حكومة أخنوش وألغام التناقضات..غلاءٌ يُغذي الخزينة وصراعٌ انتخابي يُهمّش حقوق المواطن!

حكومة أخنوش وألغام التناقضات..غلاءٌ يُغذي الخزينة وصراعٌ انتخابي يُهمّش حقوق المواطن!
سياسة / السبت 15 فبراير 2025 21:24 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز

في مشهدٍ يختزل أزمةَ الثقة بين الحكم والمحكوم، تترنح حكومة عزيز أخنوش تحت وطأة تناقضاتها الداخلية وارتباكها في تدبير الملفات الاجتماعية.

 بينما تُشير الوقائع إلى أن سياساتها الاقتصادية تزيد من ثراء الدولة وفقْر المواطن، تُطلِق الأحزاب الحاكمة حملاتها الانتخابية المبكرة، وكأن السباق إلى الكراسي أهم من إطفاء نار الغلاء الذي يلتهم جيوب المغاربة.  

لم تعد التناقضات في التصريحات الرسمية مجرد هفواتٍ عابرة، بل تحولت إلى سمةٍ مُلازمةٍ لأداء هذه الحكومة. فبينما يُحَمِّل وزيرٌ "التقلبات المناخية" مسؤولية ارتفاع أسعار السمك، يخرج وزيرٌ آخر ليربط تأخر إعمار مناطق زلزال الحوز بـ"نقص الأيادي العاملة"، في تجاهلٍ صارخٍ لفشل آليات التخطيط وتسيير الأزمات.

 هذه التبريرات لا تُجدي مع مواطنٍ يرى في الغلاء استنزافاً منظماً لقدرته الشرائية، وفي البطالة تعبيراً عن غياب الرؤية.  

الأرقام الرسمية نفسها تُدين هذا التناقض: فبينما ارتفع التضخم إلى 6.8%(أعلى مستوى منذ عقد)، وانخفضت القوة الشرائية بنسبة 15% خلال عامين، تُصرّ الحكومة على خطابٍ تفاؤليٍّ لا يعكس واقع الشارع.  

تكشف تحليلات اقتصادية أن ارتفاع الأسعار ليس مجرد نتيجةٍ لعوامل خارجية، بل يُشكل رافعةً لزيادة إيرادات الدولة عبر الضرائب غير المباشرة. 

فمع كل جنون أسعار المواد الأساسية – من الخبز إلى الوقود – تزداد حصيلة الضرائب المُتحصلة، والتي تُضخّ مباشرةً في خزينة الدولة.  

هذه المُعادلة تطرح سؤالاً أخلاقياً جوهرياً: هل تعتمد الحكومة على أزمات المعيشة كـ"ضريبة خفية" لتعويض عجزها في إصلاح النظام الضريبي؟ وهل يُعقل أن تتحول معاناة المواطن إلى مصدرٍ لتمويل سياساتٍ لم تُثمر إلا المزيد من التفاوتات؟  

في مشهدٍ يُعبّر عن انفصال النخبة عن هموم الشعب، تنشغل الأحزاب المكونة للأغلبية الحكومية بحملات الدعاية المبكرة، مستخدمةً خطاباً شعبوياً يَعِدُ بالجنة، بينما الواقع يُشبه الجحيم.

 فبدلاً من محاربة الفساد في قطاعاتٍ حيوية مثل الاستيراد والتوزيع، أو مراجعة سياسة الدعم، تُوجَّه الجهود نحو استقطاب الناخبين عبر وعودٍ وهمية.  

هذا الانزياح نحو "التسويق السياسي" يُذكّر بسيناريوهات سابقة، حيث تحولت الانتخابات إلى مسرحيةٍ لإعادة تدوير النخب، بينما تتعمق الأزمات الهيكلية.  

مع اقتراب الشهر الكريم، تتحول أسواق المواد الغذائية إلى ساحةٍ لمعاناةٍ يومية.

 فأسعار اللحوم الحمراء تقفز إلى 130 درهماً للكيلو، والزيوت تُحطم الأرقام القياسية، والخضراوات تتحول إلى سلعٍ كمالية. 

رغم الوعود الحكومية بمراقبة الأسواق، تظل الإجراءات حبراً على ورق، في مؤشرٍ على تغليب مصالح السماسرة والمحتكرين على حساب الحقوق الأساسية للمواطنين.  

تُحذّر تقارير اقتصادية من أن استضافة المغرب لكأس العالم 2030 قد تتحول إلى "كبش فداء" لتمرير سياساتٍ تقشفية جديدة، تحت ذريعة تمويل المشاريع المرتبطة بالحدث. 

فتجارب دولٍ سابقة أثبتت أن مثل هذه الاستثمارات الضخمة غالباً ما تُرتبط بزيادة الديون وارتفاع الأسعار، ما يزيد من إفقار الفئات الهشة.  

المواطن المغربي لم يعد يطلب إجاباتٍ عن سبب الغلاء أو البطالة، بل يسأل: مَن المستفيد الحقيقي من هذه السياسات؟ وهل تُدار الأزمات بعقلية "الدولة التاجر" التي تبحث عن الربح السريع، حتى لو كان الثمن تشريد ملايين العائلات؟  

الانتخابات المقبلة ليست محكاً لشعبية الأحزاب، بل اختباراً لإرادة المغاربة في رفض استمرار النموذج القائم. 

فإما أن تُفتح أبواب التغيير الجذري، وإما أن يُكتب الفصل الأخير من مسلسلٍ طويل عنوانه: "الشعب يدفع.. والحكومة تستفيد!" 


لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك