أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
"فزعتكم معنا يا أهل غزة فقط ماتت ضمائرنا وماتت إنسانيتنا تحجرت قلوبنا وبعنا ديننا ليس عليكم طلب مساعدتنا لقد قاطعناكم بدل مقاطعة منتجاتهم و حاصرناكم بدل محاصرتهم و ساهمنا بقتلكم بدل إنقاذكم"
في ظل المجازر المتواصلة والدمار الذي يلتهم كل شيء في غزة، ومع استمرار العدوان الذي يفتك بالأطفال والنساء والعجائز، لم يعد الفلسطينيون ينتظرون المساعدات من أحد، ولا يرجون بيانات الشجب والاستنكار، بل بات السؤال الأكبر: أين ضمير العالم العربي؟ وأين موقف الشعوب التي كانت يومًا ما تنبض بالغضب نصرة للقضية؟
غزة.. جرح مفتوح في جسد الأمة
ليست غزة بحاجة إلى الدموع التي تُذرف من خلف الشاشات، ولا إلى الخطابات الجوفاء التي تملأ المؤتمرات، بل تحتاج إلى أفعال حقيقية، إلى موقف صادق يعيد للعالم العربي بعضًا من شرفه المفقود في دهاليز المصالح السياسية والاقتصادية.
في الماضي، كانت الشعوب العربية تهبّ عند كل عدوان، وكانت ساحات العواصم تمتزج فيها الهتافات بالغضب، وكانت المقاطعة الاقتصادية سلاحًا فعّالًا في أيدي الجماهير، لكنها اليوم صمتت، وربما تواطأت، بل هناك من اتخذ موقفًا أقرب إلى دعم الاحتلال عبر الاستمرار في تمويل اقتصاده وشراء منتجاته، بدلًا من دعم المقاومة والمساهمة في رفع الحصار عن غزة.
حين يتحول التطبيع إلى حصار جديد
لم يعد الاحتلال الإسرائيلي بحاجة إلى فرض حصاره على غزة فقط، فالعالم العربي تطوع ليقوم بالمهمة عنه. في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الشهداء تحت الركام، نجد الأسواق العربية مليئة بمنتجات داعمي الاحتلال، ونجد الإعلام العربي يُروج لخطاب "التعايش"، بينما الأطفال في غزة يموتون من الجوع، ومن نقص الدواء، ومن القصف المستمر.
أليس من المخجل أن نرى بعض الدول العربية تتسابق لإبرام صفقات اقتصادية مع الاحتلال، بينما مستشفيات غزة تُطفئ أنوارها بسبب نقص الكهرباء وانعدام الأدوية؟ كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من التواطؤ الصامت، حتى أصبحنا نحاصر غزة بلامبالاتنا؟
المقاومة وحدها في الميدان.. فمن بقي معها؟
رغم كل هذا الصمت المريب، لا تزال غزة صامدة، تقاتل وحيدة، تعيد للعالم بأسره دروسًا في الكرامة والشجاعة، لكنها تدرك اليوم أن من كان يومًا حليفًا لها، قد أصبح مجرد متفرج خائف، وربما داعم غير مباشر لأعدائها.
قد تكون القضية الفلسطينية آخر القضايا العادلة في هذا العالم، لكنها باتت أيضًا المعيار الحقيقي لقياس ضمير الأمة. فمن بقي مع فلسطين؟ ومن باعها مقابل وعود زائفة، وصفقات سياسية، ومصالح اقتصادية؟
متى يعود العرب إلى صف المقاومة؟
إن كان هناك بصيص أمل، فهو في الوعي الشعبي الذي قد يستيقظ يومًا ما. قد تهدأ الأوضاع مؤقتًا، وقد تُدفن الجرائم تحت ركام البيوت المدمرة، لكن غزة لن تنسى من خذلها، ولن تغفر لمن باعها.
فهل سنظل ننتظر سقوط المزيد من الضحايا حتى نستعيد ضميرنا؟ أم أننا فقدناه للأبد؟
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك