أنتلجنسيا المغرب:لبنى مطرفي
في خطوة تهدد بتصعيد جديد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا، لوّح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 200 في المئة على النبيذ والشمبانيا وغيرها من المنتجات الكحولية القادمة من فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي. هذه التهديدات تأتي كرد مباشر على الرسوم التي فرضها التكتل الأوروبي على الويسكي الأميركي، في حلقة جديدة من التوترات الاقتصادية بين الجانبين.
لم تكن تصريحات ترامب مجرد تهديدات عابرة، بل تعكس سياسة الحمائية الاقتصادية التي تبناها منذ وصوله إلى البيت الأبيض. فمنذ سنوات، لم يخفِ ترامب استياءه من الفارق الكبير في الرسوم الجمركية بين الجانبين، معتبراً أن الاتحاد الأوروبي يفرض إجراءات مجحفة ضد المنتجات الأميركية، مما يستدعي ردًّا قوياً لحماية الاقتصاد الأميركي.
الرسوم التي يهدد ترامب بفرضها قد تكون بمثابة ضربة موجعة لقطاع النبيذ الأوروبي، خصوصاً الفرنسي، الذي يعتمد بشكل كبير على السوق الأميركية. فالولايات المتحدة تعد من أكبر مستوردي النبيذ الفرنسي، حيث تستقبل سنوياً ملايين الزجاجات من مختلف الأنواع الفاخرة، ما يعني أن أي زيادة في الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، وربما تراجع المبيعات بشكل ملحوظ.
التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى سنوات طويلة، حيث شهدت العلاقة بين الطرفين خلافات متعددة حول قضايا جمركية وتجارية، بدءاً من الصراع حول الدعم الحكومي لشركتي بوينغ وإيرباص، وصولاً إلى النزاع الحالي حول الضرائب الرقمية التي فرضتها فرنسا على الشركات التكنولوجية الأميركية العملاقة.
في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة التهديدات، تبقى الأنظار متجهة نحو ردّ الفعل الأوروبي. فالاتحاد الأوروبي، الذي لطالما سعى إلى تفادي تصعيد النزاعات التجارية، قد يجد نفسه مضطراً للرد بالمثل، مما يفتح الباب أمام جولة جديدة من العقوبات المتبادلة التي قد تؤثر على قطاعات اقتصادية واسعة في كلا الجانبين.
في ظل هذا التصعيد، يبقى السؤال المطروح: هل ستكون هذه التهديدات مجرد ورقة ضغط من ترامب لتحصيل تنازلات من الأوروبيين، أم أنها مقدمة لحرب تجارية جديدة قد تترك آثاراً اقتصادية عميقة على العلاقات بين الضفتين الأطلسيتين؟ الأيام المقبلة ستكشف إلى أي مدى ستصل هذه المواجهة الاقتصادية، التي قد تمتد تداعياتها إلى أبعد من مجرد زجاجات نبيذ وويسكي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك