ثقافة وفنون / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:
مغربنا 1-Maghribona 1
مفهوم الطفل من خلال فيلم taare zameen par
يحتفي العالم اليوم بالطفل ككائن بشري يعبر عن مرحلة إنسانية تشكل مرحلة البدئ و الانطلاق فلا احد منا ولد راشدا بل كلنا ولدنا اطفال لكن هل يتم التعامل معنا كأطفال في ثقافتنا ام لا بمعنى هل هناك مفهوم للطفل في منظرونا و تصورنا للإنسان.
عند العودة إلى تعريف اليونيسيف للطفولة نجد انه كل شخص لم يتجاوز بعد سن 18 اي سن الرشد القانوني ويعتبر الطفل تحت وصاية الأسرة التي انجبته و الدولة التي ولد فيها و اخد فيها جنسيته.
يعتبر الطفل اذن تمثيلا حيا لمفهوم الإنسانية ففيه تتجلى البراءة و النية الحسنة و الخلق الفطري. بالتالي فالطفل هو تلك الزهرة الجميلة التي يمكن للإنسانية ان تتباهى بها و تعتنقها كصورة لها.
غير أننا يجب ان نتسائل عن دلالة الطفل في تمثلاتنا و انعكاسات ذلك على افعالنا تجاهه وايضا اهم الحقوق المكفولة له و مقارنتها بالحقوق الكونية التي صادق عليها المغرب
يعتبر الطفل في مخيالنا الشعبي انعكاسا للزينة و يأتي هذا التصور كانعكاس لمفهوم الطفل في القران اذ يعتبر المال و البنون زينة الحياة الدنيا بالتالي فالطفل هو عبارة عن هبة ربانية يحصل عليها الانسان في إطار العلاقة الزوجية الشرعية والتي تمنح ذلك الطفل كل حقوقه لكن ما ان تكن علاقة غير شرعية فإن الطفل يعتبر ابن حرام و بالتالي يتم حرمانه من حقوقه واولها الحق في الارث
هذا من حيث الحقوق اما من حيث الواجبات فإن الطفل غير ملزم باي واجب وخصوصا الواجبات الدينية لكونه لم يبلغ الحلم بعد والمقصود هنا انه لم يصل سن البلوغ و يتحول الطفل الى رجل أو امرأة مباشرة بعد بلوغه و يلزم حينها بواجباته الدينية من صلاة و صيام. وهكذا فالطفل في تصورنا الشعبي هو قاصر عن تحمل المسؤولية و ملزم بذلك باتباع توجيهات و وصايا الابن كما قدم لقمان لابنه مجموعة من الوصايا
في هذا الصدد يمكن ان نفهم عنوان مقالنا انا طفل اذا انا غير موجود بمعنى ان حالة القصور التي نتصورها في الطفل تدفعنا لعدم التفكير أساسا في كينونته و هويته و تعتبره مجرد انعكاس لنا لذلك يقول القصيمي وهو مفكر سعودي مقولته الشهيرة اننا نلد اجدادنا بمعنى أن الطفل وهو يتلقى اولى معالم تصوراته لا نمنحه المهارات التي تمكنه من بناء ذات مستقلة بقدر اننا نعيد طباعة ذواتنا فيه و نعكس اهم معالمنا عليه كأنه نسخة طبق الأصل لنا
لذلك وعندما يبلغ الطفل سن المراهقة حيث يصبح لأول مرة انسانا واعيا مستقلة بذاته ممتلكا تصورا عن نفسه نجد صعوبة في تقبل تلك الرغبة في التحرر و الإستقلالية لسبب بسيط وهو اننا لم نتصور أن ذلك الطفل يمكن ان يصبح انسانا بل انطلقنا من إيمان راسخ وهو كون ذلك الطفل مجرد نسخة لنا
في فيلم taare zameen par وهو فيلم هندي من تمثيل الفيلسوف امير خان يقدم لنا صورة لهذه الإشكالية عن طريق عرضه قصة طفل يعاني من بعض الاضطرابات التي تكتنف شخصيته و يصف رد فعل الاب الذي يقارن الابن الاصغر بالابن الاكبر الذي يعد نمودجا خالصا له حيث يتفوق في كل شيء و يتبوأ المراتب الاولى في سلم السباق الرأسمالي نحو التميز المادي.
يناقش الفليم فكرة إمكانية تخيل ان لذلك الطفل احلاما غير تلك التي ترسمها الأسرة و يحلل من زاوية نظره كيف تقتل التربية القائمة على التلقين كل مظاهر الطفولة التي نولد بها
لعل أهم سمات الطفولة العقلية تكمن في قدرة الطفل على الاندهاش و الإستكشاف حيث ان كل شيء بالنسبة له جديد و يحتاج منه إلى طرح السؤال و البحث و التنقيب اي ان كل طفل هو فيلسوف صغير يحول كل عادي الى مبهم وكل روتيني الى تناقض يستحق التأمل النظري . طبعا ان دهشة الطفل هي دهشة استكشافية وليست دهشة نقدية ولا يمكن ان نعتبرها مدخلا لفعل التفلسف لكن مجرد تنمية تلك الدهشة تمنحنا ذات مختلفة و متميزة تستطيع ان تبني تصورها من خلال تجاربها الخاصة
بالعودة للفيلم نجد أنه يدافع عن أطروحة مفادها أن طفولة الانسان تستحق ان تعاش لا ان تقتل بسبب الهم و الضغط الراسمالي الاستهلاكي الذي يدفعنا جميعا الى الركض و العويل لا الى الاستماع و الفرح
ان الطفل فينا هو رغبتنا الحقيقية في الاكتشاف و التنقيب و المسائلة لكن كلما احسست ان كل شيء اصبح بالنسبة لك روتينيا و عاديا و مملا كلما مات الطفل بداخلك واصبح مجرد سراب وبالتالي يولد الجد بداخلك وهكذا تصبح كطفل غير موجود
ثاني نقطة يمكن الإشارة لها وهي أن الطفل ان كان عاجزا على التمتع بحقوقه المدنية و خصوصا حقه في التعلم بسبب الوضعية الاقتصادية الفقيرة لاسرته فواجب على الدولة أن تضمن له هذا الحق وان تمنحه تمدرسا لائقا يمكنه من ولوج سوق الشغل في مستقبله و يحقق مواطنته الكاملة في بلده نجد أن المغرب قد صادق على هذه الحقوق لكنه لا يفعلها اذن هنا نجد أن الدولة كذلك لا تعترف بشيء اسمه الطفل
في اليوم العالمي للطفل اظن ان اهم ما يمكن للواحد منا ان يقوم به هو التصالح مع الطفل القابع بداخله فإن كان كل طفل فينا هو انعكاس حقيقتنا اللاشعورية كما يقول فرويد وان الطفل اب الرجل و مؤسسه الاول فإن علاج اعطابنا النفسية الناتجة عن طفولة صعبة تستلزم منا في حالة الرشد لن نفتح نقاشات صريحة مع الطفل المختبئ داخلنا و نحاوره بخصوص عقدنا والالامنا التي حملناها معنا مند الطفولة والا فان ذلك الطفل سينفجر يوما في وجهنا ويجعلنا منهارين تماما امام قسوة عالم لايرحم
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك