مغربنا 1 المغرب
إقرار بخفوت قوة اليسار في المغرب، وحاجة التيارات اليسارية من أحزاب وهيئات إلى رصّ صفوفها وتجاوز خلافاتها، وحاجة قادة اليسار إلى تبنّي خطاب قادر على النفاذ إلى الشارع… ذاك ما أجمع عليه أساتذة جامعيون مشاركون في ندوة من تنظيم “منتدى فكر”، بتعاون مع “فريدريش إيبرت” الألمانية، مساء الخميس بالرباط.
تشير الورقة التأطيرية للندوة إلى أن الوضع السياسي في المغرب يتسم بمفارقة تتمثل في كون القيم المرجعية لليسار ومقولاته وشعاراته وحساسيته المذهبية لم تكن في السابق أكثر حضورا وتداولا، لكن في الوقت نفسه لم يكن اليسار على الدرجة التي هو عليها اليوم “من الغياب السياسي والعطالة والمحدودية وفقدان القدرة على التأثير والفعالية”.
وسجلت الورقة التي قدمها عبد الرحمان العمراني، أستاذ جامعي، أن المفارقة التي تسم وضعية اليسار في المغرب، اليوم، يعكسها أيضا “التباعد بين نوع من الهيمنة القيمية من جهة، ومن جهة ثانية هامشيته في الحقل السياسي، يعكسها الضعف البين للصوت الإعلامي والثقافي اليساري والنتائج الانتخابية الهزيلة التي تحصدها منظماته السياسية في الاستحقاقات الانتخابية خلال السنوات الأخيرة”.
وتضمنت الورقة نقدا قاسيا لليسار الذي ارتأى الانخراط في اللعبة السياسية من داخل النسق المؤسساتي، فبالرغم من أنه هو الذي هندس مشروع التناوب التوافقي قبل ربع قرن، إلا أنه يكاد، في الوقت الراهن، أن “يتحول إلى مجرد رقم صغير مكمّل لأغلبيات هشة ضمن معادلة تتجاوزه بالكامل، ووفق صيرورة ودينامية لا يملك مفاتيحها، ولا يقدر على أي تأثير على توازناتها ومساراتها”.
واعتبرت فاطمة الزهراء أزرويل، أستاذة جامعية، أن بعض اليساريين عندما قبلوا الانخراط في مشروع التناوب التوافقي، راهنوا على العلاقة القديمة بين النظام المغربي والحركة الوطنية قبل الاستقلال والسنوات الأولى لما بعد الاستقلال، قائلة: “نحن لا نستعيد التاريخ وفق نوايانا ورغباتنا، فقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر من الخمسينات حتى بداية التسعينات، وتشكلت قوى ومصالح في المغرب ذات نفوذ تدافع عن مصالحها بكل الطرق وتحْذر من اليسار ولا تثق فيه”.
وأضافت أزرويل أن المرحلة التي تحدثت عنها “ساهمت في تمزيق اليسار المغربي بشكل كبير”.
بدوره، انتقد حسن الزواوي، أستاذ باحث في العلوم السياسية، ما سمّاه “قبول اليسار بثقافة التراضي والدخول في اللعبة السياسية وقبوله بشروطها، فانقلب السحر على الساحر”، وقال إن اليسار “قبِل الاستمرار في اللعبة في سنة 2022، رغم أنه هو أوّل من يجب أن يحرص على احترام المنهجية الديمقراطية”.
واعتبر الزواوي أن “القبول بثقافة التراضي يساهم في إضعاف القوى السياسية اليسارية والحد من قوتها، لأن اليسار يتغذى من الصراع على السلطة، وعندما بدأ في التنازل عن مجموعة من الشروط وقبول التوافقات بدأ العد العكسي لتراجعه”، ذاهبا إلى أن “اليسار يتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية الأزمة التي يتخبط فيها الآن، ولا يجب أن يكون خطابه قَدريا”.
الزواوي اعتبر أن القوى اليسارية لم تستطع تكوين جبهة داخلية قوية تمكنها من دخول انتخابات 2021 بقوة، مشيرا إلى أن سوء الفهم بين القيادية نبيلة منيب ورفاقها في الحزب الاشتراكي الموحد “تمخّض عنه تصور إلى اليسار بأنه غير قادر على إنتاج ثقافة لحل الخلافات وخلق بنيات لإنتاج الديمقراطية والدفع بالديمقراطية إلى الأمام والتجاوب مع تطلعات المغاربة”، موردا أن اليسار المغربي يعاني أزمة بنيوية.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك