نساء العدل والإحسان يوجهن رسالة قوية في يوم المرأة العالمي

نساء العدل والإحسان يوجهن رسالة قوية في يوم المرأة العالمي
المرأة / السبت 08 مارس 2025 - 18:30 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب: فهد الباهي/إيطاليا

عمّمت جماعة العدل والإحسان، عبر قطاعها النسائي، بيانًا بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تسلط فيه الضوء على الأوضاع الصعبة التي تعيشها النساء في المغرب والعالم.

وأكد البيان أن النساء ما زلن يتحملن تبعات الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في ظل تفاقم التمييز والتهميش والقمع، سواء عبر السياسات الاقتصادية الجائرة أو التضييق على الحريات.

وتناول البيان أيضًا الوضع المتأزم الذي تعيشه المرأة المغربية، حيث تتضاعف معاناتها بفعل الغلاء الفاحش، وارتفاع نسب البطالة، وانتهاج الدولة مقاربة قمعية في التعامل مع المطالب الحقوقية. كما نددت نساء الجماعة بالاستهداف الممنهج للأسرة من خلال تعديلات قانونية تهدد استقرارها، داعيات إلى التصدي لمحاولات تفكيك النسيج المجتمعي والتضييق على الحريات.

وكان هذا نص البيان كاملا :

بيان

في كل مرة يحتفي فيها العالم باليوم العالمي للمرأة، تتوجه جهود المدافعين والمدافعات عن حقوق النساء إلى تسليط الضوء على واقعهن تثمينا للمكتسبات التي تم تحقيقها ووقوفا على التحديات التي تعترض مسار إنصافهن. وكم كنا نأمل أن يلوح في الأفق ما يجعلنا نطمئن على مستقبل النساء في عالم تتناسل أزماته وتحدياته. لكننا وللأسف لا نحصد إلا الخيبات المتتالية التي تفضح شعارات الدفاع عن حقوق النساء وحفظ كرامة النساء.

عام آخر ينضاف إلى سنوات عجاف، حيث يشهد العالم موجة غير مسبوقة من السلطوية والفوضى وضرب القيم، وحيث تعزز القوى الاستكبارية وربيبتها الاستبدادية من نفوذها وتغولها على حساب أمن الشعوب واستقرارها، مستغلة تصاعد النعرات العنصرية وموجات العنف المتعددة.

في هذا العالم الذي ضاق بالظلم والاستغلال على أهله، تؤدي النساء في عدد من الدول ضريبة التوترات والصراعات، تفقيرا وتجويعا وتشريدا وتعنيفا وتقتيلا، لا فرق في ذلك بين دول “متقدمة” أو أخرى “متخلفة”.

 إن الاستهداف الممنهج للنساء مستمر ويتمدد ويتجدد، سواء عبر الحروب أو السياسات الاقتصادية الجائرة التي توسّع الفجوة الاجتماعية، أو عبر محاولات تفكيك الأسرة واستهداف قيمها، وفي الوقت الذي ترفع فيه شعارات حقوق المرأة، نجد الملايين من النساء يعانين التمييز الاقتصادي، والاضطهاد السياسي، والتهميش الاجتماعي، والحرمان من أبسط الحقوق التي تضمن العيش الكريم.

وقد جاءت أحداث غزة لتسقط الستار على مجزرة الإنسانية أمام مرأى العالم وسمعه، حيث ارتقت عشرات الآلاف من الشهيدات ناهيك عن ضحايا العدوان الصهيوني من أسيرات ومهجرات ومصابات ومجوعات… في نقض صريح لكل العهود والمواثيق الدولية الداعية إلى تمكين النساء من حقوقهن الإنسانية. صدمة كشفت حجم التغلغل الرهيب للأخطبوط الصهيوني في أوصال ومفاصل الدول والمؤسسات وفضحت ازدواجية معايير المنتظم الدولي في التعامل مع حقوق النساء.

أما في المغرب حيث يًرفع شعار الدولة الاجتماعية، فما زال الناس يكتوون بنار الأسعار الملتهبة التي يتواصل سعارها يوما بعد يوم، وما زالت الاستعدادات تجري على قدم وساق لاستقبال التظاهرات الرياضية ولو على حساب هدم بيوت الناس وترك سكانها عرضة للمجهول، وما زال ضحايا زلزال الحوز والجنوب يحتمون بالخيام في ظل البرد والصقيع ولا مجيب لنداءاتهم. معاناة تنال منها النساء النصيب الأوفر خاصة مع تزايد نسب النساء المعيلات لأسرهن. فإذا أضفنا إلى ذلك آفة الجهل والأمية ومعضلة البطالة والاستغلال البشع للنساء العاملات في مختلف المجالات وكذا الفقر والهشاشة اللذين صارا مقترنين بنون النسوة، تكشَّفت لنا طبيعة الواقع المزري الذي يلقي بثقله على كاهل المرأة المغربية ويحول بينها وبين تحقيق العدالة والكرامة التي تتوق إلى العيش في كنفها

إن استقرار المرأة وأمنها في بلد تحكمه لوبيات الفساد والمصالح أضحى مطلبا بعيد المنال، بل إن استقرار الأسرة كشرط لصلاح المجتمع ونموه وتطوره بات على صفيح ساخن بعد الإعلان عن نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى الأخير. هذا الإحصاء كان مناسبة لدق ناقوس الخطر حول مستقبل النمو الديموغرافي للمغرب خصوصا في ظل تنامي ظاهرتي الطلاق والعزوف عن الزواج، والمرشحتين للتصاعد نتيجة التخوفات الكبيرة التي رشحت وسط الشعب المغربي بعد الإعلان الملغوم عن بعض التعديلات المرتبطة بمدونة الأسرة، وفق منهجية انتقلت بقانون الأسرة من مطلب اجتهادي يحافظ على منظومة القيم ضمن نقاش مجتمعي مسؤول ورصين، وتحمل الدولة لمسؤولياتها الكاملة تجاه الأسرة، إلى تجاذبات فكرية وتنصل من المسؤولية ترهن مستقبل الأسرة وقيمها لإملاءات خارجية مما يضرب استقرار الأسر في مقتل، ومعها استقرار المجتمع ككل. وهذه مناسبة نذكر فيها بما قلناه ونقوله دائما من أن تعديل مدونة الأسرة شأن مجتمعي لا يتم إلا من خلال احترام مرجعية المجتمع المغربي الدينية والثقافية، ولا يستقيم إلا في إطار مقاربة شاملة وعادلة تضع الأسرة والمجتمع في صلب السياسات التنموية بعيدا عن الضغوطات الخارجية والمزايدات السياسوية.

وفي الوقت الذي كنا نأمل أن تواجه الدولة فشلها الذريع في الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة عموما وللنساء على وجه الخصوص، نجد “إنجازاتها” تتمدد في ترسيخ المقاربة القمعية -وهي المقاربة التي تتقننها- من خلال تكميم الأفواه، وتعنيف المحتجات، ومتابعة واعتقال المناضلات والصحفيات والمدونات وكل من يغرد خارج جوقة المطبلين، بل طال الأمر، في خطوة غير مسبوقة ولا محسوبة العواقب، ليشمل الطفلات والعائلات. مقاربة قمعية تعبر بالواضح عن فشل الدولة في التعاطي مع مشاكل الشعب واحتجاجاته ومطالبه وتطلعاته، والتي نالت منها نساء العدل والإحسان نصيبا وافرا، منعا من الحق في التعبير والتنظيم. تضييقٌ لم ولن يمنعنا من الوقوف صامدات في وجه الاستبداد ومناصرة المستضعفين والمستضعفات بما أوتينا من قوة وما وسعنا من جهد.

لكن ورغم قتامة الواقع ينبعث شعاع أمل مشرق من إصرار النساء المغربيات الأبيات المتشبثات بحقهن في العيش الكريم والمناضلات من أجل نيل حقوقهن كاملة غير منقوصة. فقد سجلت المرأة المغربية حضورا نوعيا في مجموعة من محطات النضال المجتمعي في سياقات مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية مثل التنديد بغلاء الأسعار والعنف ضد المرأة والتضامن مع معتقلي الرأي ومناهضة التطبيع ومساندة الشعب الفلسطيني.

وإننا، في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، إذ نقف هذه الوقفة السنوية مع أوضاع النساء، نعلن للرأي العام الوطني والدولي ما يلي:

تضامننا المطلق مع الشعب الفلسطيني ومع المرأة الفلسطينية الصامدة في وجه الغطرسة الصهيونية وتهنئتنا للمقاومة بالنصر التاريخي الذي حازته.

مناهضتنا لكل أشكال تطبيع المغرب مع الكيان الغاصب.

تضامننا مع كل المستضعفات والمستضعفين عبر العالم.

تنديدنا بسياسة التهميش الاقتصادي والاجتماعي التي ساهمت في تعميق الفوارق الاجتماعية والمجالية.

تنديدنا بانتهاج الدولة للعنف والتضييق والمقاربة الأمنية في التعامل مع المطالب الحقوقية لمختلف فئات المجتمع.

دعوتنا للتعقل وعدم الزج بالأسرة في صراعات مجانية من خلال سن تشريعات قانونية تهدد كينونتها واستقرارها.

تحيتنا العالية لصمود المرأة المغربية والدور الذي تقوم به أيا كان موقعها ودرجة مسؤوليتها،

تثميننا للمشاركة النسائية البارزة في النضال الحقوقي والاجتماعي ببصمة متميزة مؤدية ضريبة ذلك بكل شجاعة.

تشبتنا بحقنا في التنظيم والتعبير وتنديدنا بكل أشكال التضييق على مناضلاتنا أو المتعاطفات معنا.

تأكيدنا على ضرورة التقارب والتعاون ورص الصف دفاعا عن قضايا النساء المغربيات خاصة في وجود مساحات العمل المشترك وفي وجود العديد من الفضليات والفضلاء المتشبثين بالدفاع عن مغرب الحرية والكرامة والعدالة.

وإنها لعقبة واقتحام حتى النصر بإذن الله تعالى.

حرر يوم 7 رمضان 1446 الموافق ل 8 مارس 2025 م .



 

 

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك