من سيحكم القنيطرة..كفاءة أم مجرد لعبة سياسية؟

من سيحكم القنيطرة..كفاءة أم مجرد لعبة سياسية؟
سياسة / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

أنتلجنسيا مغربنا 1-Maghribona 1 بعد العزل المفاجئ لرئيس المجلس البلدي لمدينة القنيطرة، بدأت المدينة تشهد مرحلة جديدة من الصراع السياسي على رئاسة الجماعة، حيث تصدرت المشهد السياسي مرشحة نسوية لأول مرة، وهي أمينة حروزي، التي تتمتع بدعم قوي من فئات محددة داخل المدينة. في المقابل، يعود محمد تلموست، السياسي المعروف بخبرته الطويلة وتحالفاته العميقة، ليصبح منافسًا بارزًا. وبينما تبدو التجربة النسوية كفرصة لإحداث نقلة نوعية في تسيير الشأن المحلي، يظل التساؤل قائمًا: هل ستنجح حروزي في كسر الحواجز التقليدية وتقديم رؤية جديدة؟ أم أن الحنكة السياسية لتلموست ستثبت مرة أخرى أن التحالفات التقليدية والخبرة الطويلة هي المفتاح للنجاح في هذا المجال؟ تأتي ترشيحات أمينة حروزي كجزء من توجه أكبر نحو تمكين المرأة في الحياة السياسية بالمغرب، وهو توجه شهد تطورًا ملموسًا في السنوات الأخيرة. لقد تمكنت النساء من اقتحام مجالات عدة كانت حكراً على الرجال، لكن السياسة، وبخاصة تسيير الشأن المحلي، ظلت تحديًا أكبر. فالقنيطرة لم تكن يوماً ضمن المدن التي شهدت قيادة نسوية بارزة، ولهذا فإن اسم حروزي يثير الكثير من التساؤلات حول مدى استعداد المدينة لتجربة هذا التحول النوعي. منذ الإعلان عن ترشيحها، برز نقاش عميق حول مدى جاهزية القنيطرة لتبني قيادة نسوية في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الراهنة. فبينما ترى بعض الأصوات أن الوقت قد حان لمنح النساء فرصة لإثبات قدراتهن في تسيير المدن وتقديم حلول جديدة لمشاكل قديمة، يعتقد آخرون أن السياسة لا تزال لعبة تُحكمها التحالفات التقليدية والولاءات الحزبية التي قد لا تكون في صالح مرشحة نسوية، بغض النظر عن كفاءتها. وفي هذا السياق، يتعين على حروزي مواجهة تحديات عدة، منها التوقعات الاجتماعية التي لا تزال تحمل تصورات نمطية عن دور المرأة في السياسة. فالمدينة تتأرجح بين الرغبة في التغيير وبين القلق من الخروج عن المسار التقليدي الذي اعتادت عليه، وهو مسار يعتمد بالأساس على التحالفات السياسية والقدرة على المناورة والتأثير داخل الدوائر السياسية. على الجانب الآخر، يعود محمد تلموست كمرشح تقليدي ذو خبرة طويلة في المجال السياسي. لقد تمكن تلموست خلال سنوات من العمل السياسي من بناء شبكة من التحالفات القوية التي تتيح له الوصول إلى مراكز صنع القرار. تعتمد استراتيجيته على مزيج من الحنكة السياسية والتفاوض الذكي، مما يجعله منافساً صعباً لأي مرشح آخر، بما في ذلك حروزي. ما يجعل تلموست مرشحاً قوياً هو سجلّه السياسي المليء بالإنجازات والخبرات التي اكتسبها عبر سنوات من التعامل مع مختلف الملفات المحلية. إضافة إلى ذلك، فإن قدرته على تشكيل التحالفات القوية داخل المجلس البلدي قد تجعله المرشح المفضل للأطراف التقليدية التي تفضل استمرارية النهج السياسي الحالي. ومع ذلك، فإن تساؤلات عديدة تُطرح حول مدى تجديد رؤيته وتوجهاته السياسية، وهل سيتمكن من تقديم حلول مبتكرة لمشاكل المدينة المتزايدة، أم أنه سيكتفي بإدارة الأمور وفق النهج المعتاد؟ إلى جانب الجدل حول التجربة النسوية، يبرز موضوع آخر لا يقل أهمية وهو مستوى التعليم والكفاءة لدى رؤساء الجماعات. في العديد من الجماعات المغربية، نشهد صعود شخصيات تفتقر إلى المؤهلات الدراسية أو الخبرة المهنية التي تؤهلها لتسيير الشأن المحلي بشكل فعال. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن لرئيس جماعة لا يمتلك مستوى تعليمي مناسب أن يدير ملفات معقدة تتطلب معرفة بالقوانين، التخطيط الحضري، والاقتصاد المحلي؟ تظهر الإشكالية بشكل خاص في ظل تزايد الانتقادات حول سوء تدبير العديد من الجماعات في المغرب، وهو ما ينجم في الغالب عن غياب الكفاءة والتخصص لدى بعض المسؤولين. هذا الواقع يشكل تهديداً حقيقياً للتنمية المحلية ويعيق تحقيق الأهداف التي يصبو إليها المواطنون، الذين يعانون من سوء تدبير المشاريع وتأخير إنجازها، ما يؤدي إلى تدهور البنية التحتية والخدمات العامة. إذا نظرنا إلى الواقع الميداني، نجد أن بعض رؤساء الجماعات بالكاد يمتلكون شهادة التعليم الأساسي. وعلى الرغم من ذلك، نجدهم يتصدرون مشهد تسيير جماعاتهم، متخذين قرارات مصيرية تؤثر على حياة الآلاف من المواطنين. مثالاً على ذلك، نجد أن بعضهم يتولى مسؤوليات كبرى، مثل إدارة ميزانيات ضخمة، أو الإشراف على مشاريع تنموية تحتاج إلى خبرة واسعة ومعرفة دقيقة بالتخطيط والتمويل. ما يثير القلق هو أن هذه القرارات غير المدروسة غالباً ما تؤدي إلى عرقلة التنمية وتأخير المشاريع، مما يؤثر سلباً على حياة المواطنين الذين يتطلعون إلى تحسين مستوى الخدمات المحلية والبنية التحتية. السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: كيف وصلنا إلى هذه النقطة؟ كيف يُسمح للأشخاص الذين لا يمتلكون الخبرة أو التعليم اللازم بتولي مناصب حساسة في إدارة الشأن المحلي؟ الجواب قد يكمن في عمق النظام السياسي الذي يسمح بصعود هؤلاء عبر تحالفات مشبوهة ودعم مراكز القوى التي تهتم بمصالحها أكثر من مصلحة المواطن. إضافة إلى ذلك، هناك أزمة ثقة متزايدة بين المواطن والنظام السياسي بسبب تكرار نفس الوجوه السياسية التي لا تقدم حلولاً جديدة، بل تبقى عالقة في نفس الدوامة من سوء التدبير والمحسوبية. إن بروز أسماء غير مؤهلة في مشهد تسيير المدن يفتح المجال للتساؤل حول المعايير التي يتم بها اختيار رؤساء الجماعات. هل أصبحت السياسة مجرد لعبة تحالفات لا تعير اهتماماً للكفاءة والخبرة؟ وهل يمكن أن تكون هذه التحالفات المشبوهة هي السبب في تدهور الشأن المحلي في بعض المدن؟ في الأيام القادمة، ستكون القنيطرة على موعد مع اختبار حقيقي، ليس فقط للتجربة النسوية في القيادة، بل أيضاً لمدى قدرة المجتمع المغربي على تحقيق تغيير حقيقي في من يديرون شؤونه. إذا اختار المواطنون رئيساً أو رئيسة على أساس الكفاءة والتجربة الحقيقية، فقد نشهد بداية جديدة في تسيير الشأن المحلي، ولكن إذا استمرت نفس الوجوه التقليدية في الصعود عبر تحالفات مشبوهة، فلن يتغير شيء. إن المستقبل يظل بيد المواطن المغربي الذي يتحمل مسؤولية الاختيار بين مسار جديد يعتمد على الكفاءة والنزاهة، أو الاستمرار في النهج التقليدي الذي يُكرس المحسوبية وسوء التدبير. فهل ستشهد القنيطرة نقلة نوعية في قيادتها، أم أن التحالفات التقليدية ستظل تسيطر على المشهد السياسي؟

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك