نبش في الذاكرة..عندما قرأ الحسن الثاني هذه الفقرة فأرسل "للأمير هشام" مفتشي الضرائب

نبش في الذاكرة..عندما قرأ الحسن الثاني هذه الفقرة فأرسل "للأمير هشام" مفتشي الضرائب
مستجدات / الجمعة 01 نوفمبر 2024 12:29:03 / لا توجد تعليقات:

مغربنا1-Maghribona1 حقا، إن ممتهني صنعة التملق، في كل محيط ملكي، لا يمكن أن يعجبهم مولاي هشام، عندما يكتب ""إننا نعيش عصر التملق""، ولكنه يسارع ليستشهد بأن هذه كانت هي أيضا من تحذيرات الحسن الثاني، رغم أنه كان هو أيضا محاطا بالكثير من المتملقين، وهو الذي أعترف بهذا في مذكراته التي أملاها على الكاتب الفرنسي “إيريك لوران” فالحسن الثاني يقول مولاي هشام: كان يقول ويعيد ""إن الحكم، حتى إذا كان متوارثا يجب أن يكون مستحقا عن جدارة، لأن الملكية ليست في مأمن من ضربات التاريخ القاسية"".

وحيث أن مولاي هشام، وبحكم ابتعاده في أمريكا عن أوساط المتملقين، يعرف أن حكمة الحسن الثاني عن استمرار الملكية، هي حكمة إيجابية، فإنه غير ما مرة في كتابه، لمح إلى ضرورة صيانة الملكية، من الأخطاء التي تطيح بها. وهو الذي سجل في تاريخ الملكية المغربية، سابقة تنزهه عن هذه التلفيقات الصادرة عن مصادر المتملقين، فأقدم على استبعاد كل رغبة فيما أشاعه صحفي مرتزق في فرنسا، كتب عنه أنه ""الرجل الذي يريد أن يصبح ملكا""《جون أفريك 22/11/2002》. وكأنه الصحفي الذي لم يرجع إلى صحيفة لوموند دبلوماتيك "انظر النص المصور" حيث كتب مولاي هشام وهو يرسم خطوط المستقبل المغربية، وكان الحسن الثاني لازال حيا، ففوجئ بمولاي هشام يكتب: ""إننا على مشارف فجر القرن الواحد والعشرين، ومهما كان شكل الحكومة، فإن الملك القادم محمد بن الحسن، مطالب بأن يخوض معركة البناء، بدعم من طرف جميع المواطنين"".

وكان الحسن الثاني أول الغاضبين ""وكأني ضربت عليه صفحا"" – يقول مولاي هشام – ""فسارع لمعاقبتي، بأن أرسل إلي لجنة من مفتشي الضرائب"".

وكان هذا المقال في بقيته الثانية، بجريدة “لوموند دبلوماتيك”، يتضمن اقتراح مبادرة كانت غريبة في عهد الحسن الثاني، ويكتب ""إن الملكية ومن أجل ضمان الانتقال الديمقراطي، مطالبة ببداية الإصلاحات"" ليستجيب الحسن الثاني بتأسيس الغرفة البرلمانية الثانية لإلغاء طريقة تعيين المستشارين.

ويسارع عبد الرحمن اليوسفي إلى مقابلة مولاي هشام ""لأكتشف فيه الرجل السياسي الحقيقي الذي كلفني بإبلاغ رسالة إلى الحسن الثاني، المحاط –حسب اليوسفي – بمتلاعبين من قبيل البصري وجديرة"".

ويحمل مولاي هشام الرسالة الشفوية لليوسفي إلى الحسن الثاني الذي قال لمولاي هشام، متهكما ""هذا ما بقي، عجوز هرم، وشاب مخربق، معناها أنك اتفقت مع اليوسفي""، والواقع – يقول مولاي هشام – ""إن مبادرة اليوسفي مغرية لدرجة أني أخذت أبحث لنفسي عن موقع في هذا التحول"".

سريعا يكتشف مولاي هشام، أن الاتحاديين بعد دخولهم للحكومة، تركوه، وأصبحوا يتمسحون بولي العهد، فقرر عدم التعاون معهم في إطار حكومة التناوب.

ولكنها كانت مبادرة جريئة، إطلاق فكرة التناوب، بينما الملك الحسن متعود على فئة من الرجال، كل بثمنه – يقول مولاي هشام – ""الحسن الثاني يخير رجاله بين المال والتشريفات، والمجاملات، وإذا لم تنفع، فإنه يقول للمتصلب: طيب، أنت الاستثناء من القاعدة، سنستدعيك لحفلات عيد العرش.."".

وطبعا حذر مولاي هشام اليوسفي، في حالة اتفاقه مع الملك، من أنه سيصرف الأمور، ولكنه لن يحصل على النفوذ.

وكان الفرنسيون – يقول مولاي هشام – ""يعرفون أن الملك مريض، ويخططون للهيمنة على حكومة التناوب، وعلى نواب في البرلمان، وعلى التقنيين في الإدارات، ليكونوا في موقع قوة عند اختفاء الحسن الثاني.. وهي الفترة التي حاول فيها إدريس البصري باتفاق مع بعض الضباط إطلاق فكرة ترشيح الأمير مولاي رشيد للخلافة بينما كان اليوسفي بصدد ترتيب أوراقه، فالحزب الاتحادي ضعيف، واليوسفي نفسه ليس من طينة المهيمنين، فليست هناك عضلات للدخول مع المخزن في الصراع"".

وكان الحسن الثاني بدوره يرتب أوراقه ""ولكنه يرغب في منع إدريس البصري من نسف التناوب، ليكتشف أنه من السهل اختراق صفوف الاتحاد الاشتراكي، بعملاء الحسن الثاني. وكان أمرا، أسهل من إدخال يدك في القفاز""– يقول مولاي هشام – الذي فوجئ مع بداية حكومة التناوب بالحسن الثاني يقول له يوما ""كان علي أن أحضر الاتحاديين للحكومة منذ خمسة عشر عاما، مضيفا مازحا مع مولاي هشام، إنهم أصحابك قطاع الطرق"". إلا أن أول ضربة أوجعت الحسن الثاني مع بداية التناوب، كانت زيارة رئيس الحكومة الفرنسية “جوسبان” للمغرب، والذي توجه بالخطاب إلى اليوسفي قائلا: ""إن كل المؤسسات عندنا في الجمهورية يدعمونكم"" ليضيف مولاي هشام، مما يعني بأن الملك انتهى.

ولكن بقي الملك الحسن وبقي التناوب. وكان سر تقارب مولاي هشام مع الاتحاديين، هو ذلك الحب الذي كان يجمع أباه مولاي عبد الله مع عبد الرحيم بوعبيد، حيث سجل مولاي هشام، ذلك اليوم من خريف 1983، ""وكان عبد الرحيم بوعبيد من بين الأواخر الذين حضروا وفاة الأمير مولاي عبد الله، ومرة وأمام الجميع، أخذ عبد الرحيم بوعبيد يد مولاي عبد الله المحتضر، وقبلها، حيث لم تبق قبلة اليد للسلام، وإنما للوداع.

ولم يكن عبد الرحيم بوعبيد، قد قبل يد الملك الحسن الثاني، يوما، لذلك استدعى الحسن الثاني أحد العاملين في بيت مولاي عبد الله، وسأله: هل فعلا قبل بوعبيد يد مولاي عبد الله، فأجابه العجوز: إنهم أصدقاء منذ ثلاثين عاما"" ولم تكن وفاة الأمير مولاي عبد الله، عن سن ثمانية وأربعين عاما لتنهي مرارة صراعه مع أخيه الحسن الثاني، الذي انطلق في سلسلة مضايقات لولده مولاي هشام. الذي سرد أصنافا من المضايقات، كان أكثرها بشاعة عندما تعاقد هذا الأخير مع شركة طومسون الفرنسية، فأرسل الحسن الثاني مبعوثيه إلى رئيس طومسون، ليلغي العقد مع مولاي هشام، وفعلا ألغي العقد، فاضطر الأمير إلى الاستنجاد بخالته عالية الصلح، التي أخذته معها في زنقة الإليزيه، ليعترضا موكب الرئيس الفرنسي ميتران، ويحكيان له الحكاية، فيصدر أوامره لرئيس طومسون بإمضاء العقد من جديد مع مولاي هشام، قائلا له: نحن هنا في فرنسا، ولسنا في الجمهورية اللبنانية، ويأخذ مولاي هشام، العقد الجديد، ليضعه تحت أعين الحسن الثاني، وكأنه يقول له: أنا أيضا قادر على مواجهتك.

هذا الحسن الثاني، الذي كان بمثابة الأب لمولاي هشام، كان يرفض المرض، ولا يظهر التعب ""رغم أنه كان يرفض تناول الفيتامينات، ويرفض الحبوب المنومة والمهدئات لأنه يريد أن يبقى يقظا حتى في ساعات الألم، يصر على أن يشاهد الموت وجها وجها، وه ويقول لنا: أنا ملك وسأقوم بدوري إلى النهاية"".

وكان الرئيس الفرنسي شيراك يفهمه، فقدم له هدية سماها شيراك “هدية نهاية العمر”، عندما أحضره في المنصة الشرفية بالشانزيليزي يوم عيد 14 يوليوز 1999، أياما معدودة قبل موته ""ولكن الحسن الثاني أصر على تتبع لحظات موت الملك حسين ملك الأردن وكانت قناة س ن ن، تبثها مباشرة، والحسن الثاني يتتبعها وهو يبكي، فقد كان يرى موته في موت الملك حسين"".

وبعد أيام كان مولاي هشام يتغذى في باريس مع الصحفي اللبناني غسان سلامة، عندما رن جهاز التلفون، وكان الأمير سيدي محمد على الخط يقول: عمك تعبان جدا، لابد أن تحضر، فأنت ثاني واحد أخبره مع الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي، لن أخبر أحدا آخر لأسباب سياسية. التعاون والتكامل بين سيدي محمد ومولاي هشام، كان في أوجه، ليحق التساؤل عن أسباب تلك الهجمات الاستخباراتية التي كان يشرف عليها مدير الديستي الجنرال العنيكري، في مخطط، تفسيره الوحيد إظهار خطورة مولاي هشام على محمد السادس لتخويفه، على طريقة ما جرى في تاريخ الدولة العلوية أيام الجاهلية.

أما الصديق اليوسفي، وحكومته، فقد شبه مولاي هشام وضعيتهم آنذاك بحبة الالكاسيلنزير ""وهي تذوب، رغم أن فقاعات هذا الدواء في ذوبانها كانت أكثر حيوية من ذوبان اليوسفي"".

ورغم أن مولاي هشام، لم يتحدث عن صديق الملك فؤاد الهمة، إلا حينما وصف مطالب الجماهير في شأنه هو والماجدي في مظاهرات عشرين فبراير، إلا أنه في مجال سرد التنكيل، توسع في تواطؤ فؤاد الهمة مع الجنرال العنيكري، بعد المناورات السرية التي كان أبشعها اعتقال أحد مساعدي مولاي هشام، في غابة السويسي، لإرغامه على إمضاء محضر يقول فيه إن مولاي هشام على اتصال بضباط الجيش، ليرفض بلحاج وينشر استنكاره في الصحف 《لوجورنال عدد 24 نونبر 2001》.

ثم تركيب اعترافات لعميل في الديستي اسمه بودربيلة لادعاء أن ضباطا صحراويين اقترحوا أن يكون مولاي هشام أميرا على الصحراء تحت السيادة المغربية، مما اضطر مولاي هشام إلى الاتصال بمدير الديوان الملكي رشدي الشرايبي، للبحث في هذه الاتهامات ليجيبه الشرايبي: تهنا.. راه ما كاين والو.

وتفتضح المناورات بعدم إجراء أية متابعة، لتنشر جريدة “الصحيفة”، تفاصيل تتناغم سنة 2002، مع ما قاله رئيس الحكومة بن كيران مؤخرا عندما التحق بركب الجاهلية، واستلف هو أيضا من أساليب القرون الوسطى، مطالبا بسحب مولاي هشام للقب أمير، متناسيا أن ""العنيكري والهمة، طلبا خبرة قانونية لسحب لقب الأمير عن مولاي هشام"" ليكتب مولاي هشام بصيغة لا تخلو من غيرة ، ""إن فؤاد الهمة يريد أن يبقي محمد السادس ملكية خاصة به، لكن هل يجهل محمد السادس ما يرتكب باسمه، أليست هذه شؤون عائلته التي هو رئيسها"".

وعندما فشلت كل محاولات التفريق، ربما أصدر الملك محمد السادس تعليماته، لأن، فؤاد الهمة صرح علنا في غشت 2005: ""إن القصر الملكي ليست له مشاكل مع مولاي هشام لأنه عضو في العائلة المالكة، ويجب احترامه بهذه الصفة"".

ويختم مولاي هشام، هذه المرحلة التي أدرجها ""في إطار سياسة المخزن الذي يشبه الأفعى التي لا تحب الضوء"" ويكتب: ""لقد انتهى شريط والت ديزني وأشعل الضوء وقيل: اخرجوا.. اخرجوا.. فقد انتهت الفراجة"".

وتكون الكلمة الأخيرة، مذاعة في قناة الجزيرة الجزائرية، التي نقلت تعليقا بعد صدور هذا الكتاب، عن جريدة “الجزائر تايم” التي قالت: إن مولاي هشام، جزء من النظام المغربي.

بقلم. الراحل مولاي مصطفى العلوي "الحقيقة الضائعة".

لا توجد تعليقات:

للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.

أضف تعليقك