تقارير / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا1-maghribona1
شكل مؤتمر "بريكس" الأخير، منعطفا حاسما في تاريخ العلاقات الدولية، والنظام العالمي الجديد، الذي بدأت تلوح في الأفق معالمه الكبرى.
فلا يمكن أن نمر مرور الكرام، على التحاق مجموعة من الدول الإسلامية بـ"بريكس"، خصوصا منها السعودية والإمارات، اللتان تتزعمان العالم السني.
ففي خطوة غير مسبوقة ، أعلنت مجموعة بريكس BRICS ، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا ، عن قبول ست دول جديدة كأعضاء كاملين في أغسطس 2023. هذه الدول هي المملكة العربية السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة. يُعتبر هذا التوسع تاريخيًا ، حيث يشير إلى رغبة BRICS في تشكيل نظام عالمي جديد يستند إلى مبادئ التضامن والشراكة بين دول الجنوب العالمي. كما يُظهر قوة BRICS ككتلة جغرافية سياسية قادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية وحلفائها. في هذا المقال ، سنستعرض أهمية هذه التطورات وآثارها على العلاقات الدولية في مختلف المجالات.
BRICS هو اختصار للدول الناشئة الرائدة في العالم ، والتي تشكل نحو 40٪ من سكان العالم و25٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. تم تشكيل هذه المجموعة في عام 2010 بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين أعضائها وتوفير توازن للقوى الغربية. منذ ذلك الحين ، أطلقت BRICS مؤسسات مالية مشتركة ، مثل **البنك الجديد للتنمية** (NDB) و**صندوق احتياطات** (CRA) ، لدعم المشاريع التنموية في دولها وغيرها من دول الأسواق الناشئة. كما نظمت BRICS قمم سنوية لبحث قضايا استراتيجية ، مثل التجارة والطاقة والأمن وحقوق الإنسان.
في أغسطس 2023 ، عقدت BRICS قمتها **الثالثة عشرة** في **كاب تاون** بجنوب أفريقيا ، حيث أصدرت **إعلان كاب تاون** ، وهو وثيقة تضم 65 فقرة تلخص نتائج المحادثات. أبرز نتائج القمة كانت قرار BRICS بتوسيع عضويتها لتشمل ست دول جديدة ، وهي المملكة العربية السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة. وصف رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا التوسع بأنه “تاريخي” ، وقال إنه يعكس “التزام BRICS بالانفتاح والشمولية والتعددية”. كما أشاد رؤساء الدول الجديدة بالقرار ، وأعربوا عن تطلعهم للانضمام إلى BRICS كشركاء متساوين.
ما هي دوافع BRICS لهذا التحرك؟ وما هي تداعياته على الولايات المتحدة والنظام العالمي؟
أولًا ، يُظهر هذا التحرك رغبة BRICS في تشكيل نظام عالمي جديد يستند إلى مبادئ التضامن والشراكة بين دول الجنوب العالمي. في إعلان كاب تاون ، أكدت BRICS أنها تسعى إلى “بناء عالم أكثر سلامًا وأمانًا وازدهارًا” ، يحترم “سيادة الدول” و”التنوع الثقافي” و”حقوق الإنسان”. كما أعربت BRICS عن دعمها للأمم المتحدة كأساس للحوكمة الدولية ، وطالبت بإصلاح مجلس الأمن ليعكس “الواقع المعاصر”. بالإضافة إلى ذلك ، أشارت BRICS إلى أهمية تعزيز التكامل الإقليمي بين دول أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ، من خلال دعم مبادرات مثل “اتحاد أفريقيا” (AU) و”اتفاقية شاملة للشراكة الإقليمية” (RCEP) و”اتحاد أوروبا” (EU) . من خلال هذه الخطوات ، تهدف BRICS إلى خلق نظام عالمي أكثر تعددية وديمقراطية ، يضمن حقوق جميع الدول في المشاركة في صنع القرار.
ثانيًا ، يُظهر هذا التحرك قوة BRICS ككتلة جغرافية سياسية قادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية وحلفائها. من خلال اختيار هذه الدول ، تظهر BRICS أنها لا تخشى من التعامل مع دول تواجه صراعات أو عقوبات أو انتقادات من قبل الغرب. فعلى سبيل المثال ، تُعتبر إيران دولة مارقة من قبل الولايات المتحدة بسبب دورها في الملف النووي ، بينما تُعتبر المملكة العربية السعودية دولة متهمة بانتهاك حقوق الإنسان بسبب دورها في حرب اليمن. وبالمثل ، تُعتبر إثيوبيا دولة مضطربة بسبب الصراع في إقليم تيغراي ، بينما تُعتبر مصر دولة مستبدة بسبب قمعها للمعارضة. وعلى الجانب الآخر من العالم ، تُعتبر الأرجنتين دولة مثقلة بالديون بسبب أزمتها الاقتصادية ، بينما تُعتبر الإمارات العربية المتحدة دولة غنية بالنفط بسبب ازدهارها في قطاع الطاقة. من خلال دعم هذه الدول ، تظهر BRICS أنها تحترم التنوع والحوار ، وأنها تستطيع التوافق على مصالح مشتركة رغم الخلافات.
ثالثًا ، يُحدث هذا التحرك تغييرات في العلاقات الدولية في مختلف المجالات ، مثل التجارة والطاقة والأمن وحقوق الإنسان. من المحتمل أن يؤدي انضمام هذه الدول إلى زيادة التوترات بين BRICS والولايات المتحدة وحلفائها ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فعلى سبيل المثال ، قد تزداد المنافسة بين BRICS والولايات المتحدة على النفوذ والموارد في المنطقة ، خاصة في مجالات الطاقة والأسلحة والإرهاب. كما قد تزداد التضاربات بين BRICS والولايات المتحدة بشأن قضايا حساسة ، مثل الملف النووي الإيراني ، أو حرب اليمن ، أو سد النهضة. علاوة على ذلك ، قد تزداد التحديات بين BRICS والولايات المتحدة بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية ، حيث تتبع BRICS نهجًا أكثر احترامًا للسيادة الوطنية وغير تدخلي.
من ناحية أخرى ، قد تفتح هذه التطورات فرصًا جديدة للحوار والتعاون بشأن قضايا مشتركة ، مثل مكافحة تغير المناخ ، أو الترويج للتنمية المستدامة ، أو مكافحة جائحة كورونا. فعلى سبيل المثال ، قد تسهم BRICS في دفع عجلة اتفاقية باريس للمناخ ، من خلال التزامها بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة. كما قد تسهم BRICS في دعم أهداف التنمية المستدامة ، من خلال تقديم المساعدات والاستثمارات للدول الأقل نموًا والأكثر فقرًا. وبالإضافة إلى ذلك ، قد تسهم BRICS في مواجهة جائحة كورونا ، من خلال تعزيز التعاون العلمي والصحي وتوفير اللقاحات والعلاجات للدول المحتاجة.
باختصار ، فإن قرار BRICS بتوسيع عضويتها ليشمل ست دول جديدة هو حدث هام في السياسة الدولية ، يعكس رؤية BRICS لنظام عالمي جديد يستند إلى مبادئ التضامن والشراكة بين دول الجنوب العالمي. كما يعكس قوة BRICS ككتلة جغرافية سياسية قادرة على تحدي الهيمنة الأمريكية وحلفائها. ومع ذلك ، فإن هذا التحرك ليس بلا تحديات أو تبعات ، حيث يؤثر على العلاقات الدولية في مختلف المجالات ، مثل التجارة والطاقة والأمن وحقوق الإنسان. ولذلك ، فإنه يتطلب من جميع الأطراف المعنية التعامل مع هذه التغيرات بحكمة ومرونة ، والبحث عن نقاط التقاء وتفاهم.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك