ماذا يدور حول الدكتور محمد الفايد ومنتقديه؟

ماذا يدور حول الدكتور محمد الفايد ومنتقديه؟
مستجدات / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا1-maghribona1 هوجم الرجل من طرف عشرات العلماء وغير العلماء. ويبدو أن هجوم جلهم غلب عليه الغضب، هذا الوضع النفسي الجسدي، الذي أثارته في نفوسهم تدخلات غير موفقة في الدين للدكتور محمد الفايد كما يرون. والغضب كما نعرف، انفعال شديد، حذر الدين من خطورته ومن ضرورة تجنبه في الكتاب والسنة. دون أن ننكر بأن الانفعال طبيعي في المستويات العادية، أما إن تجاوزها وارتفع إلى أعلى درجة، فينتج عنه ما لم يكن في الحسبان، كتصرف لاعقلاني يصل إلى حد ارتكاب جرائم من أبرزها القتل بأية وسيلةيتوفرعليها الغاضب المنفعل؟ لكنه للأسف الشديد، أدرك الغضب والانفعال ذروته لدى الفايد ولدى كل من هاجمه، بينما كان من المفروض اعتماد التأني من جهة، وتحديد أخطاء الملوم بدقة واحدة تلو أخرى من جهة ثانية. أما نحن فنرى أن التأني على اعتبار أنه قمة التعقل والتبصر، لا بد أن يسفر تحديدا عن شيئين: ما ينسب إلى الرجل من أقوال إيجابية لأنه لم يكن في ماضيه نكرة. وما ينسب إليه من أقوال سلبية لأنه ككل الناس قد يصيب وقد يخطئ. ومتى راعينا هذا الواقع كنا مع قوله سبحانه: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره". وعليه أختصر تدخلي في موضوعين اثنين: تساؤله عن العلماء بخصوص تدخلاتهم المطلوبة لتقويم ما اعوج من الدين الحق. وتكراره لما سماه بالكهنوتية، أو بالكهنوتيين. فالمتدخلون في موضوع الدكتور الفايد، على اعتبار أنهم سلفيون، أو إسلاميون، أو حتى طفيليون، يهمهم كما يبدو من تدخلاتهم الانتصار للدين بدافع من الغيرة عليه. إنما السؤال المطروح كأساس لأي حوار واقعي معقول: هل المستهدف بالنقد العنيف من طرف الغيورين على الدين: الدكتور محمد الفايد، هو الوحيد الذي علينا تعنيفه وتوبيخه؟ قبل أية خطوة في الاتجاه الموضوعي السليم، نتساءل عما إذا كان الإسلام قبيل الاستعمار على أرضنا واضحا كل الوضوح، سليما كل السلامة من أي تحريف أو من أي تشويه يمكن تصوره؟ ولما لم يكن كذلك ـ وهذا هو الواقع في نظرنا، ومعنا من البراهين ما يكفي ـ أصبحنا ضحية للاستعمار بالرغم من نضال رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. نستحضر منهم اثنين لا أكثر: المجاهد الشيخ الصحراوي ماء العينين، والمجاهد الريفي محمد بن عبد الكريم الخطابي. فما يدعيه ابن عاشر في منظومته، خلاف لما عليه الدين في بلدنا منذ انتشار الإسلام بكافة ربوعه. فالمذهب الحنفي هو الذي كان سائدا في أول الأمر، إنما لفترة قصيرة، ثم انتشر المذهب المالكي على نطاق واسع بفضل مدونة سحنون القيرواني التي كان ما يقرب من ألفي امرأة تحفظها في صحرائنا الشرقية والغربية، كما استفدنا من أستاذنا الراحل: عبد العزيز بن عبد الله رحمه الله. غير أن العض بالنواجد على المذهب المالكي آخذ في التراجع مع تفاقم مختلف البدع في المعتقدات والعبادات! والمذهب المالكي لمن يفهمونه كل لا يتجزأ. إنه معتقدات وعبادات، ومعاملات، غير أن ابن عاشر يخبرنا في منظومته الدينية أن المغاربة في المعتقدات على مذهب الأشعري، وأنهم في الفقه على مذهب مالك، وأنهم في التصوف على طريقة الجنيد؟؟؟ وهذا ادعاء غير واقعي بالمرة، أي أنه لا أساس له من الصحة. فالمذهب المالكي منذ نشأته لم يكن منفصلا عن العقيدة السنية، إضافة إلى أن لمالك آراء قيمة راقية فيها. فإن توفي عام 176هجرية، ومذهبه حينها منتشر في العالم الإسلامي، فكيف يعقل اختصاره على الفقه الذي هو علم بالأمور الشرعية العملية؟ مع العلم بأن الفقه لا يمكن تصور أئمته بعيدا عن معرفتهم بكافة المعتقدات، مما يعني أن المغاربة المرتبطين بمذهبه، لم يكن فهم العقائد الإسلامية ليغيب عنهم، وهم أتباع المتبحر فيها، في انتظار أن يصلهم رأي الأشعري في نفس العقائد؟ والذي لا بد من التسليم به هو أن الأشعري كان معتزليا لفترة، وحين انفصاله عن المعتزلة، دافع عن عقائد أهل السنة والجماعة. إنه بمثابة تائب من خطأ كان عليه، إلى الصواب الذي كان عليه مالك وأتباعه، يعني أنه لا يصح القول بأن المغاربة أشعريون في فهمهم للعقيدة (وهذا خطأ العلماء الذين يتساءل الفايد عن وجودهم). وإنما يصح القول بأنهم مالكيون في مذهب مالك الديني جملة وتفصيلا. فالأشعري توفي عام 324هجرية، ولا يعقل تصور مذهب مالك غير متسلح بالعقائد السنية الصحيحة. ومالك من جهة أخرى كان على بينة منها أكثر من الأشعري الذي جاء بعده، والذي يعد بمثابة محام لها بالحجج العقلية كما هو معروف! أما الجنيد المتوفى سنة 297 هجرية، والذي ادعى المغاربة أنهم على طريقته فزور وبهتان عظيم! دون أن أدخل في التفاصيل حتى أفند ما يزعمون. يكفي أن أطلب منهم دليلا واحدا على أن الجنيد شيخ صوفي طرقي، له مريدون، ينفذون تعليماته كالتزامهم بأذكار معينة بحيث إنهم يؤدونها جهرا وجماعة في صورة ما يعرف لدى الطرقيين عندنا بالعمارة أو الحضرة التي هي من أخطر بدعهم الصارخة؟ بل أجزم أن الطرقيين عندنا لا يعرفون منهج الجنيد في تعبده أو تزهده؟ إن الجنيد الذي يذكره المغاربة ويدعون التشبث بطريقته، غير الجنيد الذي كان يبث رسائله وأفكاره في مجالس مغلقة، مع حرصه الشديد على سرية مبادئه الحقيقية، التي تجسد أساسها القوي الذي يتشبث به في توحيد الخواص، وهو توحيد عبر عنه الغزالي بجرأة (تمييزا له عن توحيد العوام)، فكان أن تعرض لانتقاد المنتقدين ولنقمة الناقمين! وفي عام 1976م، صدرت عن "الهيأة المصرية للكتاب" مجموعة نصوص فلسفية، من ضمنها إحدى رسائل الجنيد التي تنشر لأول مرة تحت عنوان "دواء التفريط". تلك الرسائل التي يتطلع العلماء والباحثون إلى كشفها، وعلى الأخص بعدما نشرت أخيرا رسائله عام 1962م. وكانت حدثا هاما في الأوساط العلمية، بما أحدثته من تغيير كبير في الفهم التقليدي للتصوف الإسلامي، وبما ألقته من أضواء جديدة على أسراره ومراحله الأولى". فإن بذل العلمانيون جهدا ملحوظا عبر القنوات التلفزية الرسمية في نبش قبور التراث، إحياء لما يعتبرونه إيجابيا منه. وفي الوقت ذاته طمسا منهم وإهمالا لما هو في نظرهم سلبي، فإن منهجي في النقد والتحليل منصب منذ أعوام على التعريف بما أسميه الفكر الظلامي الديني، فحوله دارت موضوعات رسالتي لنيل الدكتوراه، والتي تولى تقييمها علماء بارزون وفي مقدمتهم الدكتور الراحل: عبد الهادي التازي. دون أن يتجرأ أي منهم على مناقشة لب البراهين التي قدمتها لفضح البدع الضالة التي لا تزال حتى الآن معززة مكرمة، من طرف الحكومات المتعاقبة بما فيهاما يسمى حكومة الإسلاميين. فإن كنت ألوم علماءنا على إهمالهملفضح الفكر الظلامي الديني، فلكوني أهتم بما يشغل بال شبابنا المتطلع إلى مستقبل زاهر بعيدا عن ملابسات تجاوزها الزمن، مع الإشارة إلى أن الفايد في تدخل له، وضع أصابعه النقدية على نفس ما وضعت عليه قبله أصابعي! فإن هو كرر لمرات مفهوم الكهنوت وتوابعه، فلأنه على بينة مما يكرره ويردده. فالكهانة من كهن الذي يعني الإخبار بالغيب والحديث عنه. والكاهن لدى النصارى من يقدم الذبيحة إلى الآلهة، ويدعي معرفة الأسرار، إنه عند المسيحيين من ارتقى إلى درجة الكهنوت والتخصص في معرفة الغيبيات. والكهانة على العموم حرفة خدام الآلهة، ومعناها عقائد وممارسات محيطة بمسمى الأولياء عندنا في كل اتجاه، وأمثلتنا عنها لا تعد ولا تحصى، ومجموعة من مؤلفاتي تقدم صورا ناصعة عنها بأدلة دامغة. فبقدر ما نحاول فضحها، بقدر ما يحاول بعض من يسميهم الغزالي بعلماء السوء طمسها؟؟؟ فالحديث إذن عن الدكتور الفايد حديث ذو شجون! مثير لأكثر من تساؤل، ومحتمل لأكثر من فهم أو لأكثر من تأويل! فإن كان لا بد من خاتمة، فإنني أميل بخصوصها إلى الآتي: لا يمكن الزعم بتاتا بأن الدكتور محمد الفايد لم يرتكب أخطاء فادحة، من باب المستحيلات أن نغض أبصارنا عنها، إنما التأني فضيلة، ربما في انتظار توبته الشبيهة بتوبة الأشعري الغارق لوقت طويل في النزعة الاعتزالية، وإلا فإننا نحمل ـ ومنذ وقت طويل ـ هذا المثل السائر: "النعل حاضرة إن عادت العقرب"! وعودتها في تفسيرنا الآن، هو استمرار الرجل في زلقاته الخطيرة ضد الدين وعلى الدين وفي الدين؟؟؟ يقلم:الدكتور محمد وراضي  

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك