النص الكامل لجواب العثماني حول آفاق و حصيلة العمل بالصحراء المغربية

النص الكامل لجواب العثماني حول آفاق و حصيلة العمل بالصحراء المغربية
سياسة / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السيد رئيس مجلس النواب المحترم، السيدات والسادة النواب المحترمين،

توطئة

بكل صراحة أشعر بسعادة غامرة وأنا أجيب على هذا السؤال المهم، وبداية، أشكر السيدات والسادة النواب المحترمين على اختيارهم طرح الأسئلة في موضوع " الحصيلة الدبلوماسية للمملكة في ملف القضية الوطنية وآفاق حسم نزاع الصحراء المغربية". وستكون هذه مناسبة مهمة لاستعراض التطورات الهامة والنوعية التي شهدتها قضية الوحدة الترابية للمملكة في هذا النزاع الذي طال أمده، وإطلاع الرأي العام الوطني عليها. وكما تعلمون، فإن قضية الصحراء المغربية كانت، وستبقى دوما محط إجماع قوي بين كافة مكونات الشعب المغربي، ونقطة إجماع وتلاحم لكل القوى الوطنية الحية والتفافها وراء جلالة الملك نصره الله، دفاعا عن المصالح الحيوية لبلادنا وعن مقدساتها وسيادتها ووحدتها الوطنية. إنها قضية تتعلق بمعركة وطنية تحررية بامتياز ضحت في سبيلها الأجيال قبل الاستقلال وبعده، فهي معركة بذل فيها جلالة الملك محمد الخامس رحمة الله عليه جهودا وتضحيات كبيرة، ثم أعطاها جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني نفسا قويا من خلال إبداع المسيرة الخضراء المظفرة، والذي لولا حكمته وتبصره ونظرته الاستباقية وخصوصا جرأته لما تمكن المغرب من استرجاع صحرائه، كما عمل جلالة الملك محمد السادس، من خلال سياسته الحكيمة والمتبصرة وقيادته الرشيدة، على تكريس مغربية الصحراء، باعتبارها قضية وطنية مصيرية، جسدها جلالته في مقولته الخالدة "سيظل المغرب في صحرائه ستظل والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها". لقد تشبث المغاربة بحقهم الثابت شرعيا وتاريخيا وسياسيا واجتماعيا، ولم يراودهم قط أي شك في هذا الحق، الذي يزداد قوة وثبوتا وثباتا بإنجازات المغرب على أرض الواقع في صحرائه، وكذا بتوالي الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه. وقد برهن المغاربة على استعدادهم لبذل الغالي والنفيس في سبيل الصحراء المغربية وفي سبيل هذه القضية، ولولا إيمانهم اليقيني والمطلق بحقهم التاريخي والشرعي، لما هبوا للمسيرة الخضراء المظفرة بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني رحمة الله عليه، ثم لما انخرطوا بعدها في المسيرة التنموية بالمناطق الصحراوية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره. وقد شكلت التطورات الدبلوماسية الأخيرة في قضية وحدتنا الترابية، وخاصة الإعلان الرئاسي الأمريكي والاعتراف بمغربية الصحراء، انتصارا إضافيا في مسار القضية الوطنية، انطلاقا من مقترح الحكم الذاتي. وستتواصل الانتصارات مستقبلا إن شاء الله. كما شكلت فرصة جدد فيها المغاربة بالداخل والخارج، تشبثهم بوحدة بلادهم الترابية، واستعدادهم لبذل الغالي والنفيس في سبيل الدفاع عن مقدسات الوطن الغالي وقضاياه العادلة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك حفظه الله، ووقوفهم سدا منيعا في وجه كل من سولت له نفسه النيل من سيادة بلادنا ومصالحها الحيوية. السيدات والسادة النواب المحترمين إن الإعلان الرئاسي الأميركي بالاعتراف بمغربية الصحراء يوم 10 دجنبر الجاري شكل محطة كبرى، وربما فاصلة في سلسلة الانتصارات الدبلوماسية، الهامة والملموسة،  التي حققها المغرب بقيادة وتوجيهات جلالة الملك حفظه الله، وجهوده المتواصلة بخطوات هادئة، ورؤية متبصرة واستشرافية حُقَّ لنا أن نفتخر بها، انطلاقا من تقديم مبادرة الحكم الذاتي الموسع لحل النزاع المفتعل، والتفاعل الإيجابي للمنتظم الدولي مع هذا المقترح والتنويه به ووصفه بالجدي والواقعي وذي مصداقية، مرورا بقرار عودة المملكة إلى الاتحاد الإفريقي، والقطع مع سياسة الكرسي الفارغ، وصولا إلى الاعتراف الأمريكي، وستتواصل الانتصارات إن شاء الله تعالى. وبتوفيق من الله، وبفضل التوجيهات الملكية السامية، حققت الدبلوماسية المغربية التي تُعَدُّ قضية الصحراء المغربية على رأس أولوياتها، باعتبارها القضية الوطنية الأولى، انتصارات متوالية ومنجزات هامة وملموسة خاصة خلال السنة الجارية، وهي المنجزات التي تؤكد حيوية الدبلوماسية المغربية وفعاليتها وقدرتها على التأقلم مع المتغيرات الدولية والإقليمية، مُعَبِّئَة جميع طاقاتها وإمكانياتها المادية والبشرية للدفاع عن القضية الوطنية في كل المحافل والمنتديات الإقليمية والدولية، وبالأمم المتحدة، وذلك وفقا للثوابت الوطنية وفي احترام للشرعية الدولية. وأغتنم هذه المناسبة، للإشادة بجهود وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وبجهود كافة مسؤولي وأطر الديبلوماسية المغربية، التي تشتغل بجد وفعالية ونجاعة، وفق التوجيهات السديدة لجلالة الملك حفظه الله. وقد تكاملت الجهود الدبلوماسية المغربية الرسمية، مع جهود القوى الوطنية والدبلوماسية البرلمانية والجماعية والشعبية أو ما يعرف بالدبلوماسية الموازية، وفي هذا السياق ولأجل ترصيد هذه المكتسبات وتثمينها، وما يستلزمه ذلك من تواصل وتعبئة تدمج كافة القوى الوطنية، نَظَّمْتُ لقاء مع زعماء وقادة أحزاب الأغلبية، وآخر مع زعماء وقادة أحزاب المعارضة، بحضور وزير الداخلية ووزير الشؤون الخارجية، لإطلاعهم على مستجدات القضية الوطنية، وتبادلنا معهم الرأي بخصوصها، وأنصتنا لمقترحاتهم. ولمزيد من التواصل سيعقد السيد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج لقاء إضافيا مع ممثلين عن الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان. السيدات والسادة النواب المحترمين إن العمل يجب أن يكون على عدة مستويات ووفق رؤية تكاملية، تسعى إلى تكريس مغربية الصحراء على أرض الواقع، وتعزيز مكتسبات بلادنا على مستوى معالجة الملف إقليميا ودوليا، ومواصلة المجهود الدبلوماسي للمملكة من أجل الطي النهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

أولا- تكريس مغربية الصحراء على أرض الواقع

يعد هذا الهدف أولوية محورية في العمل الدبلوماسي لتعزيز الدعم الدولي لمغربية الصحراء، وهو ما عرف دفعة قوية في المرحلة الأخيرة من خلال جملة من المكاسب الهامة.

                  I.            إحراز مكاسب دبلوماسية مطردة

فقد حققت بلادنا في المرحلة الأخيرة انتصارات دبلوماسية هامة في ملف وحدتنا الترابية، تمثلت، على الخصوص، فيما يلي:
  • افتتاح 19 قنصلية عامة في مدينتي العيون والداخلة، تمثل دولا من القارة الإفريقية والآسيوية والأمريكية. ويجسد افتتاح هذه التمثيليات تعبيرا رسميا أسمى عن اعتراف هذه الدول بمغربية الصحراء، وتكريسا لدور الأقاليم الجنوبية بوابة للمغرب نحو إفريقيا وقطبا جذابا للتعاون جنوب-جنوب، كما يعد ترجمة عملية لاقتناع هاته الدول بجدية المبادرة المغربية للحكم الذاتي للحل السياسي للنزاع المفتعل حول صحرائه، بتكريس حكم ذاتي موسع تحت السيادة المغربية، وفي إطار الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
  • إعلان دول أخرى عزمها على فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية في الأسابيع والشهور القادمة، والولايات المتحدة الأمريكية إحداها.
  • مواصلة سياسة جعل مدينتي الداخلة والعيون قطبين دبلوماسيين لاحتضان مؤتمرات دبلوماسية دولية وإقليمية على غرار احتضان مدينة العيون في شهر فبراير من هذه السنة للمنتدى الوزاري الثالث” المغرب ودول جزر المحيط الهادي"، الذي يضم 12 دولة إضافة الى المغرب.
  • تأكيد الدول الأعضاء في منتدى المغرب ودول جزر المحيط الهادئ في إعلان العيون التاريخي، أن "منطقة الصحراء جزء لا يتجزأ من التراب المغربي". وأن "المبادرة المغربية للحكم الذاتي هي الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية".

               II.            مواصلة التنمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة

بالموازاة مع المجهود الدبلوماسي، واصلت بلادنا مجهوداتها على أرض الواقع لجعل الأقاليم الجنوبية منارة عمرانية وحضارية متميزة، وقطبا للتنمية بالمنطقة، لا سيما من خلال المبادرات التالية:
  • مواصلة الجهود لتنزيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، مع استكمال 70% من المشاريع المخطط لها من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية لهذه الأقاليم التي أصبحت تشكل اليوم مركزا تنمويا إقليميا يوفر فرصا اقتصادية لمنطقة غرب إفريقيا بأكملها؛
  • استكمال ترسيم الحدود البحرية للمملكة، من خلال تحيين الترسانة القانونية الوطنية المتعلقة بالمجالات والحدود البحرية، لملاءمتها مع السيادة الوطنية للمملكة الكاملة المكتملة في حدودها الحقة، البرية والبحرية، ومع مقتضيات اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982؛
  • إبرام اتفاقيات مع قوى وازنة في المجال الاقتصادي والتجاري يمتد تطبيقها إلى الأقاليم الجنوبية، من بينها وأهمها اتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب والمملكة المتحدة في 26 أكتوبر 2019 والاتفاقية المبرمة مع روسيا في مجال الصيد البحري، وكلها اتفاقيات تدمج منطقة الصحراء المغربية ضمنها؛
  • الاستمرار في تنزيل ورش الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي للمملكة تنفيذا للرؤية السامية لصاحب الجلالة نصره الله، والتي ستُعَزِّزُ المسار التنموي للأقاليم الجنوبية، وذلك بإرساء آليات متينة للتسيير الديمقراطي وتعزيز الحكامة المحلية؛
  • مواصلة دينامية العمل على سحب الاعترافات بالكيان الوهمي، حيث أعلنت كل من دولة بوليفيا وجمهورية غيانا التعاونية خلال سنة 2020 سحب اعترافهما بالكيان المزعوم. فاليوم 164 دولة لا تعترف بالجمهورية الوهمية.

            III.            تصحيح الوضع بمعبر الكركرات

لا يمكن ذكر الانتصارات الأخيرة في قضيتنا الوطنية، دون الوقوف عند التدخل الناجح والحاسم للقوات المسلحة الملكية يوم 13 نونبر الماضي بمعبر الكركرات، بتعليمات سامية من القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. إن هذه العملية تعبر عن تحمل بلادنا لمسؤولياتها، في إطار صلاحياتها، وفي انسجام مع الشرعية الدولية، وذلك من أجل تصحيح الوضع بهذا المعبر وإعادة انسيابية حركة التنقل المدنية والتجارية على مستوى منطقة الكركرات. ويتعلق الأمر بعملية تدخل غير هجومية وبدون أي نية قتالية، ودون وقوع أية إصابات، تَمَّت حسب قواعد الالتزام الواضحة التي تقتضي تجنب أي احتكاك بالمدنيين، واللجوء إلى استعمال الأسلحة فقط في حالة الدفاع عن النفس، وذلك بهدف تأمين تدفق البضائع والأشخاص بين المغرب وموريتانيا عبر إقامة حزام أمني حول المعبر سيمكن من تجنب تكرار استفزازات "البوليساريو" في المنطقة مستقبلا وتأمين المعبر بشكل نهائي ولا رجعة فيه. وقد جاء هذا التدخل بعدما التزم المغرب بأكبر قدر من ضبط النفس أمام استفزازات "البوليساريو"، التي عرقلت وجمدت الحركة المدنية والتجارية في معبر الكركرات الحدودي باستغلال مدنيين مُؤَطَّرِين بعناصر مسلحة للانفصاليين في المنطقة العازلة، منذ 21 أكتوبر 2020، وفي خرق سافر لوقف إطلاق النار، حيث عاينت ووثقت بعثة المينورسو وجود عناصر مسلحة من "البوليساريو" في هذه المنطقة. ومن ثم فإن هذه العملية وضعت حدا لأعمال زعزعة الاستقرار غير المشروعة والخطيرة التي تمس باستدامة وقف إطلاق النار، وتهدد السلم والأمن في المنطقة بأسرها. فإغلاق الطريق المارة بالمنطقة العازلة للكركرات هو عمل يخرق الشرعية الدولية، وهنا وجب التذكير أن مجلس الأمن ما فتئ يطالب منذ 2016 من "البوليساريو" الامتناع عن أي عمل من شأنه زعزعة الاستقرار شرق وجنوب منظومة الدفاع المغربية، والانسحاب من منطقة الكركرات، كما أن إغلاق المعبر يتحدى الأمين العام الذي أطلق ثلاث دعوات للحفاظ على حرية التنقل المدنية والتجارية في المنطقة. وجدير بالتذكير أن اتخاذ القرار بالتدخل جاء بعد إعطاء الوقت اللازم للمساعي الحميدة، والجديرة بالثناء، التي بذلها الأمين العام للأمم المتحدة وبعثة المينورسو، وكذا بعد إرسال ما لا يقل عن سبعة رسائل رسمية موجهة إلى الأمم المتحدة لتنبيه مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مساعي يومية واجتماعات دورية مع سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن بالرباط قصد إخبارهم بخطورة الوضع. وقد ثمنت أزيد من 75 دولة من مختلف مناطق العالم العملية السلمية التي قامت بها القوات المسلحة الملكية، كما ثمنت إعادة فتح معبر الكركرات أمام الحركة المدنية والتجارية. وبالمقابل، لم يؤيد أي بلد في العالم أعمال زعزعة الاستقرار التي قامت بها الجبهة الانفصالية، باستثناء الجارة الجزائر، حيث جندت الأجهزة الإعلامية الرسمية لنشر الأخبار الزائفة عن الوضعية في الصحراء المغربية، في إطار حملة ممنهجة، يتم التصدي لها واحتواؤها عبر الصحافة الوطنية والجهاز الدبلوماسي المغربي. وعقب تحرير معبر الكركرات وتأمينه من طرف القوات المسلحة الملكية واصلت جبهة الانفصاليين استفزازاتها على مقربة من الجدار الأمني، بل أعلنت عن انسحابها من وقف إطلاق النار في خطوة انتحارية وغير محسوبة العواقب، ثم لجأت إلى شن حملة دعائية كاذبة عبر قنوات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام. وخلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه جلالة الملك محمد السادس نصره الله مع السيد غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في 16 نونبر 2020، أكد جلالته أن تواجد المغرب بالكركرات أمر لا رجعة فيه وأن المغرب أعاد الوضع إلى طبيعته، وقام بتسوية المشكل بصفة نهائية، كما جدد التأكيد للأمين العام للأمم المتحدة على تشبث المغرب الراسخ بوقف إطلاق النار. وبالحزم ذاته، تظل المملكة عازمة تمام العزم على الرد، بأكبر قدر من الصرامة، وفي إطار الدفاع الشرعي، على أي تهديد لأمنها وطمأنينة مواطنيها.  كما أكد جلالته للسيد غوتيريش أن المغرب سيواصل دعم جهود الأمين العام في إطار المسلسل السياسي الذي ينبغي أن يُسْتَأْنَف وفق معايير واضحة مع إشراك الأطراف الحقيقية في النزاع الإقليمي من أجل التوصل، كما تدعو لذلك الأمم المتحدة، لحل واقعي وقابل للتحقيق في إطار سيادة المملكة.

ثانيا-القرار الأمريكي بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه

                  I.            القرار التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية ونتائجه العملية

بفضل الاتصالات المكثفة لجلالة الملك مع الإدارة الأمريكية التي توجت بالمكالمة الهاتفية بين جلالته والرئيس دونالد ترامب يوم 10 دجنبر 2020، عرفت قضية الصحراء المغربية تطوراً تاريخياً تجسد في قرار اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه. وقد كرَّسَ القرارَ الإعلانُ الذي وقعه في نفس اليوم فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعطائه قوة قانونية تسمح بدخوله حيز التنفيذ فور نشره، وهو ما تم بالفعل إذ نُشِر الإعلان في السجل الفدرالي "Vol 85, No. 241  81329" ، وهو بمثابة الجريدة الرسمية للحكومة الاتحادية الأمريكية. وبالتالي أصبح وثيقة رسمية. وقد تبع الإعلان الرئاسي أربعة قرارات سيادية بالغة الأهمية هي:
  • الاعتراف بالسيادة المغربية على كامل منطقة الصحراء؛
  • دعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد للتوصل إلى حل عادل ودائم لقضية الصحراء المغربية؛
  • فتح قنصلية عامة بالداخلة؛
  • تشجيع الاستثمار في منطقة الصحراء المغربية.
وتنبع أهمية هذا القرار من كون الولايات المتحدة أعظمَ قوة في العالم، وعضوا دائما في مجلس الأمن، كما أنها "حاملة القلم" في مجلس الأمن بخصوص القرارات المتعلقة بقضية الصحراء المغربية. وتبعاً لهذا القرار المهم، قامت الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مندوبتها الدائمة لدى منظمة الأمم المتحدة، بإخبار الأمين العام للأمم المتحدة وكافة أعضاء مجلس الأمن بالإعلان الرئاسي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، ليصبح وثيقة رسمية للجهاز التنفيذي للأمم المتحدة تحت رمز S/2020/1210.  وقد تمخض أيضا عن هذا الإعلان الرئاسي تغيير الخريطة المعتمدة سابقاً من لدن الوزارات والإدارات الأمريكية، حيث تمت إزالة الفاصل الذي كان معمولاً به بين الصحراء وباقي التراب الوطني المغربي. كما بدأت الاستعدادات عمليا لفتح قنصلية بمدينة الداخلة، وبدأت الإجراءات لتشمل اتفاقية التبادل الحر وسائر الاتفاقات الأخرى مع الولايات المتحدة، الأقاليم الجنوبية وغيرها. وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي منذ أيام قليلة عن فتح فوري لموقع قنصلي افتراضي يخص الصحراء المغربية، ويركز على دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وستليه قريباً قنصلية تعمل بطاقتها الكاملة. فنحن بصدد خطوات عملية تعكس جدية الموضوع، وتعكس جهود المغرب في متابعة تنفيذ وترجمة تلك الإجراءات التنفيذية على الأرض. وبهذا الإنجاز المهم يمكن القول إن المغرب قد طوى سجل سنوات صعبة فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضية الصحراء المغربية، حيث أصبح المغرب الآن، أمام موقف واضح للإدارة الأمريكية قوامه الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على صحرائها.

               II.            أهمية القرار ووجوب صيانة مكتسباته

لا شك أن هذا المكسب الدبلوماسي غير المسبوق الذي حققته بلادنا، أربك خصوم وحدتنا الترابية، وبعض المشككين، وهو ما تجسد في لجوئهم إلى أساليب مضللة ومغرضة تتجلى فيما يلي:
  • التبخيس، من خلال التقليل من أهمية هذا الإنجاز والادعاء بأنه لا يعدو أن يكون إعلانا رمزيا أو احتفاليا لن تتبعه أي إجراءات عملية أو ذات آثار قانونية، ولن يكون له أي أثر أو صدى في مجلس الأمن؛ وقد بينت الأيام القليلة أن هذا الادعاء زائف؛
  • التشويش، عبر الترويج لسهولة تراجع الإدارة الأمريكية المقبلة عن هذا الاعتراف، وعبر حملات إعلامية تضليلية ومناوئة، تأكد أن جزءا منها مدفوع الأجر؛
  • الضغط، من خلال تحريك بعض اللوبيات ومجموعات المصالح لشن حملات مضادة لدفع الإدارة الأمريكية المقبلة للتراجع عن القرار.
غير أن كل هاته الأساليب المغرضة والمضللة لن تفلح، وهي مردودة على أصحابها للاعتبارات التالية:
  1. إن هذا القرار وهذا الإعلان وما تضمنه لم يأت من فراغ، بل جاء تتويجا لتراكم تم على مدى سنين، بفضل جهود الدبلوماسية المغربية في الساحة الأمريكية. وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى أن التوجه العام لهذا القرار ورد في التقرير التفسيري المرافق لميزانية وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج المرتبطة بها لسنتي "2018-2019" والصادر عن الكونغرس، فجاء الإعلان الرئاسي ليكسب هذا التوجه قوة تنفيذية ملزمة، مما يجعل التراجع عنه عبر قانون في الكونغرس الأمريكي أمرا صعبا جدا؛
  2. إن البعض ممن بخس هذه الخطوة التاريخية سقط ضحية مقالات نشرت في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهي مقالات لم يكن لها أي صدى وأي تفاعل من لدن فريق الإدارة الأمريكية الجديدة، على خلاف قضايا أخرى أعلن فيها فريق الإدارة الجديدة نيته عن مراجعة القرارات المتخذة من قبل الإدارة الحالية؛
  3. إن الإعلان الرئاسي، الذي ادعى البعض أنه مجرد إعلان احتفالي، تم نشره فعلا في السجل الفدرالي، كما تم تسجيله لدى الأمم المتحدة، كما أشرت إلى ذلك من قبل؛
  4. شرعت الإدارة الأمريكية على عدد من المستويات في التنزيل الفعلي لمقتضيات القرار على أرض الواقع كما رأينا؛
  5. إن من شأن الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء - بما للولايات المتحدة الأمريكية من وزن - أن يدفع بدول أخرى للسير في نفس الاتجاه، على المستويين السياسي والاقتصادي.
لكل هذا فإن عددا من المراقبين والمختصين يعتبرون ما تم تحولاً استراتيجياً وانتصارا جيو سياسيا في المنطقة وإنجازاً ديبلوماسياً لبلادنا. ومن هنا أريد أن أؤكد أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يشكل ضربة قاسية لأطروحة الانفصال وتتويجاً لسلسلة من المحطات التي عمل فيها المغرب بقيادة جلالة الملك حفظه الله بتدرج على ترسيخ السيادة الوطنية على كامل ترابه وبالخصوص في الصحراء المغربية. ونحن ندرك أن هناك من يرغب في أن تبقى قضية الصحراء المغربية نزيفا مزمنا لبلادنا يشغله ويستنزف قدراته، لذلك يجب أن نتحلى بدرجة عالية من الوعي واليقظة. لكل هذا فإن التعبئة ينبغي أن تبقى مستمرة لصيانة هذه المكتسبات الهامة والنوعية، ليظل هاجسنا اليوم جميعا، دولة وحكومة وقوى وطنية، مدنية وسياسية، هو تحصين هذا الإنجاز الذي حققته بلادنا من خلال اعتراف الإدارة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه، لا سيما من خلال:
  1. - ترجمة الاستحقاقات المرتبطة بهذا الاعتراف على أرض الواقع؛
  2. رفع المجهود الدبلوماسي للدفع في اتجاه التحاق دول أخرى بهذا الاعتراف؛
  3. رفع مستوى التصدي للحملة الدعائية التضليلية المغرضة التي يمارسها خصوم الوحدة الترابية للمملكة للنيل من هذا الإنجاز.
ونؤكد أن المغاربة جميعا، كما عودونا دائما، بالمرصاد لكل من سولت له نفسه المس بوحدتنا الوطنية والترابية أو العبث بالمصالح العليا لوطننا.

ثالثا - تطور الملف على مستوى الأمم المتحدة

اعتمد مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر 2020، القرار رقم 2548 الذي أسس لثلاث مرجعيات جوهرية تتعلق بمعالجة قضية الصحراء المغربية من طرف المجلس: أولها الثبات في النهج، وثانيها الوضوح في الأهداف، وثالثها الحزم في الموقف. وبذلك أكد القرار الجديد على وجاهة ومشروعية المقاربة المغربية.

                  I.            الثبات في النهج

  • القرار الجديد هو الخامس على التوالي الذي يجدد التأكيد على أولوية المسلسل السياسي للموائد المستديرة باعتباره الإطار الوحيد والأوحد من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي، على الرغم من المناورات العقيمة والمماطلات غير المجدية من جانب الأطراف الأخرى طوال السنة الجارية.
  • وبذلك وضع مجلس الأمن، مرة أخرى، الجارة الجزائر أمام مسؤولياتها، وذلك بذكرها خمس مرات في نص القرار، مدعوة مرة أخرى إلى أن تظل ملتزمة، في مسلسل الموائد المستديرة، بروح من الواقعية والتوافق، طيلة هذه العملية لضمان نجاحها. وهذا ما يشكل تأكيداً لا لبس فيه للطابع الإقليمي للنزاع حول الصحراء المغربية.
  • القرار رقم 2548 جدد ولاية بعثة المينورسو لمدة سنة، وهو تأكيد على تشبث المجلس بالمسلسل السياسي للموائد المستديرة، وضمان استئنافه في جو من الهدوء وروح المسؤولية بعيدا عن الضجيج والضغوط والاستفزازات المتكررة.
  • كما أظهر مجلس الأمن ثباتاً في موقفه من الدعم والإشادة بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي والتي وصفها بكونها جادة وذات مصداقية في قراره السابع عشر على التوالي منذ سنة 2007.

               II.            الوضوح في الأهداف

  • القرار الجديد رسالة واضحة بخصوص معايير الحل السياسي الذي لا يمكن إلا أن يكون، كما يقول القرار، واقعيا وعمليا ودائما ومبنيا على التوافق، وهو تكريس للمحددات التي أكدتها القرارات السابقة بشكل أصبحت اليوم مرجعية لا محيد عنها.
  • كما أن إصرار مجلس الأمن على ضرورة التحلي بروح التوافق إنما هو رسالة واضحة موجهة للأطراف الأخرى لمطالبتها بالتخلي عن مقترحاتها المتجاوزة ومرجعياتها الدوغمائية، والنظر بجدية في المبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.

            III.            الحزم في الموقف

  • القرار رقم 2548 رسالة حازمة تجاه جبهة "البوليساريو" التي واصلت استفزازاتها الخطيرة وانتهاكاتها الواضحة لقرارات مجلس الأمن شرق وجنوب منظومة الدفاع المغربي، وهو الوضع الذي ما فتئ المغرب ينبه إليه السيد الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء المجلس من خلال العديد من رسائله طيلة السنة الجارية.
  • فللمرة الخامسة، لم يتوان مجلس الأمن عن تحذير "البوليساريو" لمواصلتها انتهاكاتها الخطيرة المسجلة والموثقة بدقة في التقرير الأخير للأمين العام، مطالبا إياها بالامتناع عن أي عمل من شأنه عرقلة استئناف المسلسل السياسي أو زعزعة الاستقرار في المنطقة. وهي رسالة حزم لرفض الأعمال الاستفزازية والتخريبية وزعزعة الاستقرار التي يسعى الانفصاليون إلى خلقها في المنطقة العازلة.
  • وبنفس الحزم كرر مجلس الأمن نداءه بالسماح بإحصاء وتسجيل ساكنة مخيمات تندوف، وهي المسؤولية التي لا تكف الأطراف الأخرى عن التنصل منها.

ثالثا- آفاق قضية الصحراء المغربية

ستواصل المملكة التزامها بجهود الأمين العام للأمم المتحدة الهادفة إلى إعادة إطلاق العملية السياسية على أساس المعايير التي اعتمدها مجلس الأمن في قراره رقم 2548، كما أكد ذلك جلالة الملك نصره الله في اتصاله مع السيد غوتيريش خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معه صاحب الجلالة حفظه الله يوم 16 نونبر 2020. ومع ذلك، فإن المملكة تظل على قناعة أن العملية لن تنجح دون المشاركة الجدية للطرف الرئيسي، الجزائر، في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. إن استمرار العملية السياسية سيظل مرهوناً أيضا باحترام الأطراف الأخرى لوقف إطلاق النار، فلا يمكن أن يكون هناك تقدم في العملية السياسية ما دامت "البوليساريو" تستمر في أعمالها الاستفزازية ضد القوات المسلحة الملكية. ويعيد المغرب التأكيد أن مبادرة الحكم الذاتي الشجاعة تبقى هي الحل الوحيد والأوحد لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول مغربية الصحراء. وأمام الإخفاقات التي لحقت بأعداء الوحدة الترابية، سيواصلون مناوراتهم داخل البرلمانات الوطنية والإقليمية، وخصوصاً البرلمان الأوروبي، ووسائل الإعلام، الشيء الذي يتعين معه تكثيف العمل وتظافر الجهود لتحصين مكتسباتنا والتصدي لكل المناورات. إن المكتسبات التي تم إحرازها تستوجب علينا مواصلة العمل ضمن مقاربة شمولية، وأن نضع نصب أعيننا الانفتاح على مزيد من الدول الصديقة والشقيقة، ومواصلة الجهود للتعريف بعدالة قضيتنا عبر:
  • تطوير علاقات التعاون والتبادل مع مجمل وسائل الإعلام الأجنبية، بغية ضمان انتشار واسع وإحداث صدى كبير للأنشطة والتظاهرات المرتبطة بالحقل الدبلوماسي الوطني؛
  • إعطاء الأهمية للدور الذي يمكن أن تضطلع به الجاليات المغربية المقيمة في الخارج، خاصة في الدول المؤثرة على الصعيد العالمي، ومنها دول شمال وجنوب القارة الأمريكية والاتحاد الأوربي، دون إغفال الدول الإفريقية، في التأثير على الرأي العام المحلي وجمعيات المجتمع المدني بحكم تواجدها واحتكاكها ومعرفتها بمجتمعات هذه البلدان؛
  • مواصلة تعزيز التكامل بين الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسيات الموازية وفي مقدمتها الدبلوماسية البرلمانية بما تسديه هذه الأخيرة من خدمات للدفاع عن مصالحنا العليا وفي مقدمتها قضيتنا الوطنية الأولى؛
  • تقوية التعبئة الوطنية الشاملة لكافة القوى السياسية والنقابية والاقتصادية والمجتمع المدني، ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة والشعبية، من أجل دعم الجهود الديبلوماسية للمملكة وإسنادها على المستوى الداخلي.

خاتمة

السيد الرئيس المحترم، أمامنا عمل كبير علينا القيام به جميعا أحزابا سياسية ونقابات وجمعيات وخبراء وكلنا معبؤون وراء جلالة الملك حفظه الله. فلا يجب أن نستهين بهذه المعركة، إنها معركة مصير ومعركة وجود وليست معركة حدود. إن سلسلة الانتصارات السياسية والدبلوماسية والتنموية المتتالية، التي حققتها بلادنا في قضيتنا الوطنية الأولى، لن يزيد المغاربة إلا إصرارا على مزيد من التعبئة وتكاتفا وإجماعا وراء جلالة الملك للمضي قدما في حل هذا النزاع المفتعل وطيه نهائيا، وهو ما يحفزنا على المزيد من العمل والتعبئة، في إطار تظافر الجهود وتكاملها والعطاء المتواصل بكل تجرد وبحس وطني صادق، بعيدا عن أي حسابات أخرى. وبهذه المناسبة أجدد التأكيد على انخراط الحكومة بكل فعالية ومسؤولية لدعم خطوات ومبادرات وقرارات جلالة الملك خدمة للقضية الوطنية وللمصالح العليا لبلادنا. بالموازاة مع المعركة الدبلوماسية، فإن الوجه الآخر للمعركة تنموي بالأساس. لذا فنحن عازمون على مواصلة المسيرة التنموية بمناطق الجهات الجنوبية، شأنها شأن باقي مناطق المملكة، بما يسهم في ترسيخ إدماج أقاليمنا الجنوبية في الوطن المُوَحَّد، ويعزز إشعاعها كمركز تنموي، وجعلها صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، تحقيقا للرؤية الملكية السامية التي جسدها جلالته في خطابه السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة على أن "التزامنا بترسيخ مغربية الصحراء، على الصعيد الدولي، لا يعادله إلا عملنا المتواصل، على جعلها قاطرة للتنمية، على المستوى الإقليمي والقاري". إن مواصلة تنمية الأقاليم الجنوبية، إلى جانب تراكم الانتصارات الدبلوماسية، كفيل بإقبار الأطروحة الانفصالية، وترجيح مبادرة الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية، كحل وحيد لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، يَسَعُ أخواتنا وإخواننا الأعزاء بهذه الجهات من المملكة، الذين أغتنم هذه المناسبة لأتوجه إليهم بتحية إكبار واعتزاز، لما أبانوا عنه على امتداد قرون، من عطاء وصمود مستمرين، بكل إخلاص ووطنية. وإلى إخوتنا المحتجزين بمخيمات تندوف، وإلى من وجد نفسه خطأ أو اضطرارا في الجهة الأخرى، أجدد توجيه نداء المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء سنة 1988 :  "... ومن هذا المنبر أقول لجميع من لديهم النيات الحسنة ولجميع الذين تسري في دمهم ولو نقطة تربطهم بالمغرب إن الوطن غفور رحيم." إن التأكيد على ما حققته بلادنا في مسار القضية الوطنية، والاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء والمتنامي على أرض الواقع، لا يعني أن القضية قد حلت نهائيا، لكن المؤكد بإذن الله هو أن القادم أفضل، وأننا قطعنا أشواطا كبيرة وحاسمة، وأننا نسير في الاتجاه الصحيح، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك