زيارة تاريخية تؤكد ثبات الموقف الفرنسي..رشيدة داتي بالصحراء المغربية في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة

زيارة تاريخية تؤكد ثبات الموقف الفرنسي..رشيدة داتي بالصحراء المغربية في خطوة دبلوماسية غير مسبوقة
ديكريبتاج / الاثنين 17 فبراير 2025 - 22:24 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:أبو آلاء

في خطوة تحمل دلالات سياسية عميقة، قامت وزيرة الثقافة الفرنسية، رشيدة داتي، يوم الاثنين، بزيارة رسمية إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وهي الزيارة الأولى من نوعها لمسؤول حكومي فرنسي إلى هذه المنطقة. وتأتي هذه الزيارة لتعزز موقف فرنسا الداعم لمغربية الصحراء، لا سيما بعد التطورات الأخيرة التي شهدها الملف، واعتراف عدد متزايد من الدول بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.

وحسب ما جاء في بلاغ رسمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، فإن زيارة الوزيرة الفرنسية تمثل تجديدًا للموقف الفرنسي، خاصة أن فرنسا، باعتبارها عضوًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي، لطالما لعبت دورًا محوريًا في دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي كحل سياسي واقعي وعادل لهذا النزاع الإقليمي. ورغم بعض الفتور الذي شهدته العلاقات المغربية الفرنسية في الأشهر الماضية، فإن هذه الزيارة تأتي كمؤشر واضح على عودة الدفء للعلاقات الثنائية، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين في مختلف المجالات.

وقد استهلت الوزيرة داتي، التي كانت مرفوقة بوزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي، محمد مهدي بنسعيد، جولتها من مدينة طرفاية، حيث قامت بزيارة معلمة "Casa del Mar"، وهي بناية تاريخية ستخضع لعملية ترميم كجزء من جهود الحفاظ على التراث المعماري والثقافي للمنطقة. كما شملت زيارتها قصبة طرفاية ومتحف أنطوان دوسانت إكزوبيري، الذي يعد شاهدًا على الفترة التي قضاها الكاتب والطيار الفرنسي الشهير في هذه المدينة، حيث أقام في المنزل الذي تحول لاحقًا إلى متحف يستقطب الزوار من مختلف أنحاء العالم.

ومن طرفاية، توجهت الوزيرة الفرنسية إلى مدينة العيون، حيث أعطت الانطلاقة لأحد المشاريع الثقافية المهمة، وهو مشروع التحالف الفرنسي (Alliance Française)، الذي سيمكن ساكنة الأقاليم الجنوبية من تعزيز مهاراتهم اللغوية والانفتاح على الثقافة الفرنسية، في خطوة تهدف إلى دعم التعاون الثقافي بين المغرب وفرنسا، وتعزيز الحضور الفرنسي في المنطقة. كما قامت بزيارة مكتبة محمد السادس، التي تعتبر من أهم الصروح الثقافية في المملكة، حيث اطلعت على مختلف مرافقها، والتقت بمسؤولين عن القطاع الثقافي.

أما في مدينة الداخلة، فقد كان للوزيرة داتي محطة مهمة، حيث أعطت، إلى جانب الوزير بنسعيد، الانطلاقة لملحقة المعهد العالي لمهن السينما، الذي يهدف إلى توفير تكوين متخصص في مجال السينما والسمعي البصري لسكان الأقاليم الجنوبية. ويعد هذا المشروع جزءًا من جهود المملكة لتعزيز البنية التحتية الثقافية في الصحراء المغربية، وتشجيع الصناعات الإبداعية، بما يساهم في خلق فرص عمل جديدة، وجعل الداخلة وجهة إبداعية واستثمارية في المجال السينمائي.

هذه الزيارة، التي تتواصل يوم الثلاثاء، ستشمل لقاءً ثنائيًا موسعًا بين الوزيرة الفرنسية ونظيرها المغربي، حيث سيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات الهامة في مجالات الثقافة والفنون والسينما، مما يعكس الإرادة المشتركة بين البلدين لتعزيز التعاون الثقافي، باعتباره أحد الركائز الأساسية للعلاقات المغربية الفرنسية.

وتأتي هذه الزيارة في سياق تحول لافت في الموقف الفرنسي تجاه قضية الصحراء المغربية، حيث بدأت باريس تتجه نحو موقف أكثر وضوحًا وحزمًا، تماشياً مع التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، والاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء من قبل عدد من القوى الدولية. كما تعكس هذه الخطوة إدراك فرنسا لأهمية تعزيز علاقاتها مع المغرب، الذي يعتبر حليفًا استراتيجيًا في شمال إفريقيا، وشريكًا رئيسيًا في قضايا الأمن، الهجرة، والتعاون الاقتصادي.

ولا شك أن هذه الزيارة ستحمل أبعادًا سياسية ودبلوماسية مهمة، خاصة في ظل التوترات التي عرفتها العلاقات بين الرباط وباريس خلال الفترة الأخيرة، إذ يُنظر إليها كإشارة قوية على رغبة فرنسا في تصحيح المسار، وتعزيز شراكتها الاستراتيجية مع المغرب، في ظل التغيرات المتسارعة على الساحة الدولية.

يبقى السؤال المطروح: هل ستعقب هذه الزيارة خطوات أخرى أكثر وضوحًا من قبل فرنسا لدعم مغربية الصحراء بشكل صريح ورسمّي، على غرار الاعتراف الأمريكي؟ أم أن باريس ستظل تناور في موقفها رغم كل المؤشرات الواضحة على الأرض؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك