مغربنا 1-Maghribona 1
الحسين بوخرطة
كل صباح، قبل خروجه من دارته إلى عمله، تعود سلام على لباس حلته البيضاء الناصعة وطربوشه المعقوف بلون يزيد حلته طهارة وبهاء وجاذبية. عيناه يلمعان صفاء ويشعان حبا للإنسانية. في طريقه، تشتد حيوية تبادل التحايا مع ناس بلدته الأبية.
عاش أحلام لياليه الزاهية منذ أن التحق بالوظيفة في التسعينات. تعود على تكرار نوم الراحة منذ أول يوم أصبح فيه نشيطا مشتغلا. يستلذ الحماسة والعنفوان كل صباح إلى أن تغيرت أحواله منذ أيام معدودة.
لقد اكتسحت سيدة جميلة من أهل السلطة والجاه هدوء لياليه. مدعومة برجل طويل عريض لا يشبه البشر أغرقها في حياة الأوهام والأشباح. يراها في منامه تتبعه متربصة خطواته بقفازة بيضاء تكسو كفها وأصابع يدها اليمنى، لكنها ملطخة بزيت سوداء لون الظلام الحالك. تحاول كل مرة الاقتراب منه لتلطيخ حلته البيضاء. كل ليلة، يهاجمه هذا الكابوس المضني. يحملق في نهاية كل نهار في حلته، فيبتسم لديمومة بياضها، فلا يكل ولا يمل في ترديد : هذه إرداة الله الذي يأمل أن تتجسد الأسماء الحسنى فينا. أقاوم لكي لا أفقد جزء من بشريتي، فتشاء الأقدار أن تبقى حلتي نقية براقة تعاكس وتراقص أشعة الشمس. خسئت خططك سيدتي ومرامي صاحب الأفضال عليك، حبذا لو انتفضت على وعيك الزائف وغادرت "الصرح المتداعي" الذي تضنين أنه ضامن لأبدية حمايتك" ......
تابعوا قصة سلام .... تطورت أحداث الكوابيس وازدادت قساوة.... بعدما قهرتها يقظة سلام في ساعات نهاره خارج البيت، حاولت المرأة اللعينة إيجاد سبيل لدس قفازة النجاسة في فراش نومه ... هي تعرف أن لباس نومه أكثر بياضا من حلة نهاره... لقد تيقن سلام أن قوة قداسة علاقته الزوجية وإيمانه المتدفق بجلال الرحمان هما اللذان حالا دون نجاح السيدة المتربصة في تلويث حياته والقضاء عليه ...
تابعوا كذلك كيف لجأ سلام إلى سيد القوم من سلالة الشرفاء شاكيا ملتمسا الحماية ...
تابعوا كيف تمكنت هذه المخلوقة من اختراق أجهزة الأمن والرقابة والتفتيش ...
تابعوا كيف تحولت معاناة سلام إلى قضية رأي عام ....
النهاية: مسخت السيدة وأصاب السقم بدن مدعمها، وتهاوى نظامهما القديم السائد. تضامنت الشمس والقمر والغيوم، وعم الغيث النافع أرجاء البلاد... هرع أهل البلدة إلى منزل سلام. نالوا موافقته بصعوبة. أصبح ممثلا لهم وراعيا لمصالحهم ووسيطا لهم لدى سلطات مركز الإمارة ... سادت الأحلام الوردية ليلا ونهارا ...
انتهت كوابيس سلام بعدما كادت أن تجهز عليه... في الليلة الموالية عاد سلام إلى حياة نوم الطمأنينة ... دخل إلى الإدارة صباحا. فوجد فتاة مذهلة الجمال، رفيعة الخلق، سامية الهندام، مستقبلة إياه ومقدمة له أوراق اعتماد جديدة ...
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك