أنتلجنسيا المغرب:أبو فراس
شهدت العاصمة الرباط، يوم السبت 15 فبراير 2025، حدثًا بارزًا في المشهد الرياضي المغربي، حيث تمت إعادة انتخاب نزهة بدوان رئيسة للجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع، وذلك لولاية ثالثة تمتد لأربع سنوات. هذا التجديد في القيادة يطرح العديد من التساؤلات حول مسار الجامعة خلال السنوات المقبلة، ومدى قدرة بدوان على تقديم إضافة جديدة بعد ولايتين متتاليتين على رأس هذه المؤسسة الرياضية.
يأتي هذا الانتخاب في ظل تحديات كبرى تواجه الرياضة المغربية على مستوى تعميم الممارسة الرياضية، وتعزيز ثقافة النشاط البدني بين مختلف الفئات العمرية، خاصة مع تزايد الوعي بأهمية الرياضة في تحسين الصحة العامة. نزهة بدوان، البطلة العالمية السابقة في سباقات الحواجز، استطاعت خلال ولايتيها السابقتين أن تضع بصمتها في تطوير الرياضة للجميع، من خلال العديد من البرامج والمبادرات التي سعت إلى إشراك مختلف شرائح المجتمع المغربي في الأنشطة الرياضية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل كان التجديد لولاية ثالثة نتيجة إنجازات ملموسة، أم أن الأمر يعكس غياب البدائل القادرة على ضخ دماء جديدة في الجامعة؟
لا يمكن إنكار أن بدوان قامت خلال ولايتيها الماضيتين بعدد من المبادرات التي ساهمت في نشر ثقافة الرياضة بين المواطنين، سواء عبر تنظيم تظاهرات رياضية في مختلف جهات المملكة، أو من خلال عقد شراكات مع مؤسسات حكومية وخاصة لدعم الرياضة المجتمعية. غير أن هناك من يرى أن هذه المبادرات لم تحقق التأثير المرجو على نطاق واسع، حيث لا تزال العديد من المناطق تعاني من نقص في البنيات التحتية الرياضية، وعدم كفاية البرامج الموجهة للنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما أن انتقادات عديدة وُجهت إلى الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع فيما يتعلق بتدبيرها المالي والإداري، إذ يرى بعض الفاعلين في المجال الرياضي أن هناك حاجة إلى مزيد من الشفافية والحوكمة الجيدة لضمان تحقيق الأهداف المسطرة. فإعادة انتخاب رئيسة لولاية ثالثة تطرح دائمًا مسألة تداول السلطة داخل المؤسسات الرياضية، ومدى قدرة الأجيال الجديدة على المساهمة بأفكار ورؤى مبتكرة.
في المقابل، يرى أنصار بدوان أن استمرارها على رأس الجامعة يمنح استقرارًا إداريًا ضروريًا لمواصلة المشاريع التي بدأتها، خاصة تلك المتعلقة بتوسيع قاعدة الممارسين للرياضة في المغرب، وتعزيز الرياضة النسائية، وإدماج الفئات الهشة في الأنشطة الرياضية. كما يشيرون إلى أن خبرتها كلاعبة سابقة ومدربة ومسيرة رياضية تمنحها فهمًا دقيقًا للتحديات التي تواجه الرياضة المغربية، مما يجعلها قادرة على اقتراح حلول فعالة لتجاوزها.
على المستوى الدولي، تمثل الجامعة الملكية المغربية للرياضة للجميع واجهة مهمة للمغرب في المحافل الرياضية الدولية، وهو ما يجعل من رئاستها مسؤولية تتطلب ديناميكية كبيرة وتصورًا استراتيجيًا بعيد المدى. إعادة انتخاب بدوان تأتي في سياق تحولات كبيرة تشهدها الرياضة العالمية، حيث أصبحت الحكامة الجيدة وتطوير الرياضة المجتمعية من أولويات الدول الطامحة إلى تعزيز مكانتها الرياضية. فهل ستتمكن بدوان في ولايتها الثالثة من تقديم نموذج رياضي أكثر شمولية واستدامة؟
تبقى الإجابة عن هذا السؤال مرهونة بالسنوات القادمة، حيث سيُحكم على أداء بدوان بمدى قدرتها على تنفيذ برامج رياضية ذات تأثير ملموس، وتوسيع قاعدة المستفيدين من أنشطة الجامعة، إضافة إلى تحسين آليات التدبير والشفافية داخل المؤسسة. فإعادة الانتخاب قد تكون فرصة لمواصلة مشروع قيد الإنجاز، أو قد تتحول إلى استمرارية بدون تجديد، وهو ما سيتضح مع مرور الوقت ومدى تحقيق الأهداف المعلنة للجامعة في ولايتها الجديدة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك