أنتلجنسيا المغرب:ع.الباز
إذا كانت الأمطار قد عادت أخيرًا، فإن الأسماك، حسب منطق الحكومة، يُفترض أن تخرج من أعماق البحار وتُنظّم احتفالاً ضخماً بالعودة إلى الأسواق الشعبية، وربما تحمل لافتات مكتوباً عليها "عدنا إليكم بعد طول غياب.. والأسعار بخصم خاص!
لكن الغريب في الأمر هو أنه رغم الزخات المطرية الأخيرة التي بشّر بها عزيز أخنوش ووزيره في الفلاحة، لا يزال الحوت "غاضباً" من المغاربة، مقاطعاً الأسواق، ومستقراً في أعماق البحار، رافضاً العودة إلى الأسعار القديمة كأن بينه وبين جيوب المواطنين خصومة أزلية لا تُحل بالمطر فقط!
حين قال وزير الفلاحة إن نقص الأمطار يتسبب في هجرة الأسماك، استغرب الناس، وقال أحدهم ساخراً: "لعل الأسماك المغربية صارت تملك فيزا شينغن وتهاجر كل عام مع أول جفاف!".
واليوم بعد أن عادت الأمطار، وقف المواطن المغربي أمام بائع السمك يسأله:
– "أش كاين مع هاد الحوت؟ المطر جا علاش باق غالي؟"
ليجيب البائع بمرارة وسخرية: "الحوت ديال الحكومة ماكيجيوش مع المطر، كيجي مع الانتخابات!"
أما عن فرص الشغل التي وعد بها أخنوش بعد التساقطات المطرية، فالأمر تحوّل إلى لغز لا يقل غموضاً عن لغز الأسماك المختفية.
فبمجرد سقوط قطرات المطر، صار المغاربة ينظرون إلى السماء ويرددون بتهكم: "واش الخدمة غادي تطيح علينا مع الشتاء ولا خاصنا شي شبكة نصيدوها بها؟".
ومواطن آخر يعلّق ساخرًا:
"الأمطار نزلت، لكن الشغل مازال عالقًا فوق الغيوم، يمكن خاصنا طائرة حكومية باش نطلعو نجيبوه!"
لقد تحوّلت الحكومة المغربية في عهد أخنوش إلى "مديرية الأرصاد السياسية"، تُعلن نشرة جوية يومية عن الاقتصاد والسياسة، تربط فيها نجاحها أو فشلها بكمية التساقطات المطرية.
إذا غابت الأمطار تبرر ارتفاع الأسعار، وإذا حضرت الأمطار تبرر تأخر انخفاضها، ولو نزل الثلج ستقول ربما: "الأسماك لا تحب البرد، هاجرت نحو مياه دافئة!".
الوعود السياسية في المغرب أصبحت تشبه "الرقص تحت المطر"، جميلة عند المشاهدة لكنها في الواقع لا توفر دفئاً ولا تجلب رزقاً.
الكل ينتظر الأسماك وفرص الشغل، لكن الحكومة تُمارس الرقص السياسي، والجمهور يصفق مرة، ويتفرج مرة أخرى، ثم يعود إلى البيت جائعاً، منتظراً اليوم التالي علّ شيئاً ما يتغيّر!
الضحك الذي يُبكي
في نهاية المطاف، ما نعيشه اليوم هو فعلاً كوميديا سوداء، وعود حكومية مربوطة بالطقس، وأسماك هاربة، ووظائف "معلقة" في الغيوم. والأدهى من ذلك، أن المواطن المغربي اكتشف أنه دخل مثلث برمودا حقيقي بين الحكومة والأسماك وفرص الشغل.. ومن دخل هذا المثلث السياسي أصبح مفقوداً، ومن خرج منه أصبح مولوداً!
ويبقى السؤال المطروح:
"هل يعود الحوت أم ننتظر حكومة جديدة مع موسم مطري جديد؟"
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك