بقلم:نعيمة لحروري
"وفي الليلة الظلماءِ يُفتقد البدر"..
وفي زمن الضجيجِ.. يُقدَّر صوت الحكمة الصامت..
لا أكتب اليوم من باب المجاملة.. ولا أحترف المديح الموسمي الذي لا يُشبهني..
ما أكتبه اليوم.. أكتبه احتراما لمسار، وإكبارا لرجل فهم أن الدفاع عن الوطن لا يكون فقط على الجبهات..بل قد يكون في قاعات الاجتماعات.. في كلمات محسوبة.. وفي إقناع ناعمٍ يُبدّل مواقف دول كانت بالأمس تجهل حتى موقع المغرب على الخارطة..
عبد القادر سلامة.. اسم قد لا يتصدّر العناوين اليومية.. لكنه حاضر بقوة في تفاصيل العمل الجاد.. في صلب المعارك الدبلوماسية الهادئة.. تلك التي تحتاج إلى نفس طويل وإيمان راسخ بعدالة القضية..
منذ انضمام البرلمان المغربي إلى البرلمان الأنديني سنة 2004، بعد الزيارة الملكية التاريخية التي فتحت أبواب أمريكا اللاتينية أمام صوت المغرب، وسلامة لم يتوقف عن زرع صورة هذا الوطن في الوعي البرلماني لدول كانت يوما بعيدة جغرافيًا وسياسيا..
جعل من الحضور المغربي في هذه الهيئة الدولية نافذة مشرعة على إنجازات الوطن.. وعلى عدالة قضية وحدته الترابية..
اليوم.. وبعد سنوات من المثابرة.. لم يعد المغرب ضيفا صامتا في هذه الفضاءات.. بل أصبح نقطة ارتكاز، وعنوانا للتقدير.. كيف لا، وقد تبنى البرلمان الأنديني في مناسبتين متتاليتين (2018 و2022) قرارات بالإجماع لدعم مغربية الصحراء؟ وكيف لا، وأعضاؤه يزورون المغرب منبهرين بما تحقق من تنمية في أقاليمه الجنوبية؟
لقد فهم سلامة، بخبرة السياسي وهدوء البرلماني، أن الدبلوماسية الموازية لا تقوم على الشعارات.. بل على بناء الثقة.. وفتح قنوات الحوار، وشرح المواقف بلغة يفهمها الآخرون.. بلغة المصالح المشتركة.. والاحترام المتبادل.. والالتزام الصادق..
وما بين الحديث عن الطاقات المتجددة.. والفلاحة.. والسياحة.. والتبادل التجاري.. لا تغيب عن أجندته أبدا القضية الأم: الصحراء المغربية.. هي حاضرة في كلماته.. في مشاريعه.. وفي حرصه على أن تكون محور تلاق لا خلاف..
سلامة لا يرفع صوته.. لكنه يجعل صوته مسموعا..
لا يطلب الأضواء.. لكنه يعمل في ظلالها..
وهو في كل ذلك.. يجسّد معنى الوطنية الصامتة.. التي تشتغل حين يصمت الصخب.. وتُقنع حين تفشل العناوين الكبرى..
لهذا، أكتب عنه. لا لأن المناسبة تفرض ذلك.. بل لأن الإنصاف واجب..
ولأن الأوطان، في النهاية، تبنى برجال آمنوا بها دون شروط.. ومضوا..
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك