"عبداللطيف وهبي" على حق..لكن " "لِي طَاحَ فِي المَقْلَى يَتَقَلَّى".

"عبداللطيف وهبي" على حق..لكن " "لِي طَاحَ فِي المَقْلَى يَتَقَلَّى".
... رأي / الجمعة 14 مارس 2025 - 14:05 / لا توجد تعليقات:

 أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/إيطاليا

بداية، أقول: إن السيد الوزير المحترم، "عبد اللطيف وهبي"، على حق في ما يتعلق ببعض الجمعيات التي تدعي حماية المال العام والدفاع عن الحقوق والحريات.

إلا أن الهدف من رفع بعض الدعاوى يكون أحيانًا الابتزاز، وهو أمر يعاقب عليه القانون المغربي، لكن لا يجب أن نخلط بين الصالح والطالح، هناك العديد من الشرفاء الذين نعرف تاريخهم المجيد والنظيف في الدفاع عن الحقوق والحريات بكل أمانة وصدق، وهم أنفسهم من يتعرضون للتضييق والمضايقات باستمرار .

من جهة أخرى، نعرف أشخاصًا يتعاملون بالابتزاز علنًا، لا أخلاق لهم ولا كرامة، ويقومون بالاختراقات القانونية ويتعاملون مع رجال السلطة في الظلام في وقت سابق، أما الآن فخرجوا للعلن بدعوى حب الوطن، حب الوطن لا نخلق مسؤولًا عدوًا ولا نخلق طرفًا لننازعه أفكاره، حب الوطن يقتضي المسؤولية والأمانة والحفاظ على عموميات الدولة وتجويد أداء الإدارة... ولا أحد يحاسبهم .

هؤلاء الأشخاص هم من يسعون للحصول على سلطات بطرق ملتوية تسهل عليهم مهماتهم الدنيئة، أما الكبار من الفاسدين، تجدهم يطوعون القوانين لصالحهم في أي لحظة، هذا ليس هدفنا، ولكننا قدمنا صورة مصغرة لتوضيح الوضع.

السيد وزير العدل المحترم، تعلم أننا في دولة ذات تاريخ عريق يمتد لآلاف السنين، ومع ذلك، ألا ترى أنه من العيب في سنة 2025 أن يحكم وزير دولة على الجمعيات بهذا المنطق: "حوتة واحدة تخنز الشواري" كما يقال في المثل المغربي الشعبي؟ .

هناك ظاهرة موجودة، ولا أحد يمكنه إنكارها، الفساد، فهل نسيت القائد الذي تحرش بمتزوجة حتى وقع في الفخ؟ أو القاضي الذي ضبط بتسلم الرشوة؟ أو حتى تصريحات القاضي المعزول "محمد قنديل"؟ بالإضافة إلى العديد من الدركيين ورجال الشرطة الذين تم ضبطهم متلبسين بتسلم الرشوة.

إن هذه الأمثلة كثيرة جدا وكافية لتذكيرك بأن الفساد منتشر في العديد من الزوايا والقطاعات، كما أننا نعلم أن هناك وزراء استغلوا نفوذهم السياسي واكتسبوا أراضٍ لأنفسهم وذويهم من فقراء وحتى من أراضي الدولة نفسها إما بالقوة واستغلال النفوذ أو المكر وتواطؤ بعض رجال السلطة، وأيضًا البرلمانيون الذين قضوا عقوبات سجنية، وأولئك المتابعون بتهم الفساد، وأيضًا الذين أنجز عليهم مجلس "زينب العدوي" تقارير وصفت بالسوداء، ولا ننسى التقارير التي تم إجراؤها في عهد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للحسابات "إدريس جطو" .

أما عن مليارات المخطط الاستعجالي لإصلاح قطاع التعليم حدث ولا حرج، فهذا موضوع يحتاج سنوات من التحليل، بينما "س.ي.ج –  S.D.G- لَاسمير" حيث لهذه الشركة الأخيرة بالذات دور كبير في إعادة تكرير المحروقات وبالتالي تخفيض أسعار المحروقات التي ستنعكس إيجابًا على جيب المواطن المغربي.

سي - الوزير المحترم، بما أن الفساد موجود بالفعل، والجمعيات المبتزة تستغل هذه الثغرات وفقًا لتصريحاتك التي تدافع عنها وتطالب بإلغاء هذه الجمعيات، فأنا أتفق معك في هذا، يمكننا إلغاؤها دون أي مشكلة، لكن في المقابل، يجب أن ننتبه إلى أن الفساد لا يقتصر فقط على الجمعيات، بل يطال أيضًا الوزارات والعديد من القطاعات الأخرى.

لذا، هل الحل هو إلغاء أن نُنهِ ما بنيناه من مؤسسات ووزارات وقطاعات عبر مئات السنين، ونعود إلى الوراء، إلى عصر الحروب بالسيوف والنبال والخيل، لا، الحل يكمن في معالجة المعضلتين معًا بكل جرأة، "لي طاح في المقلة يتقلى" والعمل على إصلاح شامل يشمل كافة الجوانب في المجتمع والدولة.

أعتقد أنك قد اقتنعت أنه يجب علينا أن نبدأ من نقطة واحدة وأن نتعاون جميعًا، أول خطوة يجب أن تكون هي الاعتراف الصريح بالفساد المنتشر في العديد من الزوايا والقطاعات، ولا عيب في ذلك، يجب أن نقف جميعًا من أجل الوطن الحبيب، المغرب، تحت راية "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وأن نؤكد أن دين الدولة هو الإسلام، ودستورها يضمن ذلك، ولا يحق لأحد أن يحذف أو يضيف شيئًا متفقًا عليه في الدستور.

 أقترح أن يكون هناك تعاون بين وزارتكم، وزارة الداخلية، والنيابة العامة، مع احترام مسؤوليات كل جهة وهذا مؤكد، لا بد أن نتذكر أن المشكلة الحقيقية تتعلق بمسألة الجمعيات التي تقوم بالابتزاز، وزارة الداخلية تعرف تمامًا واحدة واحدة وحتى كيفية تأسيس هذه الجمعيات والأهداف التي أنشئت لأجلها... الأمور واضحة ولا أحتاج ذكر أسماء بعينها " لي كاح في المقلة يتقلى".


لكن هناك بعض الشروط غير الضرورية التي تضر أكثر مما تنفع بينكم وبين وزارة الداخلية، تفرض على بعض الجمعيات الجادة والمسؤولة، ومنهم من قضى عقوبات سجنية جراء أحكام ربما ظالمة مبنية على شهادات زور أو... ومن بين هذه الوثائق غير الضرورية مثل شهادة حسن السيرة، فهناك أشخاص قضوا عقوبات سجنية بمختلف التهم التي بث فيها القضاء ويعتبرون في نظر الشرع أنهم دفعوا كفارتهم، ومع ذلك يُطلب منهم الحصول على هذه الشهادات التي لا تفيد شيئًا بل تعطل وتمحي دور المؤسسات السجنية في التربية والإصلاح وتخلق منها صورة مؤسسات انتقامية عقابية فقط.


علماً أن الكثير من هؤلاء الأشخاص وطنيون ويحبون الله والوطن والملك ولا خلاف لهم مع جهة معينة، لكن يتم الحد ومنع طموحاتهم ومنعهم من الانخراط في المجتمع بمثل هذه الأشياء.

لا أحد يمكنه إنكار أن وزارة الداخلية قد ساهمت في تشكيل وتفريخ عدد هائل من الجمعيات..حتى إن بعض التسميات كانت مضحكمة بعد الربيع العربي سنة 2011، ولكن للأسف، معظم هذه الجمعيات قد تورطت في ممارسات مشبوهة، إن أغلب هذه الجمعيات تعمل خارج إطار القانون ولم تقدم تقاريرها السنوية كما هو مفروض، في المقابل هناك جمعيات مسؤولة وجادة تقابل بالمنع والتضييق والمحاكمات الصورية.

لذلك، يجب تجميد الجمعيات الأولى جميعها، ومن ثم إيجاد صيغة قانونية لتسهيل عمل الجمعيات الجادة مع ضمان الشفافية والمساواة .

يجب أن يخرج إلى النور قانون الحق في المعلومة الذي لا يجب أن يبقى حبيس رفوف الوزارات، يجب أن تصبح الوزارات مكاتب زجاجية شفافة، وتكون كل الأعمال المتعلقة بالمال العام مكشوفة، باستثناء الأعمال الأمنية والعسكرية كما يقول المثل العربي: "توضيح الواضحات من الفضيحات" .

يجب أن يتمكن المواطن من متابعة كل ما يتعلق بالمال العام بشفافية كاملة حتى نضمن المحاسبة ونزاهة الانتخابات، حتى يعاقب المواطن بصوته المسؤولين بالتوارث في الوزارات والإدارات، حتى ننعم بالشفافية ونحسن مستوى الفرد ودوره الأساسي في المجتمع، ولكن "لي طاح في المقلة يتقلى" .

 المهم أن نؤمن بأن المجتمع المدني الجاد والنزيه يجب أن يكون شريكًا في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في البلاد، إن الجمعيات الحقوقية الجادة تلعب دورًا أساسيًا في رفع القضايا المتعلقة بالفساد ونهب المال العام، ويجب أن يكون هناك تعاون بين جميع الأطراف لضمان العدالة والمساواة في المجتمع المغربي وهو ما ينص عليه الدستور، وتغييب هذا الركن فيه حماية واضحة للوبيات الفساد ونهب المال العام.

لا ينبغي أن يكون باب الوزارات حاجزًا حديديًا يفصل بين المسؤول والمواطن، معالي الوزير "عبد اللطيف وهبي" ، تذكر قول الإمام "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه حين وجه رسالته إلى "الوليد بن عقبة"، والي الكوفة، حيث دعاه فيها إلى فتح باب التواصل مع الرعية، والاستماع إلى همومهم وشكاواهم، والابتعاد عن العزلة والتفاخر بالسلطة.

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك