المدير وأعوانه حتى يكشف كل التفاصيل أمام السلطات.
هذه الصرخة تعكس واقعًا مظلمًا يعيشه
القطاع، حيث تنتشر شبكات تتحكم في تدفقات الأموال عبر طرق ملتوية، لتُحرم الدولة
من مستحقاتها، بينما يظل الباعة الصغار يدفعون الثمن وحدهم، وسط غياب إجراءات
حازمة للحد من هذه الممارسات.
القضية تطرح تساؤلات خطيرة حول حجم
التهرب الضريبي في المغرب، ومدى تغلغل الفساد داخل المؤسسات المكلفة بالاستخلاص،
بات واضحًا أن الوضع يحتاج إلى تدخل عاجل من الدولة، ليس فقط لكشف المتورطين في
هذه الفضيحة، بل أيضًا لإعادة النظر في منظومة الضرائب التي يبدو أنها تخدم فئة
على حساب أخرى، في وقت تلجأ فيه حكومة عزيز أخنوش إلى الاقتراض المتكرر من البنوك
الدولية والأفريقية، نجد أن أموالًا طائلة يتم تهريبها بعيدًا عن خزينة الدولة،
مما يهدد السيولة المالية ويضع الاقتصاد الوطني في وضع حرج.
هذا الواقع يفرض على الدولة تجنيد
رجال نزهاء ذوي أيادٍ نظيفة، قادرين على محاربة هذا السرطان الذي ينخر الاقتصاد
المغربي، سواء في الإدارات العامة أو الخاصة، أو حتى في أوساط السماسرة الذين
يسهلون عمليات النصب والتلاعب.
إن استمرار هذا النزيف المالي دون
محاسبة سيؤدي إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، وزيادة الأعباء على المواطن البسيط
الذي يجد نفسه يدفع فاتورة فساد غيره، بينما تستمر الدوائر النافذة في مراكمة
الأرباح على حساب مستقبل الوطن.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك