بين تصريحات المسؤولين وواقع المغاربة..مسافة ضوئية!

بين تصريحات المسؤولين وواقع المغاربة..مسافة ضوئية!
سياسة / السبت 08 مارس 2025 22:02 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

في مشهدٍ أقرب للكوميديا السوداء، يجد المواطن نفسه اليوم في بلدٍ أصبحت فيه الحياة اليومية أغرب من أي فيلم كوميدي على شاشة التلفاز.

 الأسعار تتسلق الجبال، والحكومة تتعامل مع الشعب وكأنه "كاميرا خفية" طويلة الأمد، لا يريد مخرجها أن يقول: "قف! انتهى المقلب!".

تستيقظ صباحًا لتجد ثمن الطماطم ينافس الذهب، والبصل في حالة تضامن مع الدولار، والدجاج يطالب بحق اللجوء السياسي بعد ارتفاع أسعاره الجنوني.

 كل هذا والحكومة الموقرة تطل علينا بابتسامات دبلوماسية، تؤكد فيها أن الأمور تحت السيطرة، بينما هي في الواقع لا تسيطر سوى على أعصاب المواطنين!

وإذا فكرتَ أن تعترض أو تشتكي، يأتيك الرد جاهزًا من المسؤولين: "هذه الأزمة عالمية، لا دخل لنا فيها". 

فعلًا، فالحكومة بريئة تمامًا مثل براءة الذئب من دم ابن يعقوب! لكن الغريب في الأمر أن هذه "الأزمة العالمية" لا تصل إلا إلى جيوب البسطاء، بينما الأثرياء والمسؤولون لا يشعرون بها إلا في الأخبار التي يشاهدونها على شاشات منازلهم الفارهة.

الحكومة، التي وعدت بمحاربة الفساد والفقر، يبدو أنها فهمت المهمة بشكل خاطئ؛ فقد حاربت الفقراء بدل الفقر، ونجحت في تقليص الطبقة الوسطى إلى "وسط الطبقة"، وبات حلم امتلاك شقة صغيرة أبعد من حلم السفر إلى المريخ. 

وعندما تسأل عن سبب هذه الحالة البائسة، يُجيبك المسؤولون بأن المواطن عليه أن "يشد الحزام"، في وقتٍ لا يجد هذا المواطن أساسًا حزامًا ليشدّه!

أما الوظائف، فحدّث ولا حرج. الحصول على عملٍ صار يتطلب مواصفات عجيبة: أن تكون شابًا بخبرة وزير، تحمل شهادات أعلى من حرارة الأسعار، وترضى براتب لا يكفي لإطعام حمامة، ناهيك عن أسرة من أربعة أفراد.

 وعندما يفشل المواطن في تحقيق هذه المعجزة، يُتّهم بأنه "كسول ولا يريد العمل"!

وفي الوقت الذي يواجه المواطن فيه الغلاء والبطالة وسوء الخدمات الصحية والتعليمية، نجد البرلمان منشغلًا بنقاشات مضحكة-مبكية، من قبيل نوعية الكراسي التي يجب أن يجلس عليها النواب، أو لون الستائر التي يجب وضعها في مكاتب الوزراء.

 يبدو أن الحكومة فهمت معنى "الرفاهية" ولكن فقط للطبقة السياسية!

أما إذا تحدثتَ عن حقوق المواطن، أو طالبت بمحاسبة مسؤولٍ فاسد، تصبح فورًا متآمرًا أو شخصًا يسعى لزعزعة الاستقرار. 

وكأن الاستقرار في قاموس الحكومة هو أن يبقى المواطن جائعًا، صامتًا، مبتسمًا، حتى لا يزعج راحة المسؤولين أثناء إعدادهم لتقارير الإنجازات الوهمية.

والسؤال المُلحّ الآن: إلى متى يستمر هذا المسلسل؟ وهل المواطن مضطر لأن يعيش حياته كلها في غرفة الانتظار، منتظرًا وعودًا حكومية لم ولن تأتي؟ هل كُتب عليه أن يبقى دائمًا خارج التغطية، في حين تُباع مقدرات الوطن في مزاد علني لمن يدفع أكثر؟

ربما حان الوقت لأن يتوقف المسؤولون عن مشاهدة المواطن وهو يغرق في أزماته اليومية، ثم يطالبونه بالشكر لأنه ما زال على قيد الحياة!

الوطن ليس شركة خاصة تُباع وتشترى، والشعب ليس مجرد زبون في انتظار التخفيضات الموسمية.

 إذا كانت الحكومة جادة فعلًا في خدمة المواطن، فعليها أن تُخرجه أولًا من خانة الضحية، وتعطيه حقوقه الأساسية قبل أن تطالبه بأي واجبات.

لكن إلى ذلك الحين، يبدو أن المزاد سيستمر.. وأن الشعب سيبقى – للأسف – خارج التغطية!


لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك