مغربنا1-Maghribona1:القاسمي/ع نزل أرنستو تشي جيفارا ابن روزاريو وبطل حرب العصابات في غشت 1959بمعية أربعة من أصدقائه الكوبيين فارعي الطول، بمحطة القطار الرباط المدينةِ بلحاهم الكثة وملابسهم الأنيقة ينفثون دخان سيجارهم الكوبي الفاخر، ينتشون بأجواء العاصمة الدافئة في انتظار من يرحب بهم وينقلهم نحو إقامتهم، لكن الترحيب كان بطريقة غير متوقعة، فوجئوا بعناصر من الشرطة المغربية تعتقلهم وتقتادهم نحو فندق "باليما" الذي سار سجنًا لمدة يومين ل تشي ورفاقه بأمر من الأمير مولاي الحسن.
يحكي عبد الله إبراهيم الذي كان يشغل حينها رئاسة الحكومة تفاصيل هذه النازلة بقوله: « بناء على دعوتي الرسمية لجيفارا لزيارة المغرب، فوجئت في أحد الأيام بأحد نشطاء الحزب يبلغني وأنا في رئاسة الحكومة، بأن جيفارا موجود في أحد فنادق الرباط قرب محطة القطارات تحت حراسة أمنية مشددة، بتعليمات من محمد الغزاوي المدير العام للأمن الوطني، ولدى اتصالي بهذا الأخير مستفسرا عن أسباب هذا الاحتجاز، أجابني بأنه ينفذ بذلك تعليمات(سميت سيدي) ولي العهد، قلت له بأن تصرفه لا يمكن قبوله، ذلك أن زيارة جيفارا للمغرب جاءت بدعوة رسمية مني، وبالتالي فإن اعتقاله أو الترحيب به مسألة تتعلق برئيس الوزراء دون سواه لم أغادر فندق(باليما) حتى أنجزت التدابير الخاصة بالإفراج عن جيفارا ورفاقه الأربعة من كبار موظفي الدولة الكوبية الوليدة.
وفي اليوم التالي، باشرنا محادثاتنا الرسمية، والتي صورت بكاميرات السينما، ونشرت صورها في الصحافة المكتوبة آنذاك، وفي مسعى لمحو آثار الاحتجاز المؤسف المذكور آنفا، قمت بنقل الوفد إلى مدينة مراكش، حيث خيرتهم ما بين الإقامة بأحد الفنادق الكبرى، أو الإقامة في أحد إقامات الدولة في حي (المواسين) الشعبي، فاختاروا الإقامة الأخيرة حتى يبقوا على مقربة من الشارع المراكشي، ولقد قمت بهذه المبادرة لتخفيف مضاعفات حادثة الاعتقال المؤسفة ».
ويروي عبد الله إبراهيم « كان الغزاوي يعتمد في علاقاته الوثيقة آنذاك على صديقه الراحل المغفور له الملك محمد الخامس، لكن محمد الخامس عاتب صديقه بعد إقدامه على اعتقال جيفارا بالمغرب، لدرجة أن محمد الخامس صرح قائلا: « ويبقى من بين أسوء العمليات الأمنية التي تورط فيها محمد الغزاوي على عهدي كرئيس للوزراء اعتقال الوزير والمناضل الكوبي أرنستو تشي جيفارا ورفاقه الأربعة، في فندق باليما بالرباط في أواخر شهر غشت1959، وقد تدخلت بحزم لحل هذا المشكل، لاسيما وأن هؤلاء كانوا ضيوفا رسميين لدي ». بعد ذلك وقع الطرفان اتفاقية تقضي باستيراد المغرب للسكر الكوبي مقابل توريد الفوسفاط المغربي لكوبا، لكن هذه الاتفاقية ستلغى فيما بعد نتيجة للضغوط الأمريكية على المملكة المغربية.
و بعد زيارة أرنستو تشي جيفارا للمغرب اكتسب فندق "باليما" بعد ذلك شهرة واسعة وأصبح ملاذا لزوار الرباط من الشخصيات الكبيرة والمثقفين والفنانين، وصار معها المقهى أسفل الفندق الممتد على رصيف شاسع تحت ظلال أشجار وارفة أشهر مكان بالعاصمة.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك