أنتلجنسيا المغرب:رئاسة التحرير
في مشهد يختزل أزمة القيادة داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، لم يحضر للتصويت على قانون يمس حقوق الطبقة العاملة وحقها في الإضراب سوى 10 نواب اتحاديين من أصل 35، رغم أن الحزب يدعي قيادة المعارضة ورفع لواء الدفاع عن الفئات الهشة والمستضعفة.
فكيف نبرر هذا الغياب الجماعي؟ وهل هو تهاون أم تواطؤ؟
هل فقدت القيادة القدرة على ضبط الصف؟
ليس سرًا أن الحزب يعيش منذ سنوات على إيقاع الخلافات الداخلية، لكن أن يصل الأمر إلى غياب جماعي في محطة تشريعية حاسمة فهذا يطرح تساؤلات حول مدى قدرة القيادة على ضبط إيقاع فريقها النيابي، وهل ما زال الحزب يمتلك أدوات التوجيه والتأطير السياسي التي شكلت في الماضي مصدر قوته؟
إن غياب 25 نائبًا من الحزب عن التصويت على قانون يمس جوهر النضال العمالي يجعلنا أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن القيادة غير قادرة على حشد نوابها وراء قرارات الحزب، أو أن الغياب كان متعمدًا لأسباب غير معلنة.
هل نواب الاتحاد غير مشبعين بقيم الحزب النضالية؟
الاتحاد الاشتراكي كان لعقود مدرسة للنضال والمواقف المبدئية، لكن هذا الغياب يثير تساؤلات حول مدى التزام نوابه الحاليين بمبادئ الحزب التاريخية. كيف لحزب يدعي الوقوف في صف العمال أن يتغيب بهذا الشكل عن التصويت على قانون يهدد حقوقهم الأساسية؟ هل فقد الاتحاد الاشتراكي هويته السياسية والنضالية، أم أن نوابه يضعون مصالحهم الشخصية فوق التزامهم الحزبي؟
حسابات شخصية أم ضغوط خارجية؟
من غير المستبعد أن يكون الغياب الجماعي لبعض النواب مرتبطًا بحسابات شخصية أو ضغوط سياسية. فالمتابعات القضائية التي تلاحق بعض القياديين ربما ساهمت في خلق جو من التوتر داخل الحزب، مما أدى إلى تفكك صفوفه في لحظة كان يفترض أن يظهر فيها تماسكه.
كما أن البعض قد يكون آثر عدم التصويت لتفادي مواجهة مباشرة مع جهات نافذة، وهو ما يطرح سؤالًا أكبر حول مدى استقلالية القرار داخل الحزب، وهل ما تبقى من الاتحاد الاشتراكي لا يعدو كونه ظلًا باهتًا لتاريخه النضالي.
المعارضة ليست شعارات فارغة
المعارضة ليست مجرد خطابات نارية في التجمعات الحزبية أو بيانات سياسية للاستهلاك الإعلامي، بل هي مواقف واضحة ومسؤولية تاريخية. وإذا كان الاتحاد الاشتراكي قد اختار أن يكون في صف المعارضة، فعليه أن يبرهن على ذلك عبر أفعاله وليس فقط عبر بياناته.
ما حدث في جلسة التصويت الأخيرة مؤشر خطير على أزمة عميقة داخل الحزب، أزمة تتجاوز مجرد غياب برلمانيين إلى سؤال أكبر حول مستقبل الاتحاد الاشتراكي نفسه: هل لا يزال قادرًا على لعب دور مؤثر في المشهد السياسي، أم أنه أصبح مجرد حزب آخر فقد بوصلته وتخلى عن مبادئه؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك