أنتلجنسيا المغرب
كشف وزير العدل عبد اللطيف وهبي عن إعداد تعديلات تشريعية شاملة تهدف إلى مكافحة الجرائم الإلكترونية، ضمن مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية.
هذه الخطوة الطموحة تأتي في إطار مواكبة التحولات الرقمية المتسارعة التي باتت تفرض تحديات جديدة على المجتمع المغربي، حيث أصبح الفضاء الإلكتروني مجالاً خصباً لارتكاب أفعال إجرامية تستدعي تدخلاً قانونياً مستنيراً وفعالاً.
أكد الوزير أن الإصلاحات الجديدة تسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين حماية الحقوق الرقمية وحرية التواصل، مع التركيز على مواجهة الجرائم المستجدة مثل انتحال الهوية الرقمية، الاحتيال عبر الإنترنت، والجرائم المرتبطة بالمواد الإباحية واستغلال الأطفال.
وأوضح وهبي أن المغرب، شأنه شأن باقي دول العالم، يشهد طفرة تكنولوجية غير مسبوقة أدت إلى ظهور تحديات قانونية جديدة، من بينها نشر الأخبار الزائفة، السب والقذف الرقميين، واستدراج الأشخاص عبر الإنترنت.
وفي سياق رده على سؤال كتابي وجهه النائب البرلماني إبراهيم أعبا عن حزب الحركة الشعبية، شدد وهبي على ضرورة تعزيز الحماية القانونية للمستهلكين والمؤسسات في ظل التحديات الجديدة التي فرضتها التجارة الرقمية.
وأشار إلى أن هذه الجهود التشريعية ليست فقط رد فعل على التحديات المحلية، بل هي جزء من استراتيجية وطنية أوسع تهدف إلى وضع المغرب في مصاف الدول الرائدة في مجال الأمن السيبراني.
وأوضح وزير العدل أن المغرب بدأ منذ سنة 2003 في سد الثغرات التشريعية المتعلقة بالجرائم الإلكترونية من خلال إدخال تعديلات على مجموعة القانون الجنائي وإقرار قوانين جديدة تعزز حماية البيانات والمعاملات الإلكترونية.
كما تم إقرار مقتضيات قانونية ضمن قانون القضاء العسكري الجديد لمكافحة الجرائم المعلوماتية ضد أنظمة ومواقع إدارة الدفاع الوطني.
من جهة أخرى، أشار الوزير إلى الدور الذي يلعبه قانون الصحافة والنشر رقم 88.13 في مكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث يجرم نشر الأخبار الزائفة عبر الوسائط الرقمية والتحريض على العنف أو الاحتيال الإلكتروني، مما يعزز من ضبط عمل الصحافة الإلكترونية.
وبخصوص التعديلات الأخيرة، أشار وهبي إلى تغيير مجموعة القانون الجنائي بموجب القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، والذي يتضمن مقتضيات تجرّم التقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع الأقوال أو المعلومات الخاصة دون موافقة أصحابها.
كما تمت مراجعة بعض المواد لتجريم الأفعال المرتبطة بالبث أو التوزيع الادعاءات الكاذبة بهدف المساس بالحياة الخاصة للأفراد أو التشهير بهم.
هذه التعديلات، حسب الوزير، يمكن اعتبارها بمثابة مداخل للحد من تنامي ظواهر الاحتيال الإلكتروني المرتكب عبر جميع الوسائل الرقمية، وتوفير حماية أكبر للمواطنين في الفضاء الرقمي.
لم يقتصر الجهد المغربي على التشريعات الوطنية، بل امتد ليشمل الانخراط في المبادرات الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
فقد صادقت المملكة على اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم الإلكترونية عام 2018، إلى جانب توقيعها على البروتوكول الإضافي الأول الخاص بتجريم الأفعال العنصرية عبر الإنترنت.
وفي إطار تعزيز التعاون الدولي، وقعت المملكة بتاريخ 12 مايو 2022 على البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقية بودابست، الذي يهدف إلى تبسيط آليات التعاون القضائي الدولي، بما في ذلك إصدار الأوامر والطلبات الموجهة لمزودي الخدمات التابعين لدول أخرى للحصول على معلومات حول المشتركين أو بيانات حركتهم.
كما نص البروتوكول على وضع أدوات تكميلية لضمان الحصول على بيانات المشترك مباشرة من مزود الخدمة، ووضع آليات للكشف السريع عن بيانات حركة المرور في إطار تتبع مصادر الاتصال.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك