الرميد يُفجّر صراحة الشاهد وحامي الدين يفتح دفتر المراجعات النقدية

الرميد يُفجّر صراحة الشاهد وحامي الدين يفتح دفتر المراجعات النقدية
ديكريبتاج / السبت 05 أبريل 2025 - 18:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو ملاك 

في مقال لافت، للدكتور "عبد العلي حامي الدين"، سلط الأخير الضوء على ما اعتبره شهادة سياسية استثنائية قدّمها الوزير السابق والقيادي في حزب العدالة والتنمية "مصطفى الرميد"، من خلال حوار مطول مع موقع "آشكاين" نُشر طيلة شهر رمضان.

شهادة الرميد، كما يراها "حامي الدين"، ليست مجرد حكيٍ ذاتي، بل وثيقة سياسية عميقة تعكس مسار تجربة إسلامية داخل الدولة، منذ لحظة التفاوض مع "إدريس البصري"، إلى عمق اللحظة الحكومية بكل تناقضاتها.

يُبرز "حامي الدين" أن أهمية هذه الشهادة تكمن في غزارة الوقائع التي تفضح المسكوت عنه، وفي جرأة التحليل الذي لا يهادن، بل يحفر في الجذور السياسية والتنظيمية التي شكلت العمود الفقري لحزب العدالة والتنمية.

يصف "الرميد" حسب "حامي الدين" بأنه "شاهد من الداخل"، راكم خبرات حقيقية من موقع الفعل والمسؤولية، سواء داخل البرلمان أو في وزارة العدل أو لاحقًا في ملفات حقوق الإنسان، رغم تحفظات الكاتب على توليه هذا المنصب في حكومة العثماني.

في هذا المقال بالنسبة للدكتور "عبدالعلي حامي الدين" يمثل مراجعة فكرية وسياسية تلامس التحولات العميقة التي شهدها الحزب وتطرح سؤالًا أكبر عن مستقبل المشروع الإصلاحي في ظل منظومة سياسية معقدة، حيث لا تكفي النوايا ولا تكفي الشعارات، بل لا بد من تقويم ذاتي صادق وواقعي، وهو ما يعد به حامي الدين في تدوينته القادمة، التي ينتظر أن تقدم خلاصات نقدية جريئة من داخل البيت.

 بقلم: الدكتور "عبد العلي حامي الدين"

تابعت باهتمام حوار "الشاهد" الذي أجراه الأستاذ المصطفى الرميد مع موقع آشكاين طيلة أيام شهر رمضان الأبرك.

بالنسبة لي يكتسب هذا الحوار أهميته من الاعتبارات التالية:

ü    أولا، لأنه تم مع شخصية قيادية كان لها دور أساسي في بناء التجربة السياسية للعمل الإسلامي منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، سواء من خلال الأفكار السياسية المعبر عنها في جريدة الصحوة آنذاك، أو من خلال اللقاءات المباشرة مع مسؤولين كبار في الدولة من أبرزهم وزير الداخلية الشهير إدريس البصري، وهي اللقاءات التي كانت تتم بشكل مؤسساتي، وبتنسيق كامل مع قيادة الحركة آنذاك، والتي بدون شك أسهمت في ولوج الحركة الإسلامية إلى الفعل السياسي الرسمي داخل المؤسسات.

ü    ثانيا، لأن الأستاذ الرميد واكب جميع محطات العمل السياسي المؤسساتي لحزب العدالة والتنمية، بدءا بقيادة فريقه البرلماني منذ 1997، أي منذ بداية التجربة، وقد واكبت شخصيا هذه المرحلة من خلال موقعي كصحافي آنذاك، وكنت شاهدا على الدور البارز للأستاذ الرميد في بناء تقاليد العمل الداخلي للفريق وبث روح الجدية والالتزام والحرص على جودة الأداء.

ü    ثالثا، لأن إسم الرميد اقترن بمحطات مفصلية في تاريخ الحزب منذ النقاش المهم لدستور 1996 مرورا بأحداث 16 ماي وما خلفته من تداعيات على الحزب كان الرميد من أبرز المستهدفين حينها، بالنظر لما كان يمثل من قوة ترافعية مهمة بالنسبة للحزب ولاسيما على المستوى البرلماني، بالإضافة إلى موقفه المنحاز لدينامية 20 فبراير وفق تصور إصلاحي معتدل بأفق ديموقراطي واضح ( الملكية البرلمانية..)

ü    رابعا، باعتبار مكانته الأساسية في الفريق الحكومي الأول الذي خاض أول تجربة في التسيير الحكومي بقيادة الأستاذ عبد الإله بنكيران، والذي تميز بانسجام أكبر في العلاقة، بخلاف التجربة الحكومية الثانية، التي عرفت بعض المشاكل.

ü    ويمكن القول بأن تجربة الرحل في وزارة العدل والحريات كانت من أفضل التجارب التي عرفها المغرب، وأستحضر هنا شهادة للأستاذ عبد اللطيف الحاتمي رحمه الله، الذي كثيرا ما كرر أمامي بأن ما قام به الرميد من إنجازات في وزارة العدل لم يسبقه إليه أحد من قبل…ناهيك عن أدواره السياسية التي لا يتسع المقام لسردها وقد كنت شاهدا على جزء كبير منها، وبعضها يمثل معارك حقيقية انتصارا لقيمة العدل ونبذ الظلم وانتصارا أيضا للتأويل الديموقراطي للدستور.

ü    خامسا، يعتبر الرميد أحد مهندسي التجربة الحكومية الثانية بقيادة الدكتور سعد الدين العثماني، والتي تحمل فيها مسؤولية وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان ( شخصيا اختلفت معه في قبوله بهذا المنصب، وكنت أرى أن يكتفي بمنصب وزير الدولة بدون حقيبة، للتفرغ لبعض المهام ذات الطبيعة السياسية في ظرفية تحتاج فيها البلاد لتقوية المؤسسات وضخ جرعات ديموقراطية) لكن الاستاذ الرميد كان -مبدئيا -ضد تولي منصب حكومي بدون مهمة محددة، وقد تحمل في هذه المسؤولية الكثير من الانتقادات بالنظر للقضايا الحقوقية التي أثيرت خلال هذه المرحلة رغم عدم مسؤوليته عنها بشكل مباشر ( أحداث الريف اعتقال الصحافيين محاكمات مدونين..)ومع ذلك فإن أداءه خلال هذه المرحلة تميز بانفتاح كبير على الحركة الحقوقية وتدشين تقاليد في التواصل المباشر مع جميع الفاعلين المدنيين..

ü    سادسا، وأخيرا بالنظر للقيمة العلمية والأدبية لشهادته، في تقييم تجربة حزب العدالة والتنمية على المستوى التدبيري، وهو التقييم الذي يتجاوز -في نظري- أي رهانات مرحلية، وكان من المفروض أن يتم بشكل مؤسساتي للوقوف عند عناصر القوة وتثمينها والوقوف عند عناصر الضعف أو الأخطاء قصد تجاوزها، مع ضرورة رصد التحديات التي واجهت الحزب طيلة عشر سنوات، سواء على مستوى التدبير في العلاقة بمؤسسات الدولة أو على مستوى الداخل الحزبي وما عرفه من ارتباك في بعض المحطات، وذلك من أجل استخلاص الدروس والعبر الضرورية وصياغة الأفكار والاجتهادات التي تشكل عرضا سياسيا جديدا، يقوم على التقييم الموضوعي والنقد الذاتي الشجاع للتجربة، ليكون بمثابة تعاقد جديد مع جميع الفاعلين.

ü    سابعا، بغض النظر عن التحليل السياسي الذي يمكن أن يكون محل اختلاف في التقدير السياسي، فإن الوقائع والأحداث الغزيرة التي سردها الحوار تكتسب قيمة في حد ذاتها، من أجل فهم طبيعة نظامنا السياسي وفهم التعقيدات الواقعية التي تواجه كل مؤمن بالإصلاح في نطاق المؤسسات..

في التدوينة القادمة أقف عند أهم الخلاصات المستفادة من شهادة الاستاذ المصطفى الرميد..

 

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك