أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
يشهد قطاع الصحة في المغرب خلال سنة 2024 أزمة متفاقمة تُلقي بظلالها على ملايين المواطنين، ما يجعل من الوضعية الصحية كارثة إنسانية حقيقية تُعقدها تحديات هيكلية وضعف التدبير العمومي. وبينما تُعتبر الصحة من أهم القطاعات الحيوية لأي مجتمع، يبدو أن القطاع يرزح تحت ضغوطات تجعل الآفاق مظلمة، خاصة في ظل حكومة عزيز أخنوش التي تواجه انتقادات لاذعة بسبب ما يصفه كثيرون بالتقصير في اتخاذ إجراءات جذرية للنهوض بالمنظومة الصحية.
أزمة البنيات التحتية الصحية
رغم الوعود المتكررة بتحسين الخدمات الصحية، فإن البنيات التحتية تُظهر عجزًا صارخًا عن استيعاب المرضى وتلبية احتياجاتهم. المستشفيات العمومية في مختلف المدن المغربية، بما فيها الحواضر الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط، تعاني من اكتظاظ شديد، وانعدام الموارد الكافية، وتراجع جودة الخدمات.
في مستشفى محمد الخامس بالدار البيضاء، يشكو المرضى من الانتظار الطويل الذي قد يصل إلى أيام لإجراء فحوصات أو تلقي العلاج. أما في المستشفيات الإقليمية، فالصورة أكثر قتامة؛ غياب التجهيزات الأساسية يجعل من توفير الرعاية الصحية شبه مستحيل.
نزيف الأطر الطبية
الهجرة الجماعية للأطباء والممرضين المغاربة نحو أوروبا ودول الخليج تضعف المنظومة الصحية بشكل خطير. الأطر الطبية تُعاني من ظروف عمل قاسية تشمل ضغط العمل، نقص التجهيزات، وضعف التعويضات المالية. هذا الوضع دفع الآلاف منهم إلى البحث عن فرص أفضل خارج البلاد، ما جعل المستشفيات المغربية تعاني نقصًا حادًا في الكوادر.
وفقًا لتقارير مهنية، فإن المغرب بحاجة إلى حوالي 32 ألف طبيب إضافي و65 ألف ممرض لتلبية الحد الأدنى من معايير منظمة الصحة العالمية. ولكن، مع الهجرة المستمرة للأطر الطبية، يبدو تحقيق هذه الأرقام بعيد المنال.
ضعف تمويل القطاع الصحي
رغم التزامات الحكومة برفع ميزانية الصحة، فإن حصة هذا القطاع لا تزال أقل من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما لا يكفي لتغطية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين. التقشف في تمويل القطاع الصحي يؤثر سلبًا على صيانة المستشفيات، توفير الأدوية، ودعم البرامج الوقائية.
وبحسب مراقبين، فإن السياسات الحكومية تميل إلى التركيز على الشراكات مع القطاع الخاص بدلاً من تعزيز الخدمات العمومية. هذه الاستراتيجية تزيد من معاناة الفئات الهشة التي لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج في القطاع الخاص.
انتقادات المعارضة والمجتمع المدني
لم تسلم حكومة أخنوش من الانتقادات الحادة التي وجهتها المعارضة والمنظمات الحقوقية. المعارضة البرلمانية تُحمل الحكومة مسؤولية الوضع الراهن، متهمة إياها بالتقاعس في تنفيذ الإصلاحات الضرورية. وفي المقابل، تصر الحكومة على أن الوضع الصحي هو نتاج تراكمات لعقود طويلة من سوء التدبير.
منظمات المجتمع المدني تُطلق صيحات استغاثة بشكل مستمر، مطالبة بإجراءات فورية لتحسين القطاع. الإضرابات والوقفات الاحتجاجية للأطر الطبية أصبحت مشهدًا مألوفًا، تعبيرًا عن الغضب والإحباط تجاه سياسات الحكومة.
آفاق غامضة
مع استمرار الأزمة، يتساءل المواطنون عن مستقبل القطاع الصحي في البلاد. هل ستتمكن الحكومة من مواجهة التحديات الراهنة؟ أم أن الوضع سيزداد سوءًا في السنوات القادمة؟ الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب رؤية استراتيجية واضحة، وتحركًا حاسمًا يبدأ برفع ميزانية القطاع، تحسين ظروف عمل الأطر الطبية، وضمان وصول الخدمات الصحية إلى جميع المواطنين دون استثناء.
رسالة واضحة
قطاع الصحة ليس مجرد ملف إداري بل هو ركيزة أساسية لضمان كرامة المواطن. الوضعية الحالية تستوجب تدخلاً عاجلاً وشاملاً من قبل الحكومة، بعيدًا عن الوعود غير الواقعية والتصريحات المتكررة. إنقاذ القطاع الصحي بالمغرب أصبح ضرورة ملحة لا تحتمل المزيد من التأخير.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك