مغربنا. 1-1 k/A Maghribona نشرت جريدة السعادة في سنة 1953 ، بعد نفي المغفور له السلطان محمد الخامس، أخبار علماء ووجهاء ورجال سياسة تهافتوا لإعلان بيعة ابن عرفة ابن عم السلطان الذي جاءت به فرنسا ليحتل العرش العلوي.
وكان أولئك المتهافتون على اقتسام كعكة السلطة قد نالوا الحظوة وعينوا في أعلى المناصب نظير خيانتهم للملك محمد الخامس، وبالمقابل عزلت سلطات الحماية مسؤولين وعلماء من مناصبهم لأنهم تشبثوا بشرعية الملك المنفي وطالبوا بعودته.
موقع الاخبار "مغربنا" يكشف عن لائحة الخونة ولائحة المجددين للبيعة كما وردت في جريدة السعادة التي تحتفظ مؤسسة أرشيف المغرب بأعدادها في مجلدات ضخمة، فاللائحة موثقة بالعدد والشهر والمدينة التي احتضنت الحدث، وهو أول بحث موثق يفضح الخونة ويكشف عن أسماء بعض العلماء والمسؤولين الذين ضحوا بمناصبهم لأنهم رفضوا الإنخراط في مسلسل الخيانة، حيث كان زعيمي تيار الخونة.. عبد الحي الكتاني والباشا الكلاوي يتحركان بكثافة في سنة 1953 في الأقاليم لتثبيت البيعة لـ “السلطان” بن عرفة.
نفي محمد الخامس وتعيين بن عرفة في أبريل 1953 عقد الكتاني في فاس مؤتمرا للطرق الصوفية، وأعلن معارضته لسياسة السلطان الدينية، وكان الكلاوي يتصل بكبار الزعماء المحليين ويطالبهم بتوقيعاتهم على عريضة لعزل السلطان محمد الخامس، وفي 14 غشت من نفس السنة عقد الكلاوي في مدينة مراكش مجلسا للأعيان أعلن فيه عزل الملك محمد الخامس ونادى بمحمد بن عرفة سلطانا، وفي 20 غشت حوصر القصر الملكي وبدأ محمد بن عرفة حكمه بتسليم سلطاته لمجلس الوزراء والمديرين وهو مجلس مختلط يسيره المعمرون والمغاربة، ونفي محمد بن يوسف “محمد الخامس” رفقة أسرته إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى مدغشقر.
جيء بإبن عرفة وهو ابن عم الملك، شيخ ظل يقطن بفاس وهو أمي لا يعرف الكتابة والقراءة ولم يسبق ان كانت له أي مشاركة سياسية، ولم يختر لشيء سوى لنسبه للأسرة العلوية، ولعل هذا هو الداعي الذي دفع الكلاوي وعبد الحي الكتاني ومن ورائهما المقيم العام للالتفاف حوله، إذ لا يمكن أن يعترض على أي قرار ولو كان يمس بوحدة الوطن واستقلاله، حيث بدأ بالتنازل عن سلطته التنفيذية لمجلس الوزراء والتنازل عن سلطته التشريعية لمجلس معين نصفه من الفرنسيين والنصف الآخر من مغاربة عينوا من طرف المعمر ووصفتهم الحركة الوطنية بالخونة، ومباشرة بعد نفي الملك وأسرته تصاعدت أعمال الوطنيين وأصبحت أكثر حدة من ذي قبل، وفي 24 ماي 1953 نجا الجنرال كيوم من محاولة اغتيال بقنبلة في مراكش، ورفض الشعب الاعتراف بالسلطان الجديد رفضا قاطعا تمثل في مقاطعة المساجد التي يذكر فيها اسم بن عرفة كما قاطع المنتجات الفرنسية، وحين اقتربت الذكرى الأولى لعزل محمد الخامس عمت المظاهرات كل أنحاء المغرب ولم تنته إلا بعودته في سنة 1955.
لقد لعب التهامي الكلاوي وعبد الحي الكتاني دورا كبيرا في مساعدة الإقامة العامة على نفي الملك وأسرته، حيث وقع كبار علماء المخزن محمد المقري، محمد الحجوي ومحمد بوعشرين الأنصاري ومعهم بعض علماء فاس والرباط وسلا على بيعة بن عرفة، فكان بعض الموقعين اختاروا الميل إلى تثبيت امتيازاتهم المادية وآخرون وقعوا بسبب ما بلغوه من السن عدم قدرتهم على المواجهة، وهنالك أئمة عزلوا أو تم تجريدهم من مناصبهم بسبب مواقفهم.
فلنتابع أخبار تلك المرحلة المؤرخة بتاريخ مهم من مراحل تاريخ المغرب الحديث والتي فضحت من وصفهم الوطنيون بالخونة، وقوت عضد الرافضين لبيعة بن عرفة كما وردت في جريدة السعادة في سنة 1953 .
هؤلاء هم من بايعوا بن عرفة حسب جريدة السعادة بالتاريخ و العدد بعنوان " أخبار عن اشهر الخونة"
جريدة السعادة - العدد 8653 / يوم 10 يناير بسلا أقام عبد الحي الكتاني حفلة على شرف المقيم العام كيوم الذي منحه وسام جوقة الشرف.
جريدة السعادة - العدد 8843 /ايام 23/24 غشت بالرباط اجتمع داخل القاعة الشرفية بالقصر الملكي بالرباط الصدر الأعظم محمد المقري ووزير العدلية محمد الحجوي ووزير الأحباس محمد بوعشرين حيث تناول هذا الأخير موضوع الاجتماع الذي هو بيعة السلطان الجديد، وهنا نص الخطاب “قد بارحنا الملك سيدي محمد بن يوسف وأصبح ملكنا اليوم سيدي محمد بن عرفة الذين تعرفون خيارته وماله من فضائل سامية أمير المؤمنين نصره الله وأيد ملكه”.
جريدة السعادة -العدد 8843 / 23/24 غشت بمراكش. قدم إلى مراكش المسيو دوبان مستشار الحكومة من الرباط لتقديم التحية للسلطان الجديد وكان مرفوقا بفلالا مدير الداخلية والجنرال دوتفيل حاكم ناحية مراكش، وكان في استقباله الباشا الكلاوي والعلامة عبد الحي الكتاني، ومن جهة أخرى يسافر إلى مراكش محمد قصارة رئيس المحكمة العليا والسيد محمد الناصري المستشار القانوني لتحية السلطان الجديد باسم المخزن.
جريدة السعادة -العدد 8844 / 25 غشت بسلا تلقى باشا المدينة العلامة الحاج محمد الصبيحي رسالة الصدارة العظمى في شأن مطالبته بجمع أهل البلد لمبايعة السلطان سيدي محمد بن عرفة، وقد استدعى الشرفاء والعلماء والأعيان، حيث قام الفقيه العلامة الحاج أحمد العمراوي الكاتب الأول بالمحكمة الباشوية وأخذ يتلو على الحضور الرسالة، وقد وقع الجميع على نص البيعة.
جريدة السعادة العدد : 8845 / 26 غشت بمكناس استلم باشا مكناس رسالة من الصدر الأعظم يأمره فيها بجمع القضاة والعلماء ومختلف الطبقات لتهيئ البيعة حيث وقع العلماء: قاض الأحواز الفقيه العلامة المهدي الفاسي ثم الفقيه العربي المنوني والعلامة محمد برادة ثم أعضاء المجلس العلمي وهم العلامة عبد القادر العلوي وسيدي محمد بن الهادي المنوني وأحمد بن الصديق الدغوسي ومحمد الزرهوني ومولاي العربي بن محمد الهلالي والعلامة مولاي الطيب الحريف والسيد الطاهر البعاج، ثم وقع العلماء الخارجون عن النظام ورجال الإفتاء والتدريس الحر وفي طليعتهم العلامة المحدث بنعيسى الخلطي والعلامة الحاج محمد التراب ثم وقع جميع العدول والشرفاء. جريدة السعادة - العدد : 8848 /28 غشت بمكناس استدعى الخليفة الباشوي الفقيه محمد بن المدني البناني الأعيان والعلماء لإخبارهم بأن السلطان الجديد قد خصص وقتا لاستقبال علية الشعب المكناسي، وقد تألف الوفد الذي كان في مقدمته الباشا وقاضي مقصورة الجامع الكبير العلامة سيدي عمر العراقي الحسيني بالإضافة إلى 150 شخصية.
جريدة السعادة - العدد : 8847 /28 غشت الدار البيضاء استقبل العلامة عبد الحق الكتاني الوفود المهنئة لجلوس السلطان الجديد على العرش، وأثناء الاجتماع ألقى القاضي عبد الكريم السودي قصيدة في مدح الكتاني.
جريدة السعادة - العدد : 8856 / 10 شتنبر بفاس تشرفت فاس بمقدم العلامة عبد الحي الكتاني وقد حضر برفقة نجليه العالم عبد الكبير العضو بمجلس الشورى والعالم عبد الرحمان.
جريدة السعادة - العدد : 8970 / 29 يناير بالرباط أنعم السلطان بن عرفة على الفقيه الحاج الكردودي الحسني بالوسام العلوي من رتبة فارس بصفة استثنائية.
جريدة السعادة - العدد : 8979 / 9 فبراير بمراكش عين العلامة سيدي الحاج محمد فتحا وزيرا للأوقاف المغربية.
جريدة السعادة - العدد : 8985 /16 فبراير بالرباط أنعم السلطان على كل من الفقيه محمد بن الحاج مصطفى ابن عمرو العضو بالمحكمة العليا والفقيه محمد العماني العضو بالمحكمة العليا بالوسام العلوي من رتبة فارس.
جريدة السعادة - العدد : 9049 /1 ماي مكناس عين الفقيه سيدي بوبكر نجل العلامة عبد الحي الكتاني رئيسا للمحكمة الإقليمية بمكناس.
جريدة السعادة - العدد :9155 /3 شتنبر الرباط علم أن الملك محمد بن عرفة أذن لثلاثة عشرة من العلماء الأربعين الذين حضروا إلى الرباط يوم 18 غشت الماضي بالعودة إلى مسقط رأسهم. جريدة السعادة - العدد : 9275 / 22 يناير ابزو عين المخزن العلامة سيدي الهاشمي بن محمد العبدي قاضيا على قبيلة هنتيفة.
جريدة السعادة - العدد : 9284 / 2 فبراير أرفود أنعم السلطان على العلامة القاضي عرفة بن الكبير قاضي تافيلالت بالوسام العلوي.
في أواخر شهر مارس من سنة 1953 انعقد مؤتمر صغير بمدينة مراكش تحت رئاسة الكلاوي وبحضور بونيفاس والدكتور إيرو نقيب المعمرين والمحامي رولان، وأدلى بونيفاس بتفاصيل عن مشروع إيجاد حركة معارضة لسياسة السلطان سيدي محمد الخامس، وسرد مراحل تنفيذ المشروع فصودق عليه بالإجماع، وطلب كل من إيرو ورولان من الكلاوي أن ينقذ المغرب من خطر السلطان وحزب الاستقلال، وقال له: “إن مستقبلنا جميعا مهدد مادام محمد بن يوسف “محمد الخامس” يتمتع بهذا النفوذ..”، ثم أخذ يسرد الوقائع التي جرت للكلاوي مع السلطان، ثم تكلف بونيفاس بكافة باشوات الشاوية الشمالية وقوادها، وقال إنه سيحملهم على الانخراط في هذه الحركة طوعا أو كرها. ومن أسماء من بايعوا ابن عرفة في فاس حسب ما جاء في العدد 309 من نفس الجريدة، عبد السلام بن عبد الله الفاسي والطاهر الفاسي. وذكر التاريخ السياسي لمؤلفه عبد الكريم الفيلالي أخبار الخونة بتفصيل دقيق متحدثا عن اجتماعاتهم السرية ومخططاتهم المدروسة لقلب النظام، وجاء في الفصل الحادي عشر ص 270، أن الخونة كونوا لهم لجنة أسموها بالمجلس الأعلى للباشوات والقواد لإسقاط محمد الخامس و منهم التهامي الكلاوي والكتاني وإبراهيم الزهاني، والفشتالي، ومحمد بن ميمون لهبيل والمختار المطيري وإبراهيم الكلاوي.
وفي نفس الفترة صدرت فتوى شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي يكفر فيها كل من بايع بن عرفة، وصدرت فتوى من علماء الأزهر بتاريخ 18 يوليوز 1953 بكفر ومروق الكلاوي، وأمرت السلطات الفرنسية محمد اشماعو بالرد على تلك الفتوى. أما محمد المقري فعين مكان كاباص في الوزارة الأولى ووقع الظهير البربري وكفر المقري حين قال لكيوم بالحرف:”إن إبعاد محمد الخامس سوف لن يكلف أكثر من 24 ساعة من الفوضى والاضطرابات…
وإذا صح العزم فلتبادر فرنسا بإبعاد عدوها”، وعندما نفي الملك أصدر بيانا جاء فيه “إن إبعاد محمد بن يوسف هو الوسيلة الوحيدة التي تساعد لصون البلاد من خطر الشقاق واسترجاع النفوذ التقليدي للسلطان، وذلك بإعادة الهدوء والطمأنينة في النفوس، وقد اجتمع المخزن يومه تحت رئاستي وتبين له أن سيدي محمد بن يوسف أصبح لا يستطيع القيام بواجبات الملك المسندة إليه، فقرر الاعتراف بتوافق الحكومة الفرنسية بسيدي محمد بن مولاي عرفة سلطانا وحيدا شرعيا على المملكة المغربية الشريفة”.
ومن الموشومين بالخيانة نجد أحمد البناني الذي شغل مدير التشريفات، وله رقم في الاستخبارات الفرنسية بالداخلية في سنة 1940 علامته “A21 ” كشفه الحسين المشاط مدير الشؤون الإدارية عام 1958 وقدمه للوزير مسعود الشيكر وسلم لمحمد الخامس، ومات وهو طريد.
في الاخير اختم بهذه الحكمة "لا عاش من خان الوطن ولا ارتفع له مستوى، ويظل سلعة في السوق لا تشترى ولا تباع ، فقط تفضحهم الأقلام في الصحف حكايات للأجيال".
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك