أنتلجنسيا المغرب:أبو جاسر
في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، وقع دونالد ترامب، فور تنصيبه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، على قرار يقضي بانسحاب بلاده رسميًا من منظمة الصحة العالمية. هذا القرار يعيد التأكيد على موقفه السابق الذي اتخذه خلال رئاسته الأولى، متهماً المنظمة بأنها تخضع لنفوذ دول معينة وأنها أخفقت في إدارة الأزمات الصحية العالمية بفعالية، خاصة خلال جائحة كوفيد-19.
القرار جاء كجزء من استراتيجية "أمريكا أولاً"، التي شدد ترامب على تبنيها في سياساته الداخلية والخارجية. وأكد في تصريح مقتضب عقب التوقيع أن الولايات المتحدة "لن تكون رهينة لمنظمات دولية غير شفافة وغير فعالة"، على حد تعبيره. وأشار إلى أن التمويلات الأمريكية الضخمة التي تُقدم للمنظمة ستُعاد توجيهها لدعم برامج صحية داخلية ولشراكات ثنائية مع دول أخرى في مجال الصحة العامة.
الانسحاب الأمريكي من المنظمة ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن أعلن ترامب هذا القرار في عام 2020 أثناء ولايته الأولى، إلا أن الإدارة التي خلفته بقيادة جو بايدن عادت وقررت الانضمام مجددًا، معتبرة أن التعاون الدولي في المجال الصحي أمر لا غنى عنه لمواجهة التحديات المشتركة.
منظمة الصحة العالمية من جانبها أعربت عن "أسفها العميق" لقرار الانسحاب، محذرة من أن هذا التحرك قد يؤثر سلبًا على الجهود العالمية في مواجهة الأزمات الصحية الناشئة، خصوصًا في وقت يشهد فيه العالم تهديدات صحية متزايدة.
في الداخل الأمريكي، انقسمت الآراء حول القرار. فقد أشادت القاعدة الجمهورية المؤيدة لترامب بهذه الخطوة، معتبرة إياها استعادة للسيادة الأمريكية وتعزيزًا للاستقلالية. في المقابل، وجهت أطراف سياسية ومنظمات حقوقية انتقادات حادة، متهمة الرئيس الجديد بتجاهل أهمية التعاون الدولي في تعزيز الأمن الصحي العالمي، وبأن القرار سيضر بمصالح أمريكا على المدى البعيد.
ويرى مراقبون أن هذا القرار سيكون له انعكاسات واسعة النطاق، إذ من المحتمل أن يعيد تشكيل العلاقات الصحية الدولية ويضع تحديات جديدة أمام الاستجابة الجماعية للأوبئة والأزمات الصحية. كما يطرح تساؤلات حول مستقبل دور الولايات المتحدة في النظام الصحي العالمي، الذي كانت تعتبر من أبرز الداعمين له لعقود.
بإعادة فتح ملف الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، يبدو أن ترامب يعتزم بدء ولايته الثانية بتحركات جريئة تعيد تشكيل ملامح السياسة الأمريكية، غير عابئ بالانتقادات أو التداعيات المحتملة على المستوى الدولي.
لا توجد تعليقات:
للأسف، لا توجد تعليقات متاحة على هذا الخبر حاليًا.
أضف تعليقك