أنتلجنسيا المغرب:
أصبحت شوارع وأحياء مدينة القنيطرة مرادفًا للفوضى البيئية، حيث تتراكم النفايات بشكلٍ لافت، مُشكِّلةً سيناريو كارثيًا ينذر بتهديد مباشر لصحة المواطنين.
هذا الواقع المؤلم يأتي رغم تعاقد المجلس الجماعي مع شركة نظافة بقيمة 7 مليارات سنتيم، في صفقةٍ تحولت إلى مثالٍ صارخ للإدارة المُتعثرة والغياب الشديد للمحاسبة.
هذا، وتُدار خدمات النظافة في المدينة بآليات بالية تُبررها الشركة المُتعاقدة بـ"المرحلة الانتقالية"، وهو ذريعةٌ استمرت لأكثر من عامٍ دون أي تقدم ملموس في تحديث البنية التشغيلية أو تعزيز الكفاءة.
والمفارقة أن هذه الشركة، التي حصلت على عقدٍ بمليارات السنتيمات، تُخفق في تنفيذ أبسط مهامها: جمع النفايات بكفاءة، والحفاظ على الشوارع من التلوث، مما يُعمق معاناة الساكنة ويُغذي السخط الشعبي.
في خضم الأزمة، تتصاعد تساؤلاتٌ حول تقصير الجهات الرقابية، بدءًا من المجلس الجماعي – المكلَّف بمراقبة تنفيذ العقد – وصولًا إلى السلطة الإقليمية، التي يفترض أن تتدخل لفرض تطبيق القانون.
لكن الواقع يُظهر انكفاءً رسميًا غير مبرر، بل وتجاهلًا للشكاوى المتكررة من السكان ومنظمات المجتمع المدني، مما يدفع إلى التشكيك في جدية الآليات الرقابية القائمة.
لا تقتصر تداعيات الأزمة على تشويه المظهر الحضاري للقنيطرة، بل تتجاوزها إلى مخاطر صحية جسيمة، كتفشي القوارض والحشرات، وانبعاث الروائح الكريهة، وخاصةً في المواسم الممطرة التي تُسرع من تحلل النفايات وتلويثها للمياه الجوفية.
هذه العوامل تُهدد بانتشار الأمراض المُعدية، وتُحوّل الحياة اليومية للمواطنين إلى معاناة مستمرة.
في ضوء الاستجابة البطيئة للجهات المعنية، يطالب نشطاء ومختصون بخطوات فورية، منها:
1. مراجعة العقد مع الشركة وفرض غرامات على التقصير، أو فسخه حال استمرار الإخلال بالالتزامات.
2. شفافية مالية: كشف تفصيلي عن إنفاق الميزانية المرصودة، ومُبررات عدم تحقيق الأهداف.
3. تعزيز المشاركة المجتمعية في مراقبة الخدمات، وإشراك جمعيات المجتمع المدني في وضع الحلول.
4. خطة طوارئ بيئية تشمل تنظيفًا مكثفًا للأحياء الأكثر تضررًا، وتعقيمًا دوريًا للحد من الأوبئة.
الوقت ليس في صالح القنيطرة، فكل يومٍ يمر يُفاقم من الأزمة البيئية والصحية.
على المسؤولين إدراك أن "المرحلة الانتقالية" ليست مظلةً لتبرير الفشل، بل يجب أن تكون مُحددة زمنيًا بأهدافٍ قابلة للقياس.
السكوت الرسمي لم يعد مُجديًا، والمطلوب خطوات جريئة لاستعادة ثقة المواطن، وإنقاذ المدينة من غرقٍ يتهدد كرامة أبنائها قبل بيئتها.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك