أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على حملة المقاطعة الشعبية التي استهدفت منتجاتها، عادت شركة "سنطرال دانون" لإثارة الجدل مجددًا،
ولكن هذه المرة عبر زيادات صادمة في أسعار الحليب ومشتقاته، وهو ما اعتبره العديد من المستهلكين "رد الصاع صاعين" على حملة المقاطعة التي هزت الشركة عام 2018.
الزيادة الجديدة التي طالت أسعار الحليب أثارت موجة من السخط على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها البعض "انتقامًا اقتصاديًا" من المستهلك المغربي، الذي نجح في السابق في تكبيد الشركة خسائر فادحة بسبب المقاطعة الجماهيرية.
فهل هي مجرد زيادات عادية بسبب التكاليف المتزايدة، أم أن "دانون" تسعى لاستعادة ما فقدته خلال سنوات الأزمة؟
المقاطعة التي هزّت عرش "سنطرال دانون"
في سنة 2018، انطلقت حملة مقاطعة غير مسبوقة استهدفت ثلاث علامات تجارية كبرى، من بينها "سنطرال دانون"، احتجاجًا على ارتفاع الأسعار دون مبرر واضح. الحملة التي انتشرت بسرعة البرق عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسببت في خسائر ضخمة للشركة، وأجبرتها على تقديم اعتذارات رسمية، بل والذهاب أبعد من ذلك بخفض أسعار بعض منتجاتها وإطلاق عروض جديدة لاستعادة ثقة المستهلكين.
لكن رغم المحاولات المتكررة لامتصاص الغضب الشعبي، لم تتمكن "دانون" من استعادة موقعها السابق بالكامل، حيث ظل شبح المقاطعة يطاردها لسنوات.
لماذا رفعت "دانون" أسعارها الآن؟
وفقًا لتبريرات الشركة، فإن الزيادة الأخيرة في الأسعار تعود إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة مع التقلبات في أسعار المواد الأولية عالميًا، وارتفاع كلفة الأعلاف وتربية الأبقار. لكن العديد من المتابعين يشككون في هذه المبررات، معتبرين أن توقيت الزيادة يحمل دلالات واضحة على أن "دانون" تستغل الظروف الاقتصادية الحالية لفرض زيادات غير مبررة، بعدما استعادت جزءًا من حصتها السوقية عقب سنوات المقاطعة.
هل يعيد المغاربة تفعيل سلاح المقاطعة؟
مع تصاعد الغضب الشعبي، بدأت بعض الدعوات تتعالى لإعادة تفعيل سلاح المقاطعة كوسيلة للضغط على الشركة من جديد. ويرى البعض أن المستهلك المغربي أصبح أكثر وعيًا بقوته الشرائية، وقادرًا على فرض خياراته على السوق، كما حدث في 2018.
لكن في المقابل، هناك من يعتبر أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون اليوم تجعلهم أقل قدرة على التفاعل مع حملات المقاطعة، خاصة مع غلاء المعيشة وارتفاع أسعار مختلف السلع الأساسية.
بين الاحتكار والمنافسة: هل من بدائل؟
أحد أبرز الانتقادات التي توجه لـ"سنطرال دانون" هو غياب المنافسة الحقيقية في سوق الحليب ومشتقاته، حيث تحتكر الشركات الكبرى الجزء الأكبر من السوق، مما يمنحها القدرة على فرض الأسعار التي تريدها دون خوف من فقدان المستهلكين.
وبالرغم من وجود بعض العلامات التجارية المنافسة، إلا أن نفوذ الشركات الكبرى يجعل البدائل محدودة، مما يطرح تساؤلات حول دور الدولة في ضبط الأسعار، وحماية المستهلك من الزيادات غير المبررة.
دروس من الماضي.. هل تستفيد "دانون" أم تعيد الخطأ نفسه؟
المقاطعة السابقة كشفت أن المستهلك المغربي قادر على التأثير في قرارات الشركات الكبرى، لكن السؤال المطروح اليوم هو: هل تعلمت "دانون" من درس 2018 أم أنها بصدد تكرار الخطأ نفسه؟
في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من الغلاء المتصاعد، تبدو أي زيادة في الأسعار كضربة أخرى للقدرة الشرائية، وقد تكون لها تداعيات غير متوقعة، خاصة إذا قرر المستهلكون الردّ بالمقاطعة من جديد. فهل نحن أمام مواجهة اقتصادية جديدة بين "دانون" والمستهلك المغربي؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك