منيب تفجر الجدل:التطبيع فُرض على المغرب نتيجة فقدان جزء من سيادته الوطنية

منيب تفجر الجدل:التطبيع فُرض على المغرب نتيجة فقدان جزء من سيادته الوطنية
ديكريبتاج / الأحد 23 مارس 2025 - 20:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

أثارت القيادية اليسارية والأمينة العامة السابقة للحزب الاشتراكي الموحد، نبيلة منيب، موجة واسعة من الجدل بعد تصريحاتها الأخيرة التي أكدت فيها أن التطبيع مع إسرائيل فُرض على المغرب بسبب فقدانه لجزء من سيادته الوطنية.

هذا التصريح، فتح باب النقاش مجدداً حول العلاقة بين المغرب وإسرائيل، ومدى تأثير الضغوط الدولية على القرارات السيادية للبلاد، خاصة في ظل المتغيرات الجيوسياسية الأخيرة.

تصريحات منيب..انتقاد مباشر لمسار التطبيع

في تصريحها، شددت نبيلة منيب على أن المغرب لم يكن في موقع الاختيار الحر فيما يتعلق بقرار التطبيع، بل كان قراراً أملته ظروف دولية وإقليمية معقدة، معتبرة أن ذلك جاء نتيجة "فقدان جزء من السيادة الوطنية لصالح قوى كبرى"، في إشارة إلى التأثيرات الخارجية التي دفعت المغرب إلى توقيع الاتفاق الثلاثي مع الولايات المتحدة وإسرائيل في ديسمبر 2020.

وأضافت منيب أن المغرب "تعرض لضغوط قوية، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، مما جعله يجد نفسه مضطراً للانخراط في موجة التطبيع"، في وقت كانت القضية الفلسطينية تحظى بإجماع شعبي قوي داخل البلاد.

ولم تتردد القيادية اليسارية في انتقاد الطريقة التي تم بها تنفيذ الاتفاق، معتبرة أن المغرب كان بإمكانه الحصول على الاعتراف بمغربية الصحراء دون تقديم تنازلات في ملف التطبيع.

هل فقد المغرب جزءاً من سيادته؟ منظور سياسي متباين

تصريح منيب حول فقدان المغرب لجزء من سيادته الوطنية أثار انقسامات حادة في الأوساط السياسية والإعلامية.

يرى البعض أن القرار كان ضرورة دبلوماسية فرضتها التوازنات الإقليمية والمصالح الوطنية العليا، خاصة مع التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي جعلت عدداً من الدول العربية تتجه نحو إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل.

في المقابل، يرى معارضو التطبيع أن ما قالته منيب يعكس واقعاً حقيقياً، حيث أصبح المغرب، بحسبهم، يخضع لاعتبارات خارجية أكثر من أي وقت مضى، سواء في المجال الاقتصادي أو الأمني أو حتى على مستوى السياسة الخارجية.

المحلل السياسي رشيد لزرق أوضح أن مسألة السيادة الوطنية لا تقاس فقط بقرار التطبيع، بل تتعلق بمجمل السياسات الداخلية والخارجية للمملكة، مشيراً إلى أن المغرب نجح في تحقيق مكاسب كبيرة من خلال الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهو ما اعتبره البعض مكسباً استراتيجياً لا يمكن التقليل من شأنه.

القضية الفلسطينية..بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي

رغم توقيع الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل، أكد المغرب، على لسان العاهل محمد السادس، أن موقفه من القضية الفلسطينية ثابت ولم يتغير، حيث شدد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

غير أن هذا الخطاب لم يكن كافياً لإقناع التيارات الرافضة للتطبيع، والتي ترى أن إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل لا تخدم القضية الفلسطينية، بل تمنح الشرعية لاحتلال الأراضي الفلسطينية.

وخلال الأشهر الماضية، شهد المغرب عدة مظاهرات مناهضة للتطبيع، خاصة بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث عبر المتظاهرون عن رفضهم لأي تقارب مع تل أبيب، معتبرين أن هذا القرار يتناقض مع الموقف الشعبي المغربي الداعم لفلسطين.

مستقبل العلاقة مع إسرائيل..إلى أين؟

منذ توقيع الاتفاق الثلاثي، شهدت العلاقات بين المغرب وإسرائيل تطوراً ملحوظاً في مجالات متعددة، من التعاون الأمني والعسكري إلى الاتفاقيات التجارية والاستثمارات الاقتصادية.

وتم فتح سفارات وتمثيليات دبلوماسية، كما زار مسؤولون إسرائيليون كبار المغرب، وعُقدت اتفاقيات في قطاعات مثل التكنولوجيا، الطاقة، والصناعة العسكرية.

لكن، في ظل تصاعد الجدل حول جدوى هذا التقارب، يبقى السؤال الأهم: هل سيؤثر الضغط الشعبي والانتقادات الداخلية على مستقبل العلاقات المغربية الإسرائيلية؟.

ويرى بعض المراقبين أن المغرب يسير وفق استراتيجية متوازنة تهدف إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب دون التفريط في مواقفه المبدئية، فيما يرى آخرون أن الضغوط الشعبية قد تدفع نحو إعادة النظر في بعض جوانب العلاقة مع إسرائيل، خاصة إذا تصاعد التوتر في المنطقة.

تصريحات منيب..بين الجرأة السياسية والتحدي الشعبي

نبيلة منيب ليست جديدة على إطلاق تصريحات قوية وصدامية، إذ سبق لها أن انتقدت عدة قضايا وطنية ودولية بحدة، من بينها طريقة تدبير جائحة كورونا، والعلاقة مع المؤسسات المالية الدولية، والتوجهات الاقتصادية للحكومة.

ومع ذلك، فإن تصريحها الأخير حول التطبيع يضعها في مواجهة مباشرة مع السلطة، خاصة أن ملف العلاقات مع إسرائيل يعتبر واحداً من أكثر الملفات حساسية في المشهد السياسي المغربي.

في ظل هذا الجدل، يبقى واضحاً أن النقاش حول التطبيع في المغرب لم يُحسم بعد، وأنه سيظل ملفاً ساخناً في الساحة السياسية، خاصة مع استمرار المتغيرات الإقليمية والدولية، التي قد تؤثر على موازين القوى وتوجهات السياسات الخارجية للمملكة.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك