نبش في التاريخ ..حقيقة محرقة اليهود المغاربة بسيدي قاسم

نبش في التاريخ ..حقيقة محرقة اليهود المغاربة بسيدي قاسم
مستجدات / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا1-Maghribona1:القاسمي/ع قد لا يعني يوم 03 غشت 1954 شيئا مهما للكثيرين، لكنه يؤرخ بالنسبة لليهود المغاربة  لمأساة ما يصفونه “بمحرقة "بوتي جان" سيدي قاسم ، التي راح ضحيتها مجموعة من الضحايا الأبرياء، على يد مغاربة. عادنا إلى النبش في هذه الواقعة، للكشف عنالأسباب الحقيقية” لصفحة مؤلمة في تاريخ اليهود في المغرب، مازالت أحداثها محفورة في ذاكرتهم.

الحاكم الفرنسي بوتي جان

لا يتفق جميع الذين عايشوا ذلك “اليوم الأسود” في تاريخ اليهود المغاربة على تفاصيل رواية واحدة لما وقع. لكن جميع من الناس القدامى، ربطوا السبب المباشر للواقعة “بإقدام أحد اليهود المغاربة الذي كان يملك مخزنا للحبوب، على حرق صورة للسلطان محمد الخامس، كانت معلقة على أحد الجدران التجارية أمام الملأ”.

ما قام به هذا اليهودي لم يستسغه أبناء مدينة سيدي قاسم، خصوصا أن هذه الفترة تزامنت مع فترة نفي السلطان محمد بن يوسف بجزيرة مدغشقر، ورمزية “الملك محمد الخامس الذي شاهده المغاربة في القمر”، كانت حاضرة عند أهالي المدينة، من خلال صوره المعلقة على الجدران، وأبواب المحلات التجارية، لذلك “اعتبر المواطنون حرق صورة ملكهم إهانة لهم”، يقول بن علي، أحد الذين عايشوا هذه الأحداث.

الأخير لا ينفي أن بعض “الغاضبين” قاموا بالسطو على ممتلكات اليهود، الذين كانوا يسيطرون على جزء كبير من التجارة في المدينة، ما يفيد أن “الغيرة الوطنية”، لم تكن السبب الرئيسي الذي يقف وراء اندلاع الأحداث، بل إن عددا لا بأس به من الذين شاركوا في الأحداث، كانت أعينهم على الذهب المخبأ في مخازن اليهود، ما شكل مصدر اغتناء البعض من أعيان المدينة اليوم.

يحكي بن علي بعض الوقائع التي سبقت حادث حرق صورة المغفور له الملك محمد الخامس ذلك اليوم بإسهاب، “بعد أن قام أحد الأشخاص المحسوبين على عناصر المقاومة، بوضع الصورة المذكورة فوق الجدار، جاء شخص آخر  كان محسوبا على السلطات الاستعمارية كان يطلق عليه اسم الوجدي وأطلق النار عليه، وأرداه قتيلا في الحال”. يقول بن علي، إن أغلب السكان، اعتبروا أن الحادث لم يكن عرضيا، بل كان مدبرا له من طرف بعض اليهود الموالين للمستعمر في المدينة، وهذا “ما تأكد لهم عندما أحرق يهودي صورة الملك محمد الخامس، مباشرة بعد مقتل فدائي على يد خائن”، يضيف المتحدث ذاته. بعد معاينة سكان مدينة سيدي قاسم لهذا المشهد، اندلعت أحداث عنف أججتها فورة الغضب التي كانت تتملك جيوش من الغاضبين. “كنت خلال هذه اللحظة رفقة أبي، وشعرت بالخوف يتملكني، خصوصا  بعد دخول القوات الفرنسية إلى المدينة، لمنع الغاضبين من تجاوز الحواجز التي وضعت حينها في شارع الحسن الثاني”، يقول بن علي، الذي مازال يتذكر أحداثا طبعت طفولته.

أغلب الذين عايشوا الأحداث أو كانوا قريبين منها، أكدوا أن “المشاركين في أحداث العنف أقدموا على حرق بعض اليهود أحياء داخل متاجرهم بالبنزين والنار”، وهذا ما يفسر وصف العديد من اليهود المغاربة وأبناء الضحايا لما وقع “بالمحرقة” في منتديات النقاش على الانترنيت، الأمر الذي يرفضه بعض المؤرخين، على اعتبار أن “عدد الضحايا لم يكن كبيرا، حتى نصف الحادث بالمحرقة، بل يمكن القول إنه هجوم عنصري”. هذا الرأي تعززه شهادات تضمنتها منتديات النقاش في أحد الموقع إلكترونية لليهود مغاربة، التي تكاد تجمع أن عدد اليهود مغاربة الذين لقوا حتفهم ذلك اليوم، لا يتعدى 6 قتلى.

عائلات الضحايا مازلت تتذكر بحزن ما وقع لأفرادها، وتسرد تفاصيل الحادث في مواقع إلكترونية وسياقه التاريخي وأسبابه، بالإضافة إلى تبادل المعطيات بهذا الخصوص.

إن المغاربة المسلمون في تلك الحقبة كانوا ينظرون إلى اليهود “كجسم غريب” عنهم، بل يصنفونهم ضمن خانة “الأجانب” والموالين للاستعمار، وهذا شكل أحد الأسباب الأخرى غير المباشرة. هذا الأمر يفسره المؤرخون بالدخول المبكر لليهود المغاربة إلى “عالم الحداثة”، وتعلمهم اللغة الفرنسية من خلال مدراس الجاليات اليهودية، وبالتالي فهذا ساهم في ظهور نخبة من اليهود المغاربة في أربعينات وخمسينات من القرن الماضي، تضم الأطباء والأساتذة والمحامون.

هذه النظرة التي كان يحملها المغاربة المسلمون على اليهود ترجع إلى التفضيل الذي كانوا يحظون به في الإدارات خلال عهد الحماية الفرنسية من طرف السلطات الاستعمارية، بسبب إتقانهم الحديث باللغة الفرنسية، وفي إطار سياسة “فرق تسود”، دون إغفال “ما كان يصدر عن بعض الوطنيين من مواقف مناهضة لليهود، التي كانت تعتبر كل مغربي وطني لا يمكن أن يكون إلا مسلما، لكن دون أن تصل هذه المواقف إلى معاداة السامية”.

هذه المعادلة لا يمكن تعميمها، إذ أن العديد من اليهود المغاربة شاركوا في نضال الحركة الوطنية، وفي المقاومة المغربية، وعلى سبيل المثال حادث إعدام يهوديين على يد السلطات الاستعمارية، فترة قليلة قبل عودة محمد لخامس من المنفى. بعض الذين عايشوا أحداث 1954 في سيدي قاسم، لم يخفوا في أحاديثهم “عدم الارتياح” الذي كان يشعر به المغاربة المسلمون، بسبب سيطرة اليهود على التجارة في المدينة، خصوصا أن أغلبهم كان يقطن بمكناس، ويمتلك محلا تجاريا في سيدي قاسم، فكان حادث الاعتداء عليهم، سببا في نزوح الناجين منهم وتركهم الجمل بما حمل، وغادروا المدينة، بعد أن تم الاستيلاء على ممتلكاتهم. فهذا النوع من “الحملات الشعبية” التي كان ينعدم فيها دور الأمن، تفتح الباب أمام بعض الأشخاص لاستغلال الوضع، والقيام بسرقات للمحلات التجارية. وللإشارة لم يكن حادث الاعتداء على اليهود بسيدي قاسم الأول من نوعه، بل سبقته وقائع مماثلة خلفت عددا أكبر من الضحايا في وجدة وبعض المناطق المجاورة، إذ قام مغاربة مسلمون وجزائريون بالهجوم على دكاكين لتجار يهود ومحلات العبادة الخاصة بهم، فضلا عن الاعتداء عليهم.

وهو من أكبر أحداث الاعتداء التي تعرض لها يهود مغاربة أبرياء في المغرب، ويرجعه بالأساس إلى قيام دولة إسرائيل في نفس السنة، إذ جاء هذا الحادث آنذاك كرد فعل أو انتقام لما “فعله الصهاينة في حق الفلسطينيين من تهجير وقتل”. وفي نفس السياق نشر منتدى "دافينا الاسرائيلي " قائمة بأسماء من تم "حرقهم" في أحداث بوتي جان سيدي قاسم سنة 1954 وهم على الشكل التالي كما نشرهم هذا المنتدى وغيره من المنتديات والمواقع الإسرائيلية:

عمّار أبراهام (53 سنة)

صامويل بوسيدان ( 45 سنة)

أبراهام الفاسي (27 سنة)

شالوم الفاسي (56 سنة)

دافيد طوليدانو (16 سنة)

إيلي طوليدانو (50 سنة)

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك