الاقتصاد المغربي ينتعش بعد المطر وهل تعود عجلة النمو إلى الدوران بقوة؟

الاقتصاد المغربي ينتعش بعد المطر وهل تعود عجلة النمو إلى الدوران بقوة؟
اقتصاد / الخميس 13 مارس 2025 - 10:00 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا المغرب:إدارة النشر

بعد فترة طويلة من الجفاف وشح التساقطات، عرفت المملكة المغربية خلال الأخيرة الأخيرة موجة هامة من الأمطار الغزيرة، التي شملت مختلف المناطق، مما أعاد الأمل لقطاعات اقتصادية حيوية، وعلى رأسها الفلاحة التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد الوطني.

هذه التساقطات لم تكن مجرد ظاهرة مناخية عابرة، بل تحمل في طياتها تأثيرات اقتصادية واسعة النطاق، من إنعاش الإنتاج الزراعي، إلى تخفيف الضغوط التضخمية، ووصولًا إلى تحفيز النمو الاقتصادي العام.

الفلاحة، التي تساهم بحوالي 14% من الناتج الداخلي الخام وتشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة، تستفيد بشكل مباشر من التساقطات المطرية، خصوصًا فيما يتعلق بزراعة الحبوب التي تأثرت سلبًا خلال السنوات الماضية بفعل توالي سنوات الجفاف.

ومع هذه الأمطار، من المتوقع أن يرتفع إنتاج القمح والشعير، مما يخفف من اعتماد البلاد على الاستيراد ويقلص فاتورة الواردات الفلاحية التي تثقل الميزان التجاري.

كما أن توفر المياه بشكل كافٍ يساهم في تحسين وضعية المراعي، ما سيخفف العبء على مربي الماشية الذين عانوا من ارتفاع أسعار الأعلاف خلال الفترات الماضية.

وفي ظل هذه التطورات، تتجه التوقعات نحو انخفاض محتمل في أسعار المواد الغذائية الأساسية نتيجة تحسن الإنتاج المحلي، وهو ما قد يساهم في خفض مستوى التضخم الذي ظل مرتفعًا خلال الأشهر الماضية، متأثرًا بعوامل داخلية وخارجية. انخفاض أسعار المواد الأولية، لا سيما القمح والخضر والفواكه، سيؤثر بشكل إيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين، مما يعزز النشاط الاستهلاكي ويعيد التوازن للأسواق.

قطاع الطاقة بدوره قد يستفيد من هذه التساقطات، إذ إن امتلاء السدود يرفع منسوب المياه الصالحة للاستعمال في توليد الطاقة الكهرومائية، مما يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة المستوردة ويخفض الضغط على الميزانية العامة للدولة، التي ظلت تتحمل أعباء تقلبات الأسعار في الأسواق العالمية.

ومن شأن هذا التطور أن يخفف أيضًا من التكاليف التشغيلية بالنسبة للقطاعات الصناعية والخدماتية التي تعتمد على استقرار التزود بالطاقة بأسعار معقولة.

البنيات التحتية القروية ستشهد كذلك تأثيرات مهمة، إذ إن الفلاحين والمزارعين سيجدون أنفسهم في وضعية اقتصادية أكثر استقرارًا، مما يسمح لهم بالاستثمار في توسيع أنشطتهم الزراعية أو تحسين جودة الإنتاج.

كما أن تحسن الوضعية المائية قد يدفع المستثمرين إلى إعادة النظر في مشاريعهم المرتبطة بالقطاع الزراعي، مما قد يخلق فرص شغل جديدة ويعيد النشاط إلى المناطق القروية التي عانت من الهجرة بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية.

على المستوى الكلي، يُنتظر أن تنعكس هذه التحولات على معدل النمو الاقتصادي، حيث يرتقب أن يتمكن المغرب من تجاوز التوقعات الحذرة التي كانت تشير إلى نسب نمو ضعيفة بسبب الأوضاع المناخية.

وفي حال استمرار هذه التساقطات بشكل منتظم خلال الموسم الفلاحي، فإن الناتج الداخلي الخام قد يشهد تحسنًا ملحوظًا، ما سيمكن الحكومة من تنفيذ برامجها التنموية دون ضغوط مالية خانقة.

ومع ذلك، لا يخلو الأمر من تحديات، فبالرغم من التأثيرات الإيجابية للتساقطات المطرية، إلا أن بعض المخاوف لا تزال قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بمدى استدامة هذا الانتعاش.

فتقلبات المناخ العالمي تجعل من الضروري اتخاذ إجراءات هيكلية لضمان الأمن الغذائي والمائي، وعدم الاكتفاء بانتظار رحمة الأمطار كل موسم.

كما أن تعزيز الاستثمارات في تقنيات الري الحديثة وتوسيع مشاريع تحلية المياه سيظل ضروريًا لمواجهة أي انتكاسات مستقبلية.

بالمحصلة، فإن الاقتصاد المغربي يقف اليوم أمام فرصة مهمة لاستعادة الزخم، مستفيدًا من التحسن المناخي، الذي قد يكون مقدمة لانتعاش أوسع.

لكن، يبقى التحدي الأساسي هو استغلال هذه الظروف الإيجابية لبناء اقتصاد أكثر استدامة وقادر على الصمود في وجه الأزمات المناخية والاقتصادية العالمية.

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك