بقلم:د. عزالدين العلوي المدغري
فاس، المدينة العريقة، تقف عند مفترق طرق حاسم في تاريخها. بعد مائة عام، ستكون إما جوهرة خالدة أو مجرد ديكور فارغ من روحه، حيث تحل المشاهد السياحية المصطنعة محل الأصالة الحقيقية. هذا القرار لن يتخذ من تلقاء نفسه: إنه يعتمد على ما نقرره اليوم.
خطر “السلطة المختلطة” في النسيج الحضري
هناك تهديد خطير يلوح في الأفق: فقدان التنظيم الحرفي التقليدي للمدينة العتيقة. في الماضي، كان لكل مهنة حيها الخاص، وكان كل سوق عبارة عن شبكة من الورشات حيث تتناقل المعرفة وتتطور. لكن ماذا سيحدث إذا تركنا الفوضى تستشري؟
إذا لم نتحرك، سنرى قريبًا محلًا لبيع السندويشات بين ورشتي نسيج، ومتجرًا للهدايا التذكارية بين محلين للحدادة، ومقهى عالمي الطابع يحل محل ورشة نحّاس تقليدي. هذا الخلط العشوائي لن يكون مجرد تغيير بسيط، بل سيكون قطعًا مع الذكاء الحضري الذي جعل فاس نموذجًا فريدًا عبر التاريخ.
عندما يصبح السوق مزيجًا غير متجانس من الأنشطة التجارية، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتغير المباني، بل بتفكك كامل للنظام الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. ستختفي كفاءة العمل الحرفي، وستتلاشى هوية الأحياء، وستضيع روح المدينة العتيقة في موجة من العشوائية والاستهلاك السريع.
المال وحده لا يكفي: الحفاظ على فاس يتطلب رؤية واضحة
قد يقول البعض: “يكفي أن نستثمر مليارات الدولارات لترميم المدينة وتطويرها.” لكن المال وحده ليس الحل. بل على العكس، قد يؤدي تدفق الأموال دون تخطيط واضح إلى تسريع تحويل المدينة إلى مجرد متحف جامد، حيث لا يسكنها سوى السياح، بينما يُجبر السكان الأصليون على المغادرة.
إن الأمر لا يتعلق فقط بترميم المباني، بل بالحفاظ على نظام اقتصادي واجتماعي حي. حتى تظل فاس مركزًا للإبداع والتجديد، يجب الحفاظ على:
• الحرفيين في أماكنهم، مع ضمان عدم طردهم بسبب المضاربات العقارية.
• التنظيم الحضري التاريخي، حيث تبقى كل مهنة في حيها للحفاظ على استمرارية نقل المعرفة.
• اقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على السياحة، بل يشجع أيضًا الحرف التقليدية كأسواق عالمية، والتعليم، والبحث العلمي.
نحو مستقبل ذكي: الحفاظ دون تجميد، والتجديد دون تشويه
إذن، ماذا يجب أن نفعل؟ يجب التحرك الآن، قبل فوات الأوان. وهذا يتطلب:
1.حماية الأحياء الحرفية من خلال قوانين صارمة تمنع الفوضى التجارية.
2.إنشاء تعاونيات للحرفيين لمنع طردهم بسبب المضاربات العقارية.
3.تشجيع تكامل المهن التقليدية داخل المناطق الحرفية لتعزيز ديناميكيات العمل.
4.الحد من هيمنة السياحة من خلال دعم اقتصاد متنوع يشمل التعليم والتجارة الدولية للحرف.
5.استخدام الاستثمار المالي بذكاء، بحيث يخدم مشروعًا حضريًا يحترم روح المدينة ويدمج الابتكار بحكمة.
لحظة القرار
يمكن لفاس أن تصبح نموذجًا عالميًا للحفاظ على التراث في القرن الحادي والعشرين، مدينة تتناغم فيها التقاليد مع الحداثة دون تناقض. ولكنها قد تنزلق أيضًا نحو نقطة اللاعودة: مدينة مهجورة من سكانها الأصليين، حيث يأتي الزوار فقط لرؤية مبانٍ جميلة بلا روح.
كل هذا يتقرر اليوم. بعد عشر أو عشرين سنة، سيكون الأوان قد فات.
الآن هو الوقت الحاسم
فاس، المدينة العريقة، تقف عند مفترق طرق حاسم في تاريخها. بعد مائة عام، ستكون إما جوهرة خالدة أو مجرد ديكور فارغ من روحه، حيث تحل المشاهد السياحية المصطنعة محل الأصالة الحقيقية. هذا القرار لن يتخذ من تلقاء نفسه: إنه يعتمد على ما نقرره اليوم.
خطر “السلطة المختلطة” في النسيج الحضري
هناك تهديد خطير يلوح في الأفق: فقدان التنظيم الحرفي التقليدي للمدينة العتيقة. في الماضي، كان لكل مهنة حيها الخاص، وكان كل سوق عبارة عن شبكة من الورشات حيث تتناقل المعرفة وتتطور. لكن ماذا سيحدث إذا تركنا الفوضى تستشري؟
إذا لم نتحرك، سنرى قريبًا محلًا لبيع السندويشات بين ورشتي نسيج، ومتجرًا للهدايا التذكارية بين محلين للحدادة، ومقهى عالمي الطابع يحل محل ورشة نحّاس تقليدي. هذا الخلط العشوائي لن يكون مجرد تغيير بسيط، بل سيكون قطعًا مع الذكاء الحضري الذي جعل فاس نموذجًا فريدًا عبر التاريخ.
عندما يصبح السوق مزيجًا غير متجانس من الأنشطة التجارية، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتغير المباني، بل بتفكك كامل للنظام الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. ستختفي كفاءة العمل الحرفي، وستتلاشى هوية الأحياء، وستضيع روح المدينة العتيقة في موجة من العشوائية والاستهلاك السريع.
المال وحده لا يكفي: الحفاظ على فاس يتطلب رؤية واضحة
قد يقول البعض: “يكفي أن نستثمر مليارات الدولارات لترميم المدينة وتطويرها.” لكن المال وحده ليس الحل. بل على العكس، قد يؤدي تدفق الأموال دون تخطيط واضح إلى تسريع تحويل المدينة إلى مجرد متحف جامد، حيث لا يسكنها سوى السياح، بينما يُجبر السكان الأصليون على المغادرة.
إن الأمر لا يتعلق فقط بترميم المباني، بل بالحفاظ على نظام اقتصادي واجتماعي حي. حتى تظل فاس مركزًا للإبداع والتجديد، يجب الحفاظ على:
• الحرفيين في أماكنهم، مع ضمان عدم طردهم بسبب المضاربات العقارية.
• التنظيم الحضري التاريخي، حيث تبقى كل مهنة في حيها للحفاظ على استمرارية نقل المعرفة.
• اقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على السياحة، بل يشجع أيضًا الحرف التقليدية كأسواق عالمية، والتعليم، والبحث العلمي.
لحظة القرار
يمكن لفاس أن تصبح نموذجًا عالميًا للحفاظ على التراث في القرن الحادي والعشرين، مدينة تتناغم فيها التقاليد مع الحداثة دون تناقض. ولكنها قد تنزلق أيضًا نحو نقطة اللاعودة: مدينة مهجورة من سكانها الأصليين، حيث يأتي الزوار فقط لرؤية مبانٍ جميلة بلا روح.
كل هذا يتقرر اليوم. بعد عشر أو عشرين سنة، سيكون الأوان قد فات.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك