أنتلجنسيا المغرب:ن.السعدي
في خطوة تهدف إلى تسريع رقمنة الإدارة المغربية وتعزيز الخدمات العمومية، أعلنت وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، عن إعداد خارطة طريق جديدة لترسيخ استخدام الذكاء الاصطناعي في الإدارات المغربية.
جاء هذا الإعلان خلال اجتماع لجنة مراقبة المالية العامة والحكامة بمجلس النواب، حيث قدمت الوزيرة تصورًا شاملاً حول استراتيجية الحكومة في مجال التنمية الرقمية بالمغرب.
وأكدت الوزيرة أن الوزارة تعمل على تفعيل توصيات منظمة اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن هذه المبادرة تأتي في إطار التزام المملكة المغربية بتطوير بيئة رقمية متقدمة تضمن الاستخدام المسؤول والفعال لهذه التكنولوجيا الحديثة. وأوضحت أن الاستراتيجية تعتمد على تحديد أولويات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تساهم في تحسين جودة الخدمات العمومية وتعزيز رضا المواطنين.
وتشمل هذه الجهود إطلاق مشاريع مبتكرة لتعزيز منظومة الذكاء الاصطناعي، ودعم الشركات الناشئة التي تعمل في هذا المجال، خصوصًا تلك المتخصصة في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصحة والتعليم والخدمات الإدارية. كما تسعى الحكومة إلى جذب الشركات العالمية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وتشجيع الشركات المغربية على تطوير حلول تقنية متقدمة.
وفي إطار تسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الرقمية، أعلنت الوزيرة عن إطلاق البوابة الإلكترونية الموحدة للخدمات العمومية في 14 فبراير المقبل. وتهدف هذه المنصة إلى جمع وتبويب مختلف الخدمات المتاحة عبر الإنترنت، مما يسهل على المواطنين الوصول إليها والاستفادة منها وفق احتياجاتهم اليومية.
وبحسب الأرقام الرسمية، تمكن المغرب من تحقيق تقدم مهم في مجال الإدارة الرقمية، حيث تم إحصاء أكثر من 600 خدمة عمومية إلكترونية، تشمل 300 خدمة موجهة للمواطنين و200 خدمة خاصة بالمقاولات و100 خدمة للإدارات العمومية. كما حققت منصة "هويتي الرقمية"، التي تم تطويرها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني، نجاحًا ملحوظًا، حيث استخدمها حوالي 1.7 مليون مواطن حتى نهاية أكتوبر 2024.
أما على مستوى قطاع الاتصالات، فقد حددت الحكومة هدفًا طموحًا لتوسيع التغطية بخدمات الجيل الخامس، إذ من المتوقع أن تصل التغطية إلى 25% من الساكنة بحلول 2026، ثم 70% بحلول 2030، مع تركيز خاص على المدن التي ستستضيف فعاليات كأس العالم 2030. كما تم الإعلان عن خطط لتعميم شبكات الألياف البصرية، حيث سيتم تجهيز 5.6 مليون منزل بهذه الشبكة بحلول 2030، وضمان اتصال الإنترنت عبر الألياف البصرية لـ 6300 موقع عمومي إداري بحلول 2026.
وفيما يتعلق بالخدمات السحابية، أكدت الوزيرة أن الحكومة تواصل جهودها لتنفيذ استراتيجية "السحابة أولًا"، والتي تهدف إلى تشجيع الإدارات على تبني الحلول السحابية، مما سيمكنها من تحسين الأداء وتطوير الخدمات الرقمية المقدمة للمواطنين. كما تسعى الوزارة إلى جذب كبرى شركات التكنولوجيا لتعزيز حضورها في السوق المغربية، وتوفير بنية تحتية رقمية تتماشى مع المعايير الدولية.
أما على مستوى الحوكمة الرقمية، فقد تم الشروع في تنفيذ دراسة تقنية لتحديد مستوى نضج سجلات البيانات الإدارية ومواكبة الإدارات في عملية التبادل البيني، بهدف تحسين فعالية الإدارة الرقمية وضمان تكامل البيانات بين مختلف المؤسسات الحكومية. كما يجري العمل على وضع إطار مرجعي لتقييم وقياس النضج الرقمي للإدارات، مما سيمكن من تحديد المؤشرات اللازمة لقياس التقدم المحقق في هذا المجال.
ويبدو أن هذه التحولات الرقمية تمثل رهانًا كبيرًا للحكومة المغربية في سعيها إلى تعزيز التحول الرقمي وتحقيق قفزة نوعية في الخدمات العمومية، إلا أن التحديات المرتبطة بالأمن السيبراني والتمويل وتطوير المهارات الرقمية تبقى حاضرة، مما يستوجب تكثيف الجهود لضمان نجاح هذا المشروع الطموح.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك