العصبة:الإرهاب والتطرف نتاج بيئة سياسية وإقتصادية وإجتماعية ودينية معقدة

العصبة:الإرهاب والتطرف نتاج بيئة سياسية وإقتصادية وإجتماعية ودينية معقدة
سياسة / الخميس 13 فبراير 2025 11:18 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:الرباط

أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بمناسبة اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب، بيان، تطرقت فيه إلى مجموعة من الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة العالمية، وأسبابها ونتائجها ومصادرها وخطرها على المجتمعات بالعلم.

وقال بيان العصبة، أن  الإرهاب ليس مجرد أفعال عنف معزولة، بل هو نتاج بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية معقدة، وأعطى البيان مثالا على ذلك ، حيث يمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة أبسط حقوقه في الحرية والاستقلال تحت ضغوط هائلة من القمع والعنف الممنهج، كما أن الاحتلال الإسرائيلي، بتعدياته اليومية، ليس فقط مصدراً لعدم الاستقرار في المنطقة، ولكنه يغذي أيضاً مشاعر الغضب اليأس التي تعد بيئة خصبة لنمو الفكر المتطرف.

وجاء في ذات البيان، أنه على المستوى الوطني، يعتبر المغرب نموذجاً يحتذى به في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، حيث تبنى استراتيجية شاملة تستند إلى مقاربة أمنية استباقية مدعومة بإصلاحات دينية واجتماعية وثقافية، كما أن الجهود الأمنية المغربية، بقيادة مؤسسات متخصصة مثل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، نجحت في تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية، وأسهمت في إحباط مخططات خطيرة كانت تستهدف أمن واستقرار المملكة .

على الصعيد الأمني، أظهرت التجربة المغربية أن التعاون الدولي والإقليمي يلعب دوراً أساسياً في التصدي للإرهاب، ذلك أن المغرب أسهم بشكل فاعل في تعزيز الشراكات مع الدول الإفريقية والأوروبية، ودعى البيان إلى تأهيل الخطباء والأئمة والمرشدين، فكريا وماديا، بما يتناسب ما تتطلبه المرحلة من آليات الإقناع والإرشاد لتفادي سقوط الأجيال الصاعدة في شرك الأفكار المتطرفة، التي يبدو أنها تستمد قوتها كل يوم من العجز الاجتماعي والفكري لبعض هؤلاء الفاعلين الدينيين، مع  ضرورة تدخل القضاء لإيقاف دعوات التحريض والاشاعة ومضامين التخوين ومحتوى التشهير وإشاعة خطاب الكراهية والعنصرية .

و هذا نص البيان كاملا كما توصلت الجريدة بنسخة منه:

بيان بمناسبة اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب

بمناسبة اليوم الدولي لمنع التطرف العنيف عندما يفضي إلى الإرهاب، الذي يصادف 12 فبراير من كل سنة، تؤكد العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان على أهمية التصدي لهذه الظاهرة العالمية التي باتت تشكل تهديداً مستمراً للأمن والاستقرار الدوليين، وتعتبر أن الإرهاب ليس مجرد أفعال عنف معزولة، بل هو نتاج بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية معقدة، تتشابك فيها مظاهر الظلم والتمييز مع التطرف الفكري والسياسي والديني، والتي تغذي بعضها البعض، مما يخلق سياقاً عالمياً محفوفاً بالمخاطر، يدفع بعض الأفراد والجماعات إلى تبني العنف كوسيلة للتعبير عن الإحباط أو تحقيق أهداف معينة.

إن الحديث عن الإرهاب، لا يمكن دون الإشارة إلى بعض السياسات الدولية التي تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تفاقم هذه الظاهرة، والتي من أبرزها الاحتلال المستمر للأراضي الفلسطينية، حيث يمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة أبسط حقوقه في الحرية والاستقلال تحت ضغوط هائلة من القمع والعنف الممنهج، كما أن الاحتلال الإسرائيلي، بتعدياته اليومية، ليس فقط مصدراً لعدم الاستقرار في المنطقة، ولكنه يغذي أيضاً مشاعر الغضب اليأس التي تعد بيئة خصبة لنمو الفكر المتطرف، في عدد من بقع العالم، بالمقابل، فإن صعود التيارات اليمينية المتطرفة في العديد من الدول الغربية، والتي تتبنى خطابات عنصرية وتمييزية، يسهم في زيادة الاستقطاب وخلق مبررات جديدة لردود أفعال عنيفة من الطرف الآخر.

ويعد تسامح بعض الجهات مع خطابات الكراهية أو السياسات التمييزية واحدة من الأسباب العديدة التي تؤدي إلى نتائج كارثية على المستويين المحلي والعالمي. وعليه، فإن مكافحة الإرهاب تبدأ من القضاء على جميع أشكال الأسباب المحرضة على التطرف، سواء كانت فكرية أو سياسية، ورفض أي خطاب يغذي الكراهية أو يدعو إلى التمييز بين البشر على أساس الدين أو العرق أو اللون.

على المستوى الوطني، يعتبر المغرب نموذجاً يحتذى به في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، حيث تبنى استراتيجية شاملة تستند إلى مقاربة أمنية استباقية مدعومة بإصلاحات دينية واجتماعية وثقافية، كما أن الجهود الأمنية المغربية، بقيادة مؤسسات متخصصة مثل المكتب المركزي للأبحاث القضائية، نجحت في تفكيك عدد كبير من الخلايا الإرهابية، وأسهمت في إحباط مخططات خطيرة كانت تستهدف أمن واستقرار المملكة. ثم إن ما يميز النموذج المغربي هو الجمع بين التدخل الأمني وتبني سياسات تعالج جذور التطرف، وهو توجه تأسس على آلية  الإشراف الشامل لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تنظيم الحقل الديني لضمان نشر قيم الوسطية والاعتدال، إلى جانب برامج لإعادة إدماج العائدين من بؤر التوتر مثل سوريا والعراق، ما يعكس التزام الدولة بمقاربة، نستحسنها كمنظمة حقوقية، رغم بعض الملاحظات حولها التي تكبح أهدافها الرامية إلى الوقاية والتأهيل في آن واحد.

ورغم الجهود المبذولة في هذا الصدد و التي أشرنا إلى بعضها أعلاه، فإننا نرى أن محاربة الإرهاب لا يمكن أن تكون فعالة دون استثمار حقيقي في التربية والتعليم باعتبارهما الأساس لبناء أجيال متشبعة بقيم التسامح والتعايش، حيث  يجب أن تكون المناهج الدراسية أداة لتعزيز التفكير النقدي والوعي بحقوق الإنسان، مع التركيز على التعددية الثقافية والدينية كجزء من الهوية الوطنية، زد على كل ذلك فإن المؤسسات التربوية بدورها، يجب أن تكون فضاءات آمنة تحمي الأطفال والشباب من التأثر بالأفكار المتطرفة وتوفر لهم الفرص لاكتشاف العالم من منظور متسامح ومنفتح.

ويعد مجال الثقافة واحدا من المجالات التي يجب أن  تلعب دوراً محورياً في مواجهة التطرف، فالمغرب بتنوعه الثقافي وتراثه الغني يمكن أن يقدم نموذجاً عملياً لكيفية استثمار الفنون والآداب في نشر قيم السلام والتسامح، وذلك  بدعم الإنتاج الثقافي والفني الذي يعكس روح التنوع والتعايش والذي يعد أداة قوية لتفكيك خطابات الكراهية. كما أن التركيز على الإرث المشترك للمغاربة، ينمي الإحساس بالوحدة الوطنية ويعزز مناعة المجتمع ضد الفكر المتطرف، بيد أن الفراغ في هذه المجالات خلق لنا في الآونة تطرفا جديدا باسم الوطنية، حيث تحولت بعض الجهات في السنوات الأخيرة إلى وكالات لتوزيع صكوك الوطنية وتصنيف المخالفين لهم بين مرتد وخائن وتوصيفات لا يمكن وضعها إلا في خانة التطرف الذي يغذي تطرفا آخر يقابله,

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل الدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في محاربة التطرف العنيف، فالأحزاب مطالبة بنشر خطاب سياسي يعالج القضايا الاجتماعية والاقتصادية بأسلوب عقلاني ومسؤول، بعيداً عن الشعبوية التي قد تؤدي إلى تأجيج التوترات، كما أن الجمعيات بدورها يجب أن تلعب دوراً مهماً في تنظيم حملات توعوية تستهدف الفئات الأكثر هشاشة، مثل الشباب والمناطق المهمشة، من خلال توفير برامج تكوين وتأهيل تساهم في تعزيز مشاركتهم الإيجابية في المجتمع.

ورغم الإنجازات التي حققها المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، فإنه  لا ما يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به لمعالجة الأسباب الهيكلية للتطرف، كالفقر والتهميش، والبطالة وضعف العدالة الاجتماعية التي تشكل، كلها، بيئة خصبة لاستقطاب الشباب نحو الأفكار المتطرفة، ما يستوجب تفعيل سياسات عمومية أكثر فعالية تستهدف هذه القضايا، مع ضمان تعزيز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص.

على الصعيد الأمني، أظهرت التجربة المغربية أن التعاون الدولي والإقليمي يلعب دوراً أساسياً في التصدي للإرهاب، ذلك أن المغرب أسهم بشكل فاعل في تعزيز الشراكات مع الدول الإفريقية والأوروبية، حيث يقدم الدعم الاستخباراتي ويشارك خبراته في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما يعكس التزام المملكة بالمساهمة في الاستقرار الإقليمي والعالمي، خاصة في منطقة الساحل والصحراء التي تشهد تصاعداً في نشاط الجماعات الإرهابية.

إن الحديث عن المجالات الحاضنة لخطاب التطرف المفضي إلى أعمال إرهابية أو تبني أفكارا محرضة عليه، لا يمكن أن نستثني منه وسائل الإعلام بكل أصنافها، وكذا مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت مجال خصبا للتشهير والسب والقذف والتحريض والتطرف تحت غطاء الوطنية، حيث لاحظت العصبة في الآونة الأخيرة شيوع مقالات ومنشورات تدعو إلى مخاصمة حقوق أساسية، من أبرزها الحق في التعبير، أو الحق في التنظيم، حيث خرجت العديد من الأصوات تهاجم آراء بطريقة متطرفة وصلت إلى حدود تخوينها والدعوة إلى إسكاتها بالإكراه أو حل التنظيمات الجمعوية التي تنشط تحت يافطتها أو إغلاق المنابر الإعلامية التي تحتضن منشوراتها، وهو ما يستدعي تدخل الجهات القضائية لإيقاف هذا الزحف الغريب عن ثقافة التسامح وتقبل الآخر التي عرف بها المغاربة,

وفي ضوء ما سبق، توصي العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بما يلي:

·       ضرورة تعزيز التربية على قيم التسامح والمواطنة وحقوق الإنسان في المناهج التعليمية على جميع المستويات؛

·       تكثيف الجهود لتطوير سياسات اجتماعية واقتصادية تهدف إلى محاربة الفقر والتهميش وتحقيق العدالة الاجتماعية، باعتبارها عوامل أساسية للوقاية من التطرف؛

·       تعزيز الحوار بين الدولة والجمعيات المدنية والأحزاب السياسية لوضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة التطرف؛

·       دعم الإنتاج الثقافي والفني الذي يعزز قيم التعايش والسلام، مع التركيز على استثمار التراث الثقافي في نشر رسائل إيجابية؛

·       وضع آليات قانونية فعالة لمكافحة خطاب الكراهية بجميع أشكاله، سواء في الفضاء العام أو عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي؛

·       تعزيز التعاون الدولي والإقليمي في مجال مكافحة الإرهاب، مع التركيز على دعم الدول الإفريقية التي تعاني من هشاشة أمنية؛

·       تقوية برامج إعادة تأهيل وإدماج الأشخاص الذين تم استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية، مع التركيز على البعد الإنساني في معالجة هذه الظاهرة؛

·       مراجعة السياسات المتعلقة بالشباب لضمان توفير فرص العمل والتكوين، بما يعزز مناعتهم ضد أي استقطاب متطرف؛

·       تأهيل الخطباء والأئمة والمرشدين، فكريا وماديا، بما يتناسب ما تتطلبه المرحلة من آليات الإقناع والإرشاد لتفادي سقوط الأجيال الصاعدة في شرك الأفكار المتطرفة، التي يبدو أنها تستمد قوتها كل يوم من العجز الاجتماعي والفكري لبعض هؤلاء الفاعلين الدينيين؛

      ضرورة تدخل القضاء لإيقاف دعوات التحريض والاشاعة ومضامين التخوين ومحتوى التشهير وإشاعة خطاب الكراهية والعنصرية.

إن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، وإذ تؤكد أن مكافحة التطرف العنيف مسؤولية جماعية تتطلب تعبئة شاملة لجميع الفاعلين، فإنها تشدد كذلك على أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار والأمن دون تعزيز قيم التسامح والعدالة الاجتماعية، وهو ما يضع على عاتق الجميع واجب العمل المشترك لبناء مجتمع متماسك وآمن، يحترم التعددية ويصون كرامة الإنسان.

عن المكتب المركزي

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك